الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دور الدين في التعامل مع الأزمات الاقتصادية

18 أغسطس 2012
حث القادة الدينيون من أميركا اللاتينية وإسبانيا والبرتغال في شهر يونيو الماضي وفي المؤتمر الثاني للقمة الأيبيرية- الأميركية عبر الديانات في برشلونة، الدول الأعضاء على "الاعتراف بالأصول الأخلاقية للأزمة الراهنة، وعلى دعم واحترام جهود الجاليات الدينية في الحد من تزايد الفقر نتيجة للأزمة". ويبدو أن ثمة رؤية شبه مشتركة بين الأديان حول التحديات المالية، إذ ينظر القادة الدينيون من ديانات متنوعة إلى الأزمة الاقتصادية، ويعلنون أن الجشع يلعب دوراً مهماً فيها. المشكلات المالية قد توفر تحدياً مشتركا لرجال الدين، وهذا بدوره يشكل مصدر قلق مشترك يحمل في طياته إطاراً جديداً لحوار الأديان، حيث إن التضامن تجاه المحتاجين يشكل عنصراً مشتركاً متأصلاً في جميع ديانات العالم. وبالإمكان القول إن هناك حاجة لاقتصاد أكثر رحمة وأخلاقية، ويبدو أن رجال الدين، بمن فيهم الأئمة والقساوسة والحاخامات والرهبان البوذيون والراهبات الكاثوليكيات مصممون بشكل متزايد على جعل أصواتهم مسموعة. أوصى رجال الدين خلال القمة الأيبيرية- الأميركية عبر الديانات أن "يحمي القادة السياسيون، كل في بلده، كرامة كل إنسان في عملية إعداد السياسات العامة للتعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة، والتغلب على الفقر وعدم المساواة". كما قاموا بإصدار تذكير بالحاجة للبقاء ملتزمين بالأهداف التنموية للألفية لعام 2015، التي تضم مكافحة الفقر "بدون استخدام الوضع الراهن كمبرر لتأجيل إنجازاتها". أصبح لهذا الموضوع أهمية متزايدة في حوار الأديان. ولقد تعمّق مؤتمر بين الديانات نظّمه حزب الشعب الأوروبي المحافظ خلال شهر نوفمبر الماضي في استرجوم بهنجاريا، في دور الدين والمؤسسات الدينية في التعامل مع الأزمة المالية. ناقشت الوفود المائة في وثيقتها النهائية بأن "الأسباب وراء المشاكل الاقتصادية ثنائية: اقتصـاد السوق ليـس اجتماعياً وبيئياً بشكل كـاف، والمؤسسـات الحاليـة لا تملك بعد الآليات الضرورية للتفاعل بشكل مناسب مع العولمـة. ربما تعمـّق ما يسمى بالإجراءات المضادة للأزمات، التي تسعى إلى دعم النمو الاقتصادي، عدم المساواة وتفاقم الأحوال البيئية على المدى البعيد". في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الأمم لتحقيق استراتيجيات عملية لإيجاد سبيل للخروج من هذه الأزمة، يشعر القادة الدينيون أن بإمكانهم المساهمة من منظور اجتماعي وديني في حوار يجري على صعيد العالم كله. ومن وجهة نظرهم، تقع الأخلاقيات في جذور الأزمة المالية العالمية، والأخلاقيات هي مساحة يشعرون فيها أن لهم حقا في إعلاء صوتهم. لا ينوي القادة الدينيون تقديم نظريات اقتصادية، ولكن بعض مقترحاتهم تعكس النماذج القائمة من التنمية الاقتصادية والنمو المستدام. وعلى سبيل المثال، ذكر هؤلاء المجتمعين في استرجوم، وكان معظمهم من المسيحيين، نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي، المقرّب إلى قلب الديمقراطيين المسيحيين الألمان، وهو نظام تدير فيه الصناعة والتجارة شركات خاصة، ولكن ضمن حدود تضعها الحكومات الوطنية لضمان فرص متساوية ومسؤولية اجتماعية وبيئية. وفي مناطق أخرى من العالم، تم عرض نماذج اقتصادية أخرى على الحكومات والمجتمع المدني. وقد ناقش علماء مسلمون في مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، الذي يستضيف لقاء سنوياً بين الديانات بدولة قطر، في اجتماع عقد عام 2009 أن التمويل الإسلامي يمكن أن يشكّل أداة ليس فقط لحل المشكلة الحالية وإنما كذلك لمنع المزيد من الفشل في النظام المالي العالمي. بعد 1400 سنة من الممارسة، تعتبر قوانين الأعمال الإسلامية عادة محافظة في توجهها نحو المخاطرة، وبوجود لوائح أخلاقية واضحة وراءها، فهي تستطيع توفير شكل من أشكال الأمن، التي يبدو أن الرأسمالية التي يدفعها السوق غير قادرة على تقديم المزيد منه، وضمن هذا الإطار اقترح العديد من المفكرين غير المسلمين هذه الآليات. يمكن لجهد مشترك في مجال حوار الأديان أن يصبح أداة قوية للتعاون دعماً لحلول للأزمة المالية. ورغم أن بعض المؤسسات الدينية والأحزاب السياسية وقعت كذلك في شرك الجشع، فإن ديانات العالم تتشـارك في إيمان معمّق بأن الإنسان هو القيمة الأساسية في جوهر الاقتصاد، ويجب أن يُعطى صوتاً في تصميم المبادئ الجديدة للنمو الاقتصادي. ماريا باز لوبيز كاتبة متخصصة في الشؤون الدينية بصحيفة لا فانغارديا اليومية الإسبانية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©