الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شخبطة» الأطفال مرآة صادقة للشخصية

«شخبطة» الأطفال مرآة صادقة للشخصية
22 يناير 2015 20:55
خورشيد حرفوش (أبوظبي) الرسم هو اللغة الأولى التي عبر بها الإنسان عن نفسه منذ القدم، ويعد بلا شك أقدم الفنون الإنسانية التي يستطيع الإنسان من خلاله أن يصف الأشياء كما يراها، أو كما يتصورها. والطفل بغريزته الفطرية يرغب في التعرف على ما تحتويه البيئة وما يحيط به من مواد وأشياء، وبالـ «الشخبطة» يستطيع أن يعبر عن علاقته بها. والطفل أيضاً كما هو شغوف بالطيور والحيوانات، نجده أكثر شغفاً بالرسوم الكاريكاتورية والكارتونية البسيطة والألوان، وينجذب تلقائياً إلى الألوان الطبيعية الزاهية، ويحاول في طفولته المبكرة أن يمسك الأقلام الملونة و«يشخبط» بها خطوطاً وأشكالاً غير منتظمة في لغة خاصة يريد من خلالها أن يفصح عن ذاته. وهذه الخطوط الحرة الريئة ما هي إلا نتاج طبيعي تلقائي لخيال الطفل، وما يحتوي من صور وأحاسيس وعالم بسيط وبريء يحاول أن يعبر عنه بتلك الخطوط. لكن.. هل يمكن للآباء والأمهات استثمار عشق الطفل للرسم والألوان، في تطوير خياله، وإكسابه بعض الخبرات والمهارات والعادات والمعارف من خلال الرسم؟ مراحلالبروفيسور الدكتور فؤاد أسعد، الخبير الدولي في التواصل الاجتماعي وعلم الخطوط وفك شيفراته، يشير إلى أهمية التعرف على المراحل الأساسية التي يمر بها الطفل خلال تعلمه الرسم حتى يمكن استثمارها في تعليمه أي خبرة أو مهارة ما، ويقول: «إن المقصود برسوم الأطفال هي تلك الخطوط الحرة التي يعبرون بها على أي سطح كان إذا كان بإمكانه الإمساك بالقلم، وفي أي سن يبلغونها، ويقومون فيها بتخطيطات غير منظمة ومضطربة، وعندما يبلغ الطفل سنة ونصف تقريبا يبدأ يخطط تخطيطات البندولية، وفيها تكرار لنوع واحد من الحركات يأتي نتيجة تحكم في قواه الحركية إلى حد ما، تتبعها التخطيطات الدائرية، وفيها يتحكم الطفل تدريجيا في عضلات أصابعه، ويقدر على ضبطها إلى حد ما فيبدأ يخطط تخطيطات دائرية ويزاولها فيما بعد.أما المرحلة الثانية، فتأتي في سن الرابعة تقريباً، وفيها نلاحظ أن التحكم في الرؤية أخذ في التقدم، ويصبح رسم الإنسان هو الموضوع المحبب، ويرسمه الطفل في صورة دائرية لتمثيل الرأس ونقطتين للعينين وزوج من الخطوط المفردة للأرجل ثم يضيف دائرة ثانية لتمثيل الجسم وفي بعض يضع زوجا من الخطوط لتمثيل الذراعين ويلاحظ أن الأقدام تظهر في الرسم كثر من الذراعين». ويكمل الدكتور أسعد: «في المرحلة اللاحقة، يصبح الطفل لديه قدرة أكبر، ويرسم بعناية واضحة، لكن في صورة رمزية بدائية، وتوضع التفاصيل بشكل أفضل، لكن الطفل يحافظ إلي درجة كبيرة على نفس الشكل لتحقيق أغلب أغراضة ويحدث هذا في مدة طويلة. أما المرحلة الرابعة، فتتسم رسومه بالواقعية الوصفية، فالطفل يضع على الورق ما يعرفه لا ما يراه، ويحاول أن ينقل أو يعبر أو يدون كل ما يتذكره أو كل ما يهتم به في الموضوع، ويصبح الموجز الشكلي في هذه المرحلة أكثر صدقا من ناحية التفاصيل، ويتخذ الطفل الرسم الجانبي كمحور في تعبيراته ولكن المنظور والظل والنور والغموض والقواعد التي تمكن المصور من محاكاة الأشياء بصورة تامة لا تظهر بوضوح، والطفل لا يعيرها أهمية ويظهر اهتماما بإبراز التفاصيل الزخرفية، بعدها تأتي مرحلة الواقعية البصرية في سن 9 -11 سنوات، حيث ينتقل الطفل من مرحلة الرسم من الذاكرة والخيال إلى مرحلة الرسم من الطبيعة، ثم ينتقل بعد ذلك إلى مراحل أخرى أكثر نضجاً». تنمية مهارات ويكمل الدكتور أسعد: «ما من شك أن عالم الرسم، وشغف الطفل به، باب سحري يمكن من خلاله أن يستثمره الآباء والأمهات في تعليم الطفل مهارات وخبرات لا حصر لها، سواء كانت تتعلق بتدريب العقل، والتأمل في إيجاد واكتشاف العلاقة بين الأشياء، وربط البيئة ومحتوياها بثقافة الطفل، والتعرف على مكونات البيئة وفوائدها، واستخداماتها، ثم صقل مهارة إدراك الحواف أو التحديد، وإدراك الفراغات والمساحات السالبة، وفهم معنى الزوايا والنسب، وإدراك الضوء والظلال، والألوان واستخداماتها. فالطريقة التي يستخدمها الأطفال في رسومهم لها علاقة بالأساليب التعبيرية، وبديهي أن تنمية هذه الطرق لها ارتباط وثيق بتنمية الطفل كما أنها في نفس الوقت تعتبر مفتاحا لتربية وتنشئة اجتماعية شاملة». ويلفت الدكتور أسعد إلى أن الرسم وسيلة لتفريغ طاقات الطفل في أمور إيجابية مثمرة، ويمكن من خلاله التعرف على الألوان وعلاقتها بالطبيعة والحياة الاجتماعية المحيطة ودلالات استخدامها، وتنمية روح الخيال، والحس الجمالي والذوق الفني عند الطفل، إلى جانب كونه وسيلة عملية وفعالة لتفريغ الشحنات الانفعالية السلبية كالغضب والعدوان والخوف، كما هو وسيلة للتعبير والتواصل مع الآخرين عند الأطفال الانطوائيين، والتعرف على الحالة التي يعيشها الطفل أثناء الرسم كالخوف والغضب والقلق، والتعرف على جوانب القوة والضعف الموجودة عند الطفل. صور لا تكذب يؤكد الدكتور أسعد أن «شخبطة الطفل» مرآة صادقة لا تكذب، ومن خلال الرسم يمكن للطفل أن يعبر عن حاجاته ورغباته ودوافعه التي لا يستطيع البوح بها شفهياً، كما يمكن من خلالها التعرف على الانفعالات والصراعات الدفينة في شخصية الطفل، والتعرف إلى المشكلات السلوكية والانفعالية التي يعانيها، كذلك يمكن التعرف على شبكة العلاقات الاجتماعية التي يعيش في ظلها والأشخاص المؤثرين في حياته، والتعرف إلى مدى علاقة الطفل بأشخاص معينين ومدى المشاعر الإيجابية أو السلبية التي يكنها نحوهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©