الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرية الحوية تتمسك بتقاليد العيد وتقاوم رياح التغيرات الاجتماعية

قرية الحوية تتمسك بتقاليد العيد وتقاوم رياح التغيرات الاجتماعية
19 أغسطس 2012
بدأ تجمعهم في مصلى العيد، حيث صلى الأهالي ركعتين ثم سمعوا خطبة العيد، وبعد ذلك سلموا على بعضهم، ثم توجه كل رجل مع أهله من النساء والفتيات إلى المنزل، حيث يهنئون بعضهم ثم يزورون من لم يتمكن من الخروج إلى الصلاة، وبعد ذلك تبدأ مراسم تهنئة بقية الأهل والأرحام ثم الجيران ثم الأصدقاء. هكذا كان العيد في قرية الحوية بالشارقة، التي يتميز أهلها بالتعاون والمحافظة على التواصل، بالإضافة إلى متانة العلاقات، التي تربط الأهل والأصدقاء، كما يحافظون على العادات والتقاليد الأصيلة، لتكون بالنسبة لهم، حصناً يحميهم من رياح التغيرات الاجتماعية، وما أدت إليه من ضعف في الروابط الأسرية. في الطريق المؤدية إلى الذيد بالشارقة كثبان رملية عملاقة، تخفي بين ذراعيها الكثير من القرى التي استوطنها أهل البادية، منذ عهد بعيد خلال بحثهم عن الماء، وقرية الحوية من القرى التي أنتقل أهلها إلى بيوتهم الشعبية والفلل التي تم أنشاؤها منذ ما يزيد على 15 عاما، حيث كانوا يسكنون في الشعبية القديمة التي تقع على يسار الشارع المؤدي إلى الحوية الجديدة، وتوجد في المنطقة القريبة بعض المزارع الصغيرة لأهالي المنطقة، وترى مجموعات من النوق متناثرة هنا وهناك في المنطقة. الكثير من الرجال والشباب قد كبروا على الاهتمام بالحلال من الإبل، لأنها تدر عليهم الكثير من الفوائد، وعندما يكون الوقت باكرا في الصباح أو بعد صلاة العصر، يخرج الرجال لمتابعة حالة العزب للوقوف على الإبل، سواء تلك التي تربى لأجل الإنجاب أو تلك التي تدر اللبن، وهناك الصنف الذي يربى لأجل الدخول في السباقات، ويدر الكثير عند بيعه، خاصة إن ثبتت سلالته، وكبار السن من المنطقة أو الجيل الثاني أو الثالث، يخرجون إما جماعة أو فرادى في المركبات ذات الدفع الرباعي، وسط الكثبان الرملية، حيث يطيب للأب أو الجد اصطحاب شباب الأسرة، ليعتادوا ذلك منذ الصغر، وفي الوقت ذاته ليحظى الجميع بصحبة بعضهم، فيمر الوقت في أحاديث وتبادل الآراء. التواصل مطر بن مرخان الكتبي من رجال المنطقة، وبقرب منزله توجد غرفة خاصة، تم تشييدها لأجل أن يلتقي بها رجال المنطقة، بهدف التواصل واللقاءات خلال رمضان والعيد، وغيرهما من المناسبات الدينية والاجتماعية، كما جرت العادة عند أهل المنطقة، وأيضا لأجل التسامر والحديث مع بعضهم، لقضاء بعض الوقت بعد صلاة العشاء. وقال مطر بن مرخان: مضى رمضان سريعا وجاء العيد، ومثل كل سنة فإن الصيام ورمضان قد اختلف كثيراً عن الماضي، حيث نعيش اليوم في رغد من العيش، ونحن لا نريد إلا أن يحفظ الله لنا الأمن والأمان، ولو اقتنع كل إنسان إن المال والثروة هما رزق يقسمها رب العباد من فوق سبع سموات، فلن تكون هناك أية أطماع تؤدي إلى حدوث التوترات، مشيراً إلى أنه من الأمور التي اختلفت عن الماضي، أن الشباب اليوم يركبون سياراتهم ويذهبون إلى المدينة، لأن الغالبية يعملون خارج المنطقة، أو هم طلاب في الكليات، حيث إن أهالي الحوية في الأصل كانوا من أهل الرفيعة، لكن عندما جاء الاتحاد وتم حفر الكثير من الآبار رحل الأهالي إلى مناطق مختلفة، وفي القرب يوجد طوي أو «بئر» قديم يسمى طوي بن حليس، والحليسات من بني كتب. تعلمنا من الصحراء ويكمل بن مرخان: تبدلت حياتنا عما كانت عليه قبل قيام الاتحاد بعد أن عم الخير، ونحن في نعمة لا يقدرها إلا من عرف شظف العيش، فلم نكن نجوع في الماضي والحمد لله، لكن كانت هناك صعوبات بسبب أننا دولة صحراوية، وقد ذقنا طعم الصحراء المليئة بالكثبان الرملية إلا من شجيرات متناثرة من السمر والغاف والسدر، وكل هذه الأشجار يستفيد منها الإنسان الإماراتي قديما وحديثا، وكان الرجال دائمي البحث عن الأرض القريبة التي تجود بالماء كي يستطيعون الذهاب إليها بالنوق أو الحمير