كلامي اليوم ربما يغضب عدداً كبيراً من الفتيات والسيدات اللاتي يُغرمن بوضع أحمر الشفاه« روج»، وربما لم يعد الأمر قاصراً على اللون الأحمر فقط، فقد بتنا نرى شفاهاً ملونة بجميع ألوان الطيف، نرى شفاهاً زرقاء، وشفاهاً بنية، وشفاهاً بنفسجية، وشفاهاً حتى بلون «الحقيبة والحذاء» وذلك لزوم الأناقة والشياكة!
أجزم أن انزعاجي الشديد من كل هذه الألوان الغريبة ـ التي تترك آثارها عادة على أسنان النساء، ويبتلعن جزءاً ليس بقليل منها، ـ انزعاج ليس وليد عقد شخصية، فمن يكره أناقة النساء وجمالهن؟
إنني متأكد أن كثيرين غيري سيغيرون رأيهم عندما يعلمون أن سيدة همت بطبع قبلة على خد ابن أختها، حديث الولادة في أول مرة تراه، وتركت «خاتماً داكناً» يحمل حدود شفتيها كاملة على خدوده الوردية، حولتها إلى كتلة من اللحم الأحمر الملتهبة ازرقاقاً، عولج على أثرها لأيام طويلة من حساسية جلدية غامضة بسبب مركبات «الروج» الذي تستعمله خالته، وعولج من مضاعفات صحية عديدة هددت سلامته.
كثيرات معذورات، هن اللاتي لا يعلمن المركبات الصناعية السامة لألوان الشفاه، ولا سيما الأنواع الرديئة والمغشوشة، أو حتى التي تحمل أسماء لعلامات تجارية مشهورة، فالاختلاف يكمن فقط في نسب احتوائها على تلك العناصر البترولية المسرطنة. الباحثون يجزمون بعدم وجود «روج» لا يحتوي على مركبات: «الرصاص والكادميوم والكروميوم والألومنيوم»، فضلاً عن خمسة معادن أخرى على الأقل. وفي دراسة أميركية حديثة للغاية، أكدوا أن تلك المركبات السامة توجد في «الروج» بنسب ليست صغيرة، وتهدد الصحة بشكل كبير، بعد اختبار وتحليل ما يزيد عن 23 نوعاً مختلفاً من أحمر الشفاه. وأكد الباحثون أن وجود تلك المعادن بحد ذاتها ليس هو المشكلة، لكن المشكلة تكمن في الاستخدام المتواصل لأحمر الشفاه يعرض السيدات لمشاكل كبيرة على المدى الطويل، لارتفاع مستوياتها بالدم عندما يتم امتصاصها خلال ابتلاع المرأة جزءاً منها شيئاً فشيئاً، عبر البلع، أو امتصاص الجلد، وانتقال تأثير العناصر الضارة عند تبادل القبلات بالضرورة.
الملفت أن الدراسة أكدت أن أحمر الشفاه، والمواد العطرية الكيماوية التي يحتويها، حتى الذي تنتجه كبريات الشركات العالمية لمستحضرات التجميل أن نسبة 55% منه يحتوي على مادة الرصاص في أعلى مستوياتها الضارة وهو «3.22 جزء في المليون»، وأن أدنى مستويات الرصاص يمكن أن تسبب السرطان للأم أو للطفل الجنين، والإجهاض المبكر، وتسبب تشوه الأجنة، وتضر بمعدل الذكاء والقدرة على التعلم فيما بعد لأن «كبريتات الرصاص» تسبب تلفاً في الدماغ. أما مواد «الفازلين » الدهنية ، فيعرف أنها تصنع من النفط الذي يحتوي على أكثر من تسع مواد سامة، أبرزها الرصاص والكادميوم والألمنيوم. هل يأتي يوماً نقرأ فيه على منتجات «الروج» تحذير صحي يقول: «المنتج يسبب كثيراً من الأمراض أهمها السرطان» كما هو الحال على علب السجائر؟ أو نرى فيه شفاه النساء دون ألوان؟ أتمنى، وسلامتك!
المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
عدد اليوم
