السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ازدهار أعمال شركات خدمات حقول النفط

ازدهار أعمال شركات خدمات حقول النفط
18 أغسطس 2012
عملت تقنية تسمى عملية الحفر الموجه على الانتقال بنشاط الطاقة إلى آفاق كبرى. من خمسة عشر عاماً كان في مقدور أفضل الحفارات الدفع بعمود البئر في قوس خفيف. أما في أيامنا هذه يمكن دفع أعمدة الحفر رأسياً إلى عمق عدة كيلومترات ثم تدويرها دوراناً حاداً والاستمرار في الحفر أفقياً حتى مسافة تصل إلى 12 كيلومتراً (7 أميال). زادت هذه التقنية المساحة التي يمكن لحفار واحد تغطيتها. فعلى سبيل المثال تمكنت شركة نفط كندية من حفر بئر عمقها 13 ألف قدم (4000 متر) ثم واصلت الحفر أفقياً لمسافة 6500 قدم. وتقوم أجهزة قياس ملحقة بأعمدة الحفر بإرسال عشرات القراءات تشمل النشاط الإشعاعي للصخور المحيطة ومدى مقاومة تلك الصخور للموجات الكهرومغناطيسية وغيرها من البيانات. وفي مشروع الشركة الكندية أعطى الصخر قراءة إشعاعات لاسلكية منخفضة ما يشير إلى أنه صخر رملي، وأعطى أيضاً قراءة بأن مقاومته عالية، مما يشير إلى أن هذا الصخر يحمل نفطاً وهذا عمل فني شديد التخصص لا تستطيع سوى شركات قليلة إجراءه وغالباً ما تكون هذه الشركات غير بترولية. تعتبر شركات خدمات حقول النفط مثل شلمبرجيه بمثابة الجندي المجهول في صناعة النفط، فهي تؤدي معظم الأعمال الثقيلة المرتبطة باكتشاف النفط والغاز واستخراجه، وهي أقل شهرة كثيراً من شركات النفط التي تستأجرها، ولكنها تربح الكثير. وحققت شلمبرجيه المتمركزة رئاستها في باريس وهيوستن أرباحاً بلغت 5 مليارات دولار على إيرادات بلغت 40 مليار دولار في العام الماضي. وزادت قيمتها السوقية إلى أربعة أمثالها في العقد الماضي لتبلغ 91 مليار دولار وهو ما يفوق عدداً من شركات النفط الدولية بما يشمل إي إن آي (82 مليار دولار) وستاتويل (75 مليار دولار) وكونوكو فيليبس (71 مليار دولار). يلقي نجاح شلمبرجيه الضوء على تحول ملموس في ميزان القوة بين شركات النفط والشركات التي تخدمها. حتى تسعينيات القرن الماضي كانت شركات خدمات حقول النفط أصغر كثيراً وكانت تكسب هوامش منخفضة على أعمال مباشرة مثل عمليات حفر آبار رأسية. غير أن ذلك تغير تغيراً كبيراً. مع ارتفاع سعر النفط ارتفاعاً كبيراً، تهرول الشركات إلى استخراجه من آبار أعمق وأكثر تكلفة كثيراً من ذي قبل. وفي العقد الماضي زاد إنفاق صناعة النفط السنوي على الاستكشاف والإنتاج إلى أربعة أمثاله، بينما لم يزد إنتاج النفط سوى بنسبة 12% فقط. ودرجت كبريات شركات الخدمات التي تستثمر بكثافة في التكنولوجيا على النمو بما يقارب 10% سنوياً، وبحسب ماكنزي الاستشارية حققت شركات خدمات حقول النفط أرباحاً بلغ إجماليها نحو 750 مليار دولار العام الماضي. تنقسم شركات الخدمات البترولية إلى ثلاث فئات، بعضها يصنع ويبيع أدوات باهظة التكلفة لاستخدامها في الحفارات أو في قاع البحر، مثل شركة إف إم سي وشركة كاميرون وشركة فاركو الوطنية لآبار النفط التي تزيد قيمة كل منها السوقية على 10 مليارات دولار، وبعضها يمتلك ويؤجر منصات الحفر ويشمل شركة ترانسوشن وشركة سيدريل وشركة نوبل وشركة روان. أما الفئة الثالثة فهي التي تجري معظم الأعمال المتعلقة باستكشاف النفط واستخراجه والتي تهيمن عليها أربع من الشركات العملاقة هي شلمبرجيه وهالبيرتون وبيكر هيوز وويذرفورد انترناشيونال. كانت أغلبية هذه الشركات صغيرة نسبياً حتى ثمانينيات القرن الماضي إلى أن قررت بضع شركات نفط أن أعمال الحفر الرتيبة لم يعد من المجزي أن تجريها الشركات ذاتها. وكان استخراج النفط آنذاك سهلاً. وكانت عمليات الحفر تجني هوامش أرباح محدودة لا تتناسب مع رؤوس أموال مشاريع الحفر، ولذا قامت كبريات شركات النفط بتعهيد تلك الأعمال، وهو الأمر الذي أتاح المجال لشركات الخدمات البترولية لأن تنمو. تسارع النمو وتسارع نمو هذه الشركات على وجه الخصوص في أوائل تسعينيات القرن الماضي حيث تطلبت سوق النفط المتعطشة الجديد من التقنيات. وقد أدى ذلك إلى بلوغ نقلات نوعية في مجالي القياسات الزلزالية ثلاثية الأبعاد وعمليات الحفر الموجه. وتتيح هذه النقلات النوعية استخراج النفط بطرق اقتصادية من أعماق سحيقة أسفل قاع البحر ومن آبار كانت من قبل تعتبر ناضبة ومهجورة. غير أن تلك الاختراعات تتكلف الكثير، إذ تستثمر شلمبرجيه قرابة مليار دولار سنوياً على البحث والتطوير، وهو معدل إنفاق حافظت عليه حتى خلال الركود الذي أعقب أزمة 2008 المالية. وتسجل كبريات شركات خدمات حقول البترول ما يتجاوز ما تسجله كبريات شركات النفط من براءات اختراع. ومن المرجح أن يتزايد نمو نشاط النفط مع تنامي مهارة شركات الخدمات البترولية. يذكر أن الإنتاج العالمي من حقول نفط متقادمة ينخفض بنسبة تتراوح بين 2% و6% سنوياً. وفي بحر الشمال تناقص الإنتاج بنسبة 6% سنوياً في المتوسط منذ عام 1999. الطلب العالمي ومع تنامي الطلب العالمي على النفط بنسبة 1 - 2% سنوياً، هناك مخاوف متزايدة من تناقص المعروض. ولذلك بلغ سعر خام برنت الآن ما يزيد على 100 دولار للبرميل حتى عقب انخفاض السعر البالغ 20% خلال الأشهر القليلة الماضية. وتنشغل شركات النفط بكل قوة في البحث في مناطق أكثر بعداً مثل منطقة القطب الشمالي وفي البحار العميقة قبالة سواحل البرازيل. ويقتضي العمل في تلك الأماكن مزيداً من التكنولوجيا المبتكرة. إدراكاً للأمور بعد حدوثها يبدو أن قرار شركات النفط بتعهيد الأعمال البسيطة، كما لو كان فرصة ضائعة. كما أنه جعل شركات النفط رهينة لتوفر الخدمات المتزايدة التكلفة والضرورية المتراوحة بين عمليات الحفر المتعددة وحفارات المياه العميقة التي في مقدور عدد قليل من شركات خدمات حقول النفط تقديمها. لا يزال هناك حالياً قدر معقول من التنافس في معظم نواحي صناعة الخدمات. فلكل شركة خدمات بترولية كبرى نقاط قوة مختلفة وتتولى كثير من الشركات