الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خصوصيات العائلة مستباحة بسبب حسابات الأطفال على مواقع التواصل

خصوصيات العائلة مستباحة بسبب حسابات الأطفال على مواقع التواصل
15 سبتمبر 2014 01:16
نشر صور أفراد الأسرة على إنستجرام أو التحدث عبر الفيسبوك عن آخر مشاريعهم لعطلة نهاية الأسبوع، ونقل أخبار البيت أولا بأول عبر الواتس أب، أمور تحدث هذه الأيام وبكثرة مع انتشار الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية في أيدي الأطفال. فهم على صغر سنهم وعدم تقدير أبعاد ما يفعلونه أو ينقلونه من أحداث خاصة بالعائلة، يضعون الأهل أمام مواقف مخجلة أحيانا. ولاسيما عندما يكشف بوح أبنائهم التلقائي كذب أقوالهم أو تصرفاتهم، فتكون النتيجة معاقبة الأطفال وتأنيبهم وكأنهم بذلك يفتحون بابا آخرا لسوء التصرف بدلا من إغلاق الباب الأول. سلوك ضبابي القاعدة النفسية تقول: إن أطفال الجيل الحالي لا ينفع معهم القصاص من دون شرح الأسباب أو المناقشة في شتى الأمور، لأنهم وبالرغم من براءتهم قادرون على تحليل ردات الفعل العنيفة، والتي قد لا تصب في صالح الأهل. وبالتالي فإن أي سلوك ضبابي من قبل أولياء الأمور، كأن يكذبوا علانية أمام أبنائهم في جلسة يحضرها الأصدقاء أو المقربون أو حتى الغرباء، لا شك يقابله ردة فعل لدى الأبناء. وردة الفعل قد تكون مباشرة بتصحيح المعلومة أو الاستغراب من طرحها غير الدقيق بعكس ما يتمنى الآباء أن يصوروه للآخرين، وقد تكون غير مباشرة عبر رسم صورة مشوهة للأهل وبأنهم ليسوا مثالا يحتذى به للصدق، مما ينعكس سلبا على شكل التعامل بينهم مع فقدان الثقة، ومع تكرار المواقف المشابهة تتولد حال من التوتر في البيوت وينشأ الأبناء على فكرة أن النفاق أمر وارد وقول غير الحقائق من قبل الأم أو الأب قد ينطبق على ما يوجهونه لهم. وهنا تكمن المعضلة الأساس عندما تهتز مكانة الأهل ويحل مكانها الشك في كل كلمة أو نصيحة أو تفسير. والمبرر أنهم كما يغيرون الحقائق للآخرين، فهم كذلك يفعلون مع أبنائهم لغاية منهم في إخفاء الواقع. وهذا مثال خاطئ للتربية لأن الصغار يتلقنون عن ذويهم تفاصيل الأخلاقيات بما فيها السلوكيات الإيجابية والسلبية. وغالبا يكون ذلك بالفطرة ومن دون أن يتنبه الأهل إلى أنهم يساهمون في بناء شخصية أبنائهم بكل ما يفعلونه وبكل ما يتفوهون به من صدق أو كذب أو مبالغة أو مراوغة. كشف الخصوصيات تتحدث آمال الطويل عن شعورها الدائم بالتوتر بسبب صفحات التواصل الاجتماعي التي باتت في متناول أبنائها. وتذكر أنهم لا يزالون في المرحلة الابتدائية، ومع ذلك لدى كل منهم حساب على فيسبوك وانستجرام. والمفارقة أن والدهم عندما استجاب لرغباتهم في مساعدتهم على تشغيل هذه الحسابات الإلكترونية، كان يظن أنها ستقتصر فقط على تبادل آخر نتائج الفوز لفرق اللعب الرقمي بينهم وبين أصحابهم. وكانت النتيجة أن الأمور تطورت إلى تبادل الصور العائلية والتحدث عن نشاطات العطلة ومشاريع السفر والزوار وما إلى هنالك. وتشير آمال، إلى أنها لم تتنبه إلى ما تسببه لها هذه الوسائل من إحراج، إلا عندما اكتشفت أن ابنها الأصغر يبعث يوميا إلى صاحبه ما يلتقطه مع أفراد أسرته من صور. وهذه الصور تشاهدها أم الولد التي من المفروض أنها لا تعرف شيئا عن خصوصيات بيتهم. وعليه ما كان بها إلا أن ألغت هذه الحسابات ومنعت أبناءها من فتح حسابات جديدة، لكنها لم تبرر لهم السبب خشية أن ينقلوه إلى أصحابهم ويزيدونها إحراجا. وتصف رضوة هاشم صفحات التواصل الاجتماعي بالكارثة الحقيقية، ولاسيما بالنسبة لصغار السن الذين يجهلون ما يترتب على ما ينشرونه. فهم وعن طيب خاطر يتشاركون صور أفراد الأسرة مع رفاقهم، ولا يعرفون أن بعض الأهالي لديهم الكثير من الفضول لتتبع أخبار الآخرين من خلال المواقع الإلكترونية الخاصة بالأطفال. وهذا برأيها منتهى قلة الذوق لأن من يبحث بهذه الطريقة عن أمور لا تعنيه هو شخص مريض نفسيا. وتذكر رضوة أنها عانت من هذا الموضوع قبل بضعة أعوام، لكنها عالجت الأمر بأن جلست مع أبنائها وتفاهمت معهم على أن كل ما يخص البيت من أخبار يجب ألا يخرج للآخرين. ومع أنهم لم يستوعبوا الأسباب، إلا أنهم تأقلموا شيئا فشيئا مع طلباتها. وهم نادرا ما يخطئون في تسريب أي معلومة أو صورة لأحد أفراد العائلة عبر الفيسبوك من باب أن وسائل التواصل هي لتبادل الأحاديث والصور العامة وحسب. العلاج بالصدمة حول تشخيص هذا المشهد الذي يهدد السلام الأسري ومبادئ التربية السليمة، يتحدث الدكتور محمد رمضان، رئيس قسم علم النفس في أكاديمية شرطة دبي. ويذكر أن الكبار عموما ينقلون اضطراباتهم النفسية إلى الصغار، وهم بالتالي ينقلونها إلى الخارج. ويجدر بالأهل أن يتعلموا الصدق من الأطفال وألا يكذبوا في أقوالهم أو أفعالهم، لأن أبناءهم لن ينقلوا عنهم إلا حقائق ما يرونه أو يسمعونه. ويوضح أن الطفل هو مرآة أمه وأبيه، وهو عن غير قصد سيفضح أي معلومة خاطئة تصدر عنهما أمام المجتمع، لأنهما ليسا المدرسة الوحيدة التي يتعلم منها. ويلفت رمضان إلى أن الجيل الحالي محاط بكم هائل من المصادر التي تبني شخصيته، ومنها البيت والمدرسة والنادي والأصدقاء والوسائل الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي وسواها. أي أن القدوة الصحيحة إذا لم تنطلق من البيت، فهذا لا يعني أنها لن تصل إلى الأبناء وأنهم لن يعرفوا التمييز بين الصواب والخطأ. ويوضح أن المشكلة لا تكمن في فضح أسرار الأهل أمام الآخرين من خلال أبنائهم، وإنما في الكذب الذي يعيشون فيه وفي الصورة التي ينقلونها إلى أبنائهم على أنهم منافقون. ويرى أن الحل في زرع مفاهيم تربوية صحية لدى الطفل حول احترام خصوصيات البيت، وتعليمه مواجهة «العلاج بالصدمة». أي أن ينتبه إلى نوعية الصور أو المعلومات التي يتبادلها مع رفاقه، ليس خشية من فضح أي سر، وإنما حرص على الأمور الخاصة. وأن يتعامل مع الفضوليين الذين يحاولون البحث في أفكاره للتعرف إلى معلومات تخص أسرته بمثل هذه الإجابات: «لماذا تسألون؟ هذا لا يخصكم. أمي قالت لي بألا أسأل فيما لا يعنيني وألا أجيب على ما يخصني ويخص أسرتي». براءة الأطفال التي تتسبب بنقل أسرار بيوتهم إلى الآخرين، أمر يعاني منه الأهالي على مر السنين، إلا أن الوضع يتفاقم في عصرنا الحالي مع توافر وسائل التواصل الاجتماعي بين أيدي الصغار، والتي يتحولون بسببها وبغير قصد منهم إلى وكالات أنباء متنقلة، وهذا ما يوقع أولياء الأمور في الكثير من المواقف المحرجة ويدخلهم في دوامة الصواب والخطأ مع المجتمع من جهة ومع أبنائهم من جهة أخرى. سوء الظن يعتبر أحمد السعدي أنه من غير المنطقي أن يحرم الأهل أبناءهم من التفاخر بنشر صور العائلة على مواقع التواصل الاجتماعي كما يفعل الآخرون في سنهم. ويجد أن زرع مفاهيم خاطئة في ذهن الطفل، من شأنه تشويه منطق البراءة لديه وتعويده على الانكماش وسوء الظن بالآخرين. في حين أن التصرف الصحيح هو التعامل مع الأمر بروح رياضية، وأن يعيد الأهل أنفسهم النظر في سلوكياتهم، كي لا تناقض أقوالهم أفعالهم. وعندها مهما نشر الأبناء من معلومات لن تكون مصداقية الأهل مهددة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©