لجلب الماء، وقريبا من الماء كانوا ينصبون خيام الشعر، وفيما بعد بعضهم كان يزرع الطماطم والرويد والبصل وبعض النخل، فكان المحصول بالكاد يكفي لإطعام أهل البيت أو جيرانهم، لذلك الزراعة شيء لابد منه من أجل إثراء الوجبات الغذائية. وبين أن المنطقة يقطنها الحليسات والبخايته وهم ينتمون لجدهم بخيّت، لكنهم يرتبطون مع الحليسات وهم من قبيلة الكتبي وأيضا المراخين وهم قوم المرخاني، وكان الغالبية العظمى من الرجال يهتمون بتربية البوش لصنع الحليب واللبن وبقية منتجات الحليب، ويستفيدون منها في عند البيع وأيضا للتنقل بها من منطقة لأخرى، موضحاً أن أهالي الحوية يشترون من بعضهم قديما وحديثا الماعز والأغنام والبوش للاستفادة من لحومها، لكن قديما لم يكن الكل يملك أغنام أو ماعز، ولم يحدث أن ذبح أحدهم ولم يطعم كل جيرانه، لكن الذبح قديما لم يكن بكثرة مثل اليوم لضيق ذات اليد، ولذلك كانوا يعتمدون على الأغذية الأخرى. قطيع الإبل وكان مطر المرخاني صاحب قطيع من الإبل يذهب به إلى مناطق مختلفة للبيع والشراء في المنتجات، ولنقل الأهالي: وصلنا إلى سلطنة عمان في قوافل ضمن صحبة آمنة، وعندما كان الرجال يذهبون إلى الشارقة وعجمان لبيع الحطب، والثمام وهو نوعاً من الأعشاب، كانوا يشترون الدقيق والبهارات والمالح وهو «السمك المملح» الذي يمكن الاحتفاظ به، دون أن يتلف ويطبخ في أي وقت للغداء أو العشاء. ويكمل بطي بن مطر بن مرخان: الحياة الحديثة نقلت إلينا الراحة، لكن لم تأخذ الكثير من العادات والتقاليد الأصيلة، خاصة المرتبطة بشهر الصوم والعبادات والمناسبات المختلفة، بالإضافة إلى التعاون بين الأهل والتواصل المستمر، فنحن اعتدنا على أن نعلم أبنائنا في صغرهم، مرافقة الآباء من أجل تعلم العبادات والاعتياد عليها، فلا يصح أن أترك الابن حتى يصبح في العشر أو السبع سنوات، ثم أطلب منه أن يكون صاحب أفعال تحاكي أفعال الرجال، أو أدعوه للصلاة فجأة، لأن كل ذلك يأتي يوم بعد يوم منذ الطفولة، ورغم أن هناك شباباً تأثروا بالفضائيات والأفلام، لكن الأهالي لا يستسلمون للعادات الطفيلية ويحثون أبناءهم على التمسك بالعادات القديمة، ولا تزال الأمهات يربين بناتهن على العادات الإسلامية. وأضاف، قمنا ببناء مكان خاص لأجل التلاقي، وهو بديلاً عن الخيام التي كنا نقيمها قديماً، لأن التلاقي ضمن العادات اليومية لرجال المنطقة، ففي كل ساعة فراغ يكون هناك وقت للقاء الأهل أو الجيران، فنحن لا نفترق، وهذا ما يحثنا عليه الدين الإسلامي، واليوم نذهب لأداء الصلاة وعندما نعود نتشارك في تناول الكثير من أطباق الطعام التي جاءت من مختلف البيوت، حتى أن بعضهم اليوم يأتي بالماء، أو المزيد من القهوة والحلويات الشعبية، كما يتم إعداد خبز الرقاق واللبن الحامض أو الأرز الأبيض مع اللبن الرائب بالإضافة للسمن، وأحيانا يكون هناك ثريد الرقاق مع مرقة اللحم بالخضروات إلى جانب حلوى اللقيمات. التجمعات العائلية. وقال بطي بن مطر بن مرخان، يحافظ الكثير من أهل المنطقة على أداء صلاة الفجر، وبعدها يعود الجميع إلى النوم حتى وقت الذهاب إلى العمل، ويبقى البعض حتى الضحى في المسجد خاصة خلال رمضان، وهناك من يذهب في المدن أو المدرسة أو المزرعة، أو يخرج وراء البوش، وبالنسبة لكبار السن، فهم دائما يجدون لأنفسهم عملاً، حيث لا يحبون البقاء دون إنتاج أو تقديم أية خدمات، أما النساء فإنهن يقضين وقتهن في تنظيف المنزل أو صنع بعض الأشغال اليدوية، كما تتبادل الجارات الأطباق المتنوعة من الأطعمة. وقال إن ظروف البيئة المحيطة وصعوبة التنقل قديما لم تمنع أهل الحوية من التواصل مع أهلهم ومعارفهم، في المناطق الأخرى من الدولة، خصوصا في رمضان والأعياد، فهم يحافظون على صلة الرحم، ويتزاورون حاملين معهم الهدايا، ومنها قديما الليمون والحناء والدجاج الحي والبيضة أما اليوم فيحمل البعض صناديق الفواكه وسلال الحلويات والنساء يحملن العطور والبخور.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©