الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحداث «أميان»... أول اختبار لهولاند

18 أغسطس 2012
بعد عقد من التوترات والاضطرابات في الضواحي الفرنسية تحت حكومات اليمين السابق، ذاق الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند طعم الاضطرابات الاجتماعية هو أيضاً، هذا الأسبوع. وكما حدث في العديد من المرات من قبل، كان غضب سكان أحد الأحياء الفقيرة من ممارسات الشرطة الفرنسية مثل التفتيش العشوائي على رخص قيادة السيارات وغيرها من إجراءات التحقق والتحري عن الشخصية، هو الذي أطلق شرارة الاحتجاجات التي استمرت ليومين متتاليين، وشهدت إحراق عدد من السيارات وإصابة 17 رجل شرطة في مدينة أميان الواقعة شمال باريس وتعهد "هولاند" ليلة 14 أغسطس باستعادة النظام. وفي اليوم التالي شهد الحي الذي اندلعت فيه الاضطرابات هدوءاً نسبياً بعد وصول تعزيزات من الشرطة إليه. وكان وزير الداخلية الفرنسي "مانويل فالس"، عندما زار الحي ليلة 14 أغسطس، قد تعرض لعبارات حادة غاضبة وصيحات استياء من قبل مجموعة من المحتجين عندما أعلن شجبه للعنف الذي وقع. واضطرابات أميان تمثل أول اختبار في صورة قلاقل مدن يواجه هولاند. والسؤال هنا هو هل يستطيع الرئيس الجديد في زمن التقشف، أن يمد يد العون والمساعدة للأحياء الفقيرة، ويحقق تقدماً في مجال إصلاح سياسات التعامل الخشن مع المحتجين، وهي محل كراهية وسخط شديدين من جانب السكان، وقد كانت تمارسها الشرطة في عهد سلفه في المنصب نيكولا ساركوزي. يشار إلى أن مدينة أميان مصنفه باعتبارها "منطقة حضرية حساسة" في فرنسا، ويعاني سكانها الذين يتكونون في معظمهم من المهاجرين الأفارقة والعرب، من مشكلات اقتصادية بسبب البطالة التي وصلت نسبتها إلى 45 في المئة على وجه التقريب، ما يعني أن اثنين من كل ثلاثة من السكان من دون عمل. ومنذ خمس سنوات وعد الرئيس السابق ساركوزي بتطبيق "خطة مارشال" خاصة لتطوير الضواحي والأحياء الفقيرة في المدن الفرنسية المختلفة، وحل مشكلاتها العديدة، ولكن تلك الخطة لم تتبلور أبداً في الواقع العملي. وترى الشرطة أن سلوك العصابات، والعداء المتفشي لها في تلك المناطق، يجعل منها "مناطق يصعب الاقتراب منها" على حد تعبير مسؤولي الشرطة -ناهيك عن إصلاحها. وفي الاضطرابات التي وقعت خلال الأيام الماضية تم إضرام النار في السيارات، وحاويات القمامة، وتهشيم واجهات المحلات، وتدمير أحد المطاعم، كما تم إطلاق طلقات خرطوش من جانب المحتجين، وإن كان هناك تقرير مختلف يقول إنها كانت طلقات مدافع رشاشة. وكان التفتيش على الهويات الشخصية الذي أجرته دورية أمنية اعتيادية في المدينة، والذي كان سبباً في اندلاع شرارة الاضطرابات، قد وقع بالقرب من موكب عزاء في يوم 12 أغسطس، أقيم لشاب مات في حادث دراجة نارية ليس له علاقة بالأحداث. وقد قام وزير الداخلية "فالس" بزيارة لوالدة المتوفى يوم الثلاثاء الماضي، واشتكت له من الإجراءات التفتيشية الاستفزازية من جانب رجال الشرطة التي جعلت سكان أحياء المدينة الفقيرة يحسون بأنهم يعاملون كالحيوانات من قبل أجهزة فرض القانون -وفقاً لما جاء في صحيفة "لو كوريي بيكار". ويقول سكان المدينة إن الحملات التفتيشية على تحقيق الشخصية ورخص القيادة تتم بشكل متكرر وبأسلوب مهين للكرامة يختلف عن ذلك الذي يتم به الأمر في باريس أو أي مدينة من المدن الكبرى. وعلى رغم أن مدينة أميان كانت قد شهدت أحداث شغب وقلاقل في الاضطرابات التي عمت عدداً من المدن الفرنسية عام 2005 قبل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في ذلك العام؛ وكذلك على رغم أن المدينة قد تمرست وتعودت على الاضطرابات، إلا أن الأحداث التي وقعت فيها خلال الأيام الماضية كانت هي الأعنف على الإطلاق، حيث قام الشبان الغاضبون بإطلاق الصواريخ والألعاب النارية على الشرطة التي ردت باستخدام الغازات المسيلة للدموع والرصاصات المطاطية. يشار إلى أن استراتيجية الشرطة الفرنسية في مواجهة الاضطرابات قد تغيرت منذ عشر سنوات تقريباً من استراتيجية "شرطة المجتمع" إلى استراتيجية أخرى أكثر عنفاً، واستعداداً للمواجهة. وكان "ساركوزي"، عندما كان وزيراً للداخلية عام 2005 قد توعد بإدخال مدافع المياه التي تستخدمها الشرطة إلى الأحياء المضطربة وهو ما أثار في حينه قدراً كبيراً من الاستهجان. ولكن وزير الداخلية الحالي "فالس" عندما زار أميان هذا الأسبوع، كان حريصاً على عدم تكرار الخطأ الذي وقع فيه ساركوزي من قبل، وقال إنه لم يأت إلى المنطقة كي يدخل مدافع المياه إليها، وهو ما مثل في نظر المراقبين إشارة على احتمال إجراء تغيير إضافي في السياسات التي تتبعها الشرطة في التعامل مع سكان تلك المناطق. وخلال الربيع الماضي قامت مجموعة من سكان إحدى المناطق الفقيرة برفع دعوى عامة أمام إحدى المحاكم الفرنسية ضد ممارسات الشرطة الخاصة. وهولاند الذي أكمل الآن 100 يوم في منصبه، انتخب إلى حد كبير على أساس برنامجه الذي كان يدعي من خلاله أن سياساته ستعمل على توحيد الشعب الفرنسي. ويقول بعض المراقبين إن هولاند سيقوم -على الأرجح- بالاستجابة لاضطرابات أميان على هذا الأساس، وإن كان لا يزال من المبكر للغاية التنبؤ بالشكل الذي ستكون عليه مثل تلك السياسات. روبرت ماركواند باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©