الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التضاد يبتكر دهشته

التضاد يبتكر دهشته
25 نوفمبر 2010 14:36
الرسم لدى رملاء الحلال الفنانة التشكيلية السعودية ليس صيغة ملونة أو أدوات جمالية فقط، بل ثمة بحث في المقاربة بالحس البصري مع الانسان في عوالمه وحياته بعيداً عن جماليات المباشر والعقلي والعيني والواضح الذي قد لايكون فنا إنما حرفة متقنة الصنع. من سيهات في شرق السعودية حيث لغة النوارس أقرب إلى الذاكرة وصوت الموالات البحرية لايبرح أمكنة الروح، وحيث منظر القوارب لايزال ساكنا في الكثير من ذكريات المكان.. كل ذلك يختزل الرؤيا ويفتح نوافذ التأمل طوال في تجربة هذه الفنانة التي يسكنها هاجس البحث عن الجديد والخاص وعن حاسة تذهب إلى قيمة نتاجها من خلال التفرد. في أعماله ضمن “البوب آرت” وهو الفن الحديث المعاصر سنشاهد عدداً من اللوحات البسيطة في طرحها والتي تحمل تضادا لونيا يخلق حالة خاصة في كل مرة، كما شاهدناها في لوحات شهيرة لفنانين رسموا غيفارا أو مارلين مونرو مثلا مع رواج الفن التجاري أيضا، أو كما في أعمال آندي وراهول عن علبة الفاصوليا أو زجاجة الكوكاكولا. وسنعثر لدى رملاء الحلال ملامح لنساء ورجال يشكلون بشكل أو آخر حساً إنسانياً وجغرافياً مفتوح المعالم وحكاية خلف كل تضاد يتخلق. رملاء في “البوب آرت” لاتنطلق من مماهو مسبق أيا كان، وإنما من تأصل الفكرة في داخلها وشعورها بقدرة الفكرة او الاتجاه على التعبير عما تحويه روح الفنان، وهذا التأصل يشبه إلى حد كبير فروع شجرة ممتدة لكنها تاخذ أشكالا عديدة في كل مرة، وتشكل فيما بعد وحدة التجربة تلك الوحدة التي تتكون من امتزاج العناصر المتضادة: الفرح والحزن والحياة والموت والماء والنار حيث سيكون كل المتعدد واحداً. ولأنها كما يبدو تعيش عزلة خاصة وحالة انسجام منفردة مع كل عمل بل مزاجية فنية ورفض للتقيد بمنهج معين أو مدرسة أصبح هناك جهة مختلفة كل مرة، وتجربة تراكم نفسها لتسير بخطوات متنوعة اوسع. فهي في لوحة “المركب” تستخدم الكولاج بأدوات مثل الخشب والكرتون والصور المأخوذة من واقع حقيقي وبصمة الابهام بالحبر الأزرق في وسط هذا الركام، حيث العودة إلى البحر والتي قد تكون مجموعة لوحات تشكل تجربتها الجديدة. ولأن الزمن ولى على ذكرى المركب نجد عبارات مكتوبة بخطوط عشوائية عن عرض بيع المركب أو تواريخ لأشخاص لهم علاقة بحياة المركب وسيرته. وفي ركن آخر سنعثر على تجربة أولى قدمتها رملاء وهي عبارة عن رقصة على أصابع البيانو فنتازية وطارئة من بين أعمالها، تلك الرقصة التي تدخلها رملاء ضمن طقس تمارسه في كل مرة تذهب إلى ألوانها وفرشاتها وأدواتها الأخرى، فتصطحب الموسيقى والبخور أو في مرسم تتجمع فيه الفنانات في سيهات، حيث روح الورشة التي عرفتها رملاء مدة من الزمن، ومن هناك تشكلت أعمال أخرى شبيهة برقصة البيانو في إحساسها واتجاهها الفني من المرسم حيث البداية كانت مع قلم الرصاص والفحم والألوان الزيتية، حيث ستبدأ رملاء عشقها للبورتريه خصوصا او كما تعبر هي تعلقها بالشكل الانساني. في تجربة رملاء الحلال سنلحظ أنها تطمح إلى احداث هذه الحساسية الفنية العالية بالأشياء وبحاسة اللون وبقية الأدوات.. ذلك الطقس سيأخذ شكلا آخر مع التشكيلية السعودية التي تعيد صياغة لوحتها من جديد، وأحيانا سيبدو لها أنها بحاجة إلى تغيير العمل أو الإضافات في كل مرة وفقاً لمزاج فني بحت، وأيضا إمعاناً في الوصول إلى تلك الملامح التي تشبهها خارج سلطة الموروث والمألوف ومتصلة بما هو جديد ومتجاوز حتى تكتمل اللوحة...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©