الأصغر أعمالاً تخصصية بعينها. ومع ذلك ففي بعض المناطق وخصوصاً البعيدة جغرافياً غالباً ما يكون المطلوب من الخدمات المعقدة أكثر من المعروض منها. والأمر الأسوأ لشركات مثل إكسون وبي بي، هو أن ذلك يأتي في وقت راحت شركات نفط وطنية تحكم قبضتها على نشاطها. خلال العقدين الماضيين حصلت هذه الشركات الوطنية على أفضل المساحات في معظم حقول النفط القديمة، حيث ساعدتها شركات خدمات حقول النفط على ذلك. ورغم أنه سبق لكبريات الشركات الوطنية الاستعانة بأكبر شركات النفط لتنفيذ الأعمال، إلا أن في مقدورها الآن إدارة المشاريع بأنفسها واستئجار الدعم الفني مباشرة من شركات الخدمات. وينطوي ذلك أحياناً على تقاسم محدود للمخاطرة بين الشركات الوطنية وشركات الخدمات كما هو حال المشاريع المشتركة التي تتم عادة بين شركات النفط. توافق شلمبرجيه مثلاً على قدر من المستحقات مقابل الأداء في العقود الكبرى. وإن استطاعت إنتاج نفط من البئر أكثر مما ينص العقد فإنها تفرض رسوماً أعلى. وتتجاوز بعض شركات الخدمات ذلك بأن تستحوذ على حصص صغرى في مشاريع الاستكشاف. ويتساءل بعض المحللين عن مدى إضرار كل ذلك بكبريات شركات النفط. منذ بضعة عقود كانت شركات النفط الوطنية مضطرة إلى الرجوع إلى كبريات شركات النفط للحصول على التكنولوجيا اللازمة لاستخراج النفط من باطن الأرض. أما اليوم تقدم شركات خدمات حقول النفط كل التكنولوجيا اللازمة ويتزايد استعدادها لتحمل بعض ذات المخاطرات التي تتحملها شركة النفط حسب مارسيل برينكهان من ماكنزي. ومع ذلك لم يحن الوقت بعد لتوديع إكسون. كما أن عقود شلمبرجيه المرتكزة على الأداء ليس لديها قدرة على امتلاك احتياطيات نفط. فهي تفتقر إلى رؤوس الأموال كالتي تحتفظ بها شركات النفط لتستطيع مواجهة المخاطر الهائلة التي تنطوي عليها عمليات استكشاف النفط. كما أنها تفتقر إلى خبرة إكسون في إدارة المشاريع الكبرى. وهي لا تريد أن تضايق عملاءها بأن تنافسهم. هذا بالإضافة إلى أن اختيار مكان الاستكشاف وطريقته (وهي نقطة قوة أخرى تتميز بها كبريات شركات النفط) أمر شديد الصعوبة. تقنيات الاستخراج وبدلاً من ذلك تخطط شلمبرجيه أكثر لما تتقنه وهو تطوير تقنيات استخراج النفط، وهي تنشغل مؤخراً بعقدها اتفاقيات استحواذ بما يشمل سميث انترناشيونال شركة أدوات الحفر الأميركية مقابل 11?3 مليار دولار والتي أمدتها بالخبرة العملية في معظم نواحي الاستكشاف والإنتاج. وهي تتطلع حالياً إلى إعادة تصميم العمليات برمتها. تجني العمليات ذات الكفاءة العالية مكاسب كبرى، ذلك أن استئجار حفار مياه عميقة كبير يتكلف نصف مليون دولار يومياً، وقد يستغرق الأمر ثلاثة أشهر لحفر بئر صعبة. وأي شركة خدمات بترولية تتمكن من تقليص بعض أيام من تلك الفترة ستترجم ذلك إلى أرباح. تعتبر عمليات الحفر مثيرة ومن المنتظر أن تزداد إثارة مستقبلاً. نقلاً عن: «أيكونوميست» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©