الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفن السابع يحتضر في موريتانيا

الفن السابع يحتضر في موريتانيا
14 سبتمبر 2014 20:35
أصاب الإحباط السينمائيين في موريتانيا بعد أن أغلقت آخر وكبرى صالات العرض السينمائية أبوابها في العاصمة نواكشوط، بسبب ضعف الإقبال، واعتبر عدد من السينمائيين أن هذا الحدث كان آخر مسمار يمكن أن يدق في نعش السينما المحلية التي أصبحت بالفعل تحتضر، داعين إلى إنقاذها مما تعانيه وإعادة إحيائها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة. وتعاني دور السينما منذ نحو 15 عاماً ضعف الإقبال، فجمهورها المحدود أصبحت لديه اهتمامات أخرى، ويعتبر النقاد أن سبب إغلاق القاعات السينمائية يعود بالأساس إلى عزوف طبقة المثقفين عن ارتياد دور السينما وانشغال الشباب بما أحدثته ثورة الاتصالات الجديدة من انتشار للفضائيات والإنترنت،إضافة إلى إقبال شباب الأحياء الفقيرة وأطفال الشوارع الذين كانوا يشكلون نسبة مهمة من جمهور السينما على محال الفيديو والألعاب المنتشرة في الأحياء الشعبية التي تعرض الأفلام نفسها المعروضة في القاعات بأسعار زهيدة. عزوف الجمهور يقول الناقد الفني يحيى ولد أحمدو: «إن إغلاق آخر دور السينما في العاصمة يعني القضاء على أحلام السينمائيين فرغم النظرة الدونية للفن عموماً لدى غالبية المجتمع الموريتاني المحافظ الذي وقف من الفن السابع خاصة موقف شك وريبة، فإن دور العرض كانت تمنح للسينما قبلة الحياة من حين لآخر بعرض أفلام عالمية ومحلية، واليوم، لم يعد العرض التجاري ممكناً وأصبحت المراكز الثقافية والشبابية القليلة المكان الوحيد لعرض الأفلام». ويشير إلى أن موريتانيا لا تملك صناعة سينمائية ولا تدخل السينما في حيز اهتماماتها، لكن محاولات بعض السينمائيين استطاعت القفز بالسينما المحلية إلى منصة العالمية مما أعطى الأمل للشباب المولع بالسينما بالاستمرار، ويضيف «النجاحات التي حققها المخرج الشهير عبد الرحمن سيساغو والاحتفاء بفيلمه الأخير في أشهر مهرجان سينمائي «كان» شجع إلى حد ما على تغير النظرة السلبية للموريتانيين عن السينما، كما منح الأمل للسينمائيين لبذل مزيد من الجهد والعطاء لتطور هذا الفن في بلد المليون شاعر الذي لا يتذوق سوى الشعر والأدب». ويدعو ولد أحمدو، الدولة إلى القيام بواجبها وتشجيع المستثمرين في مجال الإنتاج السينمائي وافتتاح دور عرض جديدة ومنح امتيازات للاستثمار في مجال المهن السينمائية ودعم الأفلام القليلة المنتجة. الأفلام التجارية تعتبر السبعينيات والثمانينيات فترة عز بالنسبة لدور السينما في موريتانيا، ثم تدخلت عدة عوامل لتعصف بدور العرض واحدة تلو الأخرى، أهمها الفضائيات التي أثارت اهتمام جمهور السينما واستعاضوا عنها بدور السينما، كما أن استسلام دور العرض لموجة الأفلام الجريئة وانجرافها لموجة السينما التجارية التي اعتمدت على الإثارة والإغراء، افقدها جمهور النخبة وأثار علماء الدين ضدها فما لبثت أن اختفت صالات السينما تدريجياً. لكن الملاك السابقين للصالات السينمائية يدافعون عن أنفسهم أمام هذه التهمة بالقول، إن موجة الأفلام التجارية الجريئة اجتاحت جميع الدول ولم تقض على دور السينما إلا في موريتانيا، مؤكدين أن غياب ثقافة «الفرجة السينمائية»، وعدم الاهتمام الرسمي بالسينما أثر سلباً على الفن السابع وقضى على دور العرض. ويدعو عدد من النقاد والمهتمين إلى فتح نقاش حقيقي لمناقشة أزمة إغلاق دور السينما ووسائل دعم السينما المحلية التي بإمكانها أن تعيد الجمهور إلى دور العرض بعد افتتاحها من جديد، ولاتزال السينما الموريتانية مقلة في إنتاجها بسبب غياب مراكز التكوين في المهن السينمائية وعدم دعم الأفلام القليلة المنتجة. هجرة المخرجين وتسبب هذا الوضع في هجرة السينمائيين الموريتانيين إلى دول أفريقية وأوروبية خاصة المخرجين، فعلى الرغم من رغم الظروف التي يعاني منها الفن السابع في موريتانيا إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور مخرجين متميزين مثل سيدين سوخاني، ومحمد ولد السالك، ومحمد هندو، وعبدالرحمن سيساغو، والذين يعتبرون من أمهر المخرجين الموريتانيين. ويعد عبدالرحمن سيساغو من أهم المخرجين الأفارقة، حيث دخل هذا العام المنافسة على «السعفة الذهبية» لمهرجان «كان» بفيلمه المثير «تمبكتو غضب الطيور» الذي تحدث عما عانته مدينة تمبوكتو العريقة خلال الفترة التي سيطرت فيها الجماعات الإسلامية المسلحة عليها. وكان سيساغو قد شارك في لجنة تحكيم الدورة الستين لمهرجان «كان»، قبل أن يعود إلى بلده حيث شغل منصب مستشار الرئيس الموريتاني، لكن إغراء الفن السابع أخرجه من القصر الرئاسي ليعود إلى عالم الإخراج من جديد، وحصل سيساغو، خلال مسيرته المهنية المتميزة على جوائز عدة في «كان» وبرلين والقاهرة، ودبي، وقرطاج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©