الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفريسة والصياد في مكالمات منتصف الليل

الفريسة والصياد في مكالمات منتصف الليل
2 مارس 2009 01:00
المشكلة أنا شاب ملتزم دينياً وأراعي الله في كل شيء، أحببت فتاة خلال دراستنا الجامعية، ويعلم الله كيف أحببتها، وأخلصت لها، ولم أقابل فتاة في حياتي أو عملي إلا وأخبرتها أنني مرتبط بها· ما كان يؤلمني أن والدها يغار على بناته جداً ودائم الشك بهن دون وجه حق، حتى أنني عرضت عليها أن نبتعد مؤقتاً حتى لا أشعر بالذنب، لكنها كانت تصر على الاستمرار لأن علاقتنا بريئة ولا يحدث بيننا ما يشعرها بالخجل· وكانت دائماً تردد: ''إنني معك حتى النهاية''· مرت خمس سنوات كنا فيها نتقابل قليلاً، وكنا نتحدث يومياً في الهاتف، أنا أعلم أن ذلك كان خطأً، لكنها كانت مكالمات عفيفة، وكنت عازم على الزواج منها· وعندما بدأت أموري المالية تستقر فاتحت والدي في أمر الزواج، ولما كانت الفتاة تعلم أن والدها سيشك في العلاقة فقد اقترحت أن أقابل أخاها بحجة أنني عرفتها مصادفة، فشك في ذلك، وتجاهل الرد على طلبي، فقصدت خالها، ولم تفلح الجهود، فطلبت من صديق لي أن يتوسط لدى أسرتها· وبالفعل نجح في ذلك، وذهبت مع عائلتي لخطبتها رسمياً، فإذا والدها يتحاور معنا بأسلوب فظ جداً كعادته، وخالٍ من اللياقة، وخرج الكل مستاء وغير راضٍ عن هذا النسب، وتحدثت معهم والدتي هاتفياً بخصوص هذا الأسلوب بكل ذوق وحزم، بعد ذلك أخبرتني الفتاة أنها أخبرت والدها أنني اتصلت واعتذرت عن كلام أمي وهذا لم يحدث، فبدأت المشاكل بيننا، لأن ذلك أحرجني أمام والدتي· وقد عايش صديقي هذه المشاكل فطلبت منه -للأسف- أن يتصل بها ويخبرها أنني لن أستطيع أن أكمل الزواج بهذا الشكل لأن فيه إهانة لأهلي، فرضخت وقالت إنها لا تستطيع أن تفقدني، وقد أعلمتها بجوانب الاعتراض التي كانت أسرتي تتحفظ عليها· ومع الشد والجذب علمت أنها اتصلت بصديقي هاتفياً لتناقشه في الأمر، فاتصلت بها وطلبت منها عدم تكرار ذلك خاصة أنها تحدثت معه ليلاً· المهم ذهبت إلى والدها على مضض لكي نتفق على ميعاد الشبكة، واصطحبت صديقي الذي أخبرني قبل منزلها بخطوات معدودة أنها لم تنقطع عن الاتصال به في هذه الأيام مفسراً رغبتها في إنهاء الأزمة· لكن خلال هذه الزيارة لاحظت أنها لم تتحدث معي كما يجب، بل كان كل اهتمامها وانفعالاتها متجهة إلى صديقي· ولأول مرة أحسست أنني أمام إنسانة لم أعرفها من قبل، أنا أعلم أنها متصلبة الرأي ومعاندة لكن ما حدث أشبه بمن ينتقم، واتصلت بي وطلبت مني ألا أتصل بها مدى الحياة وأن هؤلاء أهلها وهي فخورة بهم! وحاولت الاتصال بها بلا جدوى، هي تصر على عنادها بشدة دون تفاهم· واعتذرت لها إن كنت قد فسرت الموضوع خطأً، وطلبت منها أن نتقابل لكي نتفاهم ثم تختار ما تشاء، لكنها رفضت قطعياً، وأرسلت إليها رسائل عديدة أعاهدها وأبين تمسكي بها، إلا أنها تمسكت بموقفها· تنازلت، وطلبت من صديقي أن يتوسط ثانيةً بيننا فأخبرته أنها ترفض لأسباب في شخصي، وأن معرفتها بي كانت معرفة سطحية طوال هذه الفترة، وأن هناك من فاتحها بالزواج في العمل ووافقت مبدئياً! بل وجعلت صديقة لها تتقمص شخصية أختها لتحدