الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبارك البريكي: عيد أجيالنا تواصل وتراحم لكنه أصبح رسائل و «تغريدات»

مبارك البريكي: عيد أجيالنا تواصل وتراحم لكنه أصبح رسائل و «تغريدات»
18 أغسطس 2012
قال مبارك سعيد البريكي الموظف السابق بميناء زايد في أبوظبي لأكثر من 30 سنة، إن ملامح العيد كانت ترتسم على ملامح الكبار والصغار، وكانت له أجواء وفرحة تعم المكان، وبقدومه تفوح رائحة طيبة وأجواء روحانية سواء في عيد الفطر المبارك مع فرحة الصائمين بإفطارهم، أو عيد الأضحى، حيث كان العيد يمثل للأجيال السابقة فرصة للتواصل مع الأصدقاء وصلة رحم الأقارب، لكن تحول بفعل تقنيات العصر المتطورة إلى رسائل نصية قصيرة أو«تغريدة» على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار مبارك البريكي إلى أن الآباء والأجداد كانوا يقدرون الموروث الأصيل، وشكل التراث جانباً مهماً في حياتهم، وكان أكبر تكريم ينالونه كلمة شكر أو إشادة بحق جهد بذلوه، حيث لم تتوافر لهم الإمكانات التي يجدها شبابنا الحالي، بفضل جهد ورعاية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات على مر السنين منذ بزوغ فجر الاتحاد. لكبيرة التونسي (أبوظبي)- رجع مبارك البريكي بذاكرته إلى الوراء، حيث عمل في ميناء زايد قبل 30 سنة، عندما كان رقعة صغيرة، واعتبره محور التجارة في رمضان، إذ تغزوا البرادات المكان وتشكل حالة طوارئ إلى أن يتم تحويلها إلى شاحنات مبردة، موضحاً أن أهم ما مر عليه خلال عمله مسألة الأمان التي عرفها الميناء طوال مدة عمله والوظائف التي تدرج فيها، كما عرف البريكي بشغفه بالتراث الإماراتي، مما جعله يسهم في إنشاء العديد من القرى تراثية ويسجل أكثر من 90 مشاركة داخلية وخارجية في هذا المجال. وتنقل البريكي بين وظائف وعمل في الميناء مدة ثلاثة عقود من الزمن، مؤكداً أن الموظف المثالي عنوانه الالتزام وحب العمل، حيث البريكي لم يتلق أي إندار، ولم يتغيب يوماً واحداً طوال أيام عمله، حيث عرف بمواظبته على عمله، فاعتبره المحيطون به نموذجاً مميزاً، كما أنه لم يتغيب يوماً إلا بموجب الإجازات السنوية، وحب عمله فأغدق عليه من خبراته ووقته، ولم يعشق عمله فحسب، بل استهواه تراث بلاده فانتسب لجمعية إحياء التراث، ومثل بلاده في الكثير من المحافل المحلية والدولية، حيث يحظى البريكي باحترام وثقة الكثير من الجهات التي توكل له مهمة تنظيم قرى ومعارض تراثية في مناسبات عدة، مؤكداً أن ما يقوم به يسعده، وأنه لا يقدم خدمات لبلده بقدر ما قدمت لأبنائها من خدمات كبيرة، يجب على الجميع السعي لرد جزء من هذا الجميل. محور مهم إلى ذلك قال البريكي، الذي يحمل العديد من شهادات التقدير وجوائز التكريم عما قدمه في سبيل خدمة بلاده من خلال وظيفته التي أداها على أحسن وجه، ونتيجة عمله في مجال التراث، إن ميناء زايد تطور بتطور نهضة العمران في أبوظبي. ويتحدث البريكي عن سير عمله وتطوره: كنت مسؤولاً عن النقليات والشحن والتفريغ، وقبل أن تنشأ محطة الحاويات بالميناء عملت في إدارة حركة البواخر في الميناء، ثم انتقلنا إلى محطة الحاويات. كما قضينا فترة غير قصيرة في الميناء، الذي شهد حركة قوية وتطور متسارع، بحيث توسع الميناء، فشيدت به مستودعات، وهذا التطور كان ضروريا ليتناسب مع طفرة العمران التي بدأت تعرفها أبوظبي، حيث عرف ضغطاً كبيراً، خلال استقبال مواد البناء،، وبدأ بذلك مسيرة تطور الميناء التي تشهد تغيراً نحو الأفضل، كل يوم عن الذي سبقه، وهو يستقبل منتجات عالمية تحتاج آلات متطورة لرفعها وتحميلها، من أجهزة اتصال، ورافعات شوكية، وغيرها من وسائل التعامل مع الأوزان الثقيلة. وأضاف، بعد ذلك بنيت محطة الحاويات ثم بواخر« الرورو»حيث تعمل على نقل السيارات، ودخلت هذه البواخر إلى الميناء بين سنة 1983 و1985، وكانت تحمل بضاعة ثقيلة، وتعمل على تنزيلها بشكل سريع، وبعد هذه الفترة شهد الميناء تطوراً آخر، حيث بدأ يستقبل بضائع عبارة عن مواد غذائية في حاويات كبيرة، من مختلف بلدان العالم. كما كان الميناء يستقبل الدجاج واللحوم والعصائر والخضار وغيرها من المواد والسلع الغذائية، وهذا كان يلزمه تجهيز مختلف، إذ يحتاج إلى مؤشرات حرارية ومحال خاصة مجهزة بطريقة تناسب البضاعة الجديدة، وذلك للمحافظة على درجة برودتها بالإضافة إلى جودتها، كما كانت تحتاج إلى سرعة ومرونة عالية في العمل ليتم سحبها وتوزيعها. ويوضح البريكي أن الميناء كان يستقبل أكثر من 30 حاوية في الساعة، وذلك ضمن خطط تطويره لينافس أكبر الموانئ العالمية، حيث امتاز بنسبة عالية من الأمان للعاملين، وصلت إلى درجة 100 % من هذه الناحية، مؤكداً أنه طوال مدة عمله لم تسجل أي إصابات أو وفيات في الميناء نتيجة حوادث. تراث وعرف البريكي بشغفه وولعه بالتراث، فانكب يرعى هذا المجال بجهده وحبه، خاصة بعد وصوله إلى سن التقاعد، إذ سجل أكثر من 90 مشاركة داخلية وخارجية، وساهم في إنشاء العديد من قرى التراث للجهات الرسمية وغير الرسمية، كما ساهم في الكثير من المهرجانات والمعارض المتنوعة، بالإضافة إلى فعاليات الاتحاد النسائي العام، والهيئات الثقافية بالدولة، وبعض الشركات والكليات، التي تحرص جميعها على إقامة هذه القرى بالقرب من منشآتها، خلال مختلف المناسبات الوطنية والدينية والخاصة، حيث تشهد تلك المناسبات إقبالاً متزايداً على الجوانب التراثية والثقافية. وأضاف، بدأت الاهتمام بالتراث من منطلق شخصي، حيث اعتبرته قيمة كبيرة في بلدنا، تميزنا بخصوصيات تراثية، تضعنا على خارطة السياحة العالمية، مشيراً إلى مدى إقبال السياح والزوار على بعض القطع التراثية، كما يوضح شغفهم بالبحث عن القلاع أو المساكن القديمة، بالإضافة إلى الصناعات التقليدية، مما شكل له حافزا دفعه إلى تعميق هذا الاهتمام فانتسبت لجمعية أصدقاء التراث. وقال في هذا الصدد: دخلت مجال التراث منذ مطلع الثمانينيات، ثم في عام 1990 انطلقت عبر جمعية إحياء التراث وشاركت رسمياً في أول فعالية في الجمعية، عبر عمل جماعي تمثل في إقامة معرض ملحق به قرية تراثية، كما ساهمت في تنظيم مسيرات الطلبة في الأعياد الوطنية. وكانت أهم مسيرة شاركت فيها، تلك التي حملت فيها مشعل الاتحاد، مع ستة من زملائي، وانطلقنا بالمشعل من «المجمع الثقافي في أبوظبي إلى إمارات الدولة كافة، على سبعة من الهجن، واستمرت مسيرتنا حوالي أسبوعين، وقمنا بتأسيس قرية زايد للتراث، وأقمناها في أرض المعارض بأبوظبي، بهدف إبراز الجانب التراثي في الدولة أمام الزائرين من الجنسيات كلها، حيث كانت تضم نماذج حية لمبان تراثية تشير إلى تفاصيل الحياة اليومية التي عاشها أبناء المنطقة قديماً، وقد تم تشييدها بأسلوب هندسي يناسب عراقة الماضي، إذ سعيت أن يكون تصميمها وفق نموذج من الماضي، وحسب طرق أجدادنا، بكل ما في البيئة البرية من بيوت الشعر ومستلزماته، والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية آنذاك، وكذلك البيئة البحرية بدءاً من بيوت العريش المصنوعة من سعف النخل، والسفن الصغيرة وشباك الصيد، إلى جانب إقامة سوق شعبي يضم مجموعة من الحرف اليدوية ومنتجاتها. ويتابع: كنت مسؤولاً عن قرية زايد للتراث، ثم نائب مدير القرية، ثم مدير قسم الإعلام فيها، ثم المشرف العام على المعارض، واستمر ذلك نحو عشرة أعوام، إلى أن صرت المعني رسمياً بإنشاء القرى التراثية، وإقامتها في العديد من مناطق الدولة، واستطعت تأسيس نحو 100 قرية تراثية، وذلك في غضون 15 سنة، كما شاركت في تنظيم أجنحة الدولة أثناء مشاركاتها في المعارض والتظاهرات الاقتصادية التي تقام خارج الدولة. رمضان والناس كما يوضح البريكي أن رمضان بالنسبة له رحلة روحانية في أعماق النفس، حيث يغوص في التدين، ويعتبره راحة من هموم الدنيا التي لا تنتهي، مؤكداً أنه فرصة لذكر الله والصيام والقيام، وأن الشهر يشكل فرصة للتزاور وصلة الرحم والحب والسلام، وهو من أهم الأشهر المحببة إلى قلبه، حيث يكثر الخير وترق الأنفس، ويزيد استعداد الناس لفعل الخير، وفي السابق كان رمضان يشكل أحد الروابط الكبيرة، بحيث تتجمع الأسر على أطباق وقت الإفطار، ويصلي الرجال مع بعضهم البعض، ومثل المسجد مركز تبادل الخبرات، حيث يعتبر محورا مهما في التضامن والتكافل ومساعدة البعض، فكان المحتاج والسائل يعرف من بقية المصلين، فيهب الجميع لمساعدته، وهذا ما كان يجعل الناس متقاربين ومتحابين، ولأن البعض منهم كان يعاني من العوز، فالصدقات كانت محلية تتم داخل البلد، إذ كان هناك من يحتاج الصدقة، وهكذا كان الخير يعم على الجميع محليا، أما اليوم فإن التكافل والترابط توسع وامتد من الداخل إلى خارج الدولة، بحيث أصبحت موائد الرحمن التي تقيمها الجهات الرسمية في كل مكان بالدولة، وفي العديد من الدول العربية والإسلامية. شهر عبادة وقناعة أشار مبارك البريكي إلى أن رمضان بالنسبة للأجيال السابقة كان شهر قناعة وعبادة، ولم يكن هناك تبذير ولا تهافت على المواد الغذائية، إذ نجد الآن على المائدة الواحدة العديد من أصناف الطعام عند بعض الأسر، حيث هناك بعض الأطباق من لا تطولها اليد. ووجه دعوته إلى المدخنين للإقلاع عن هذه الآفة، وانتهاز هذه الفرصة العظيمة لوقف هذه التدخين، بمناسبة شهر الخير والمحبة والتسامح والسلام وحلول عيد الفطر المبارك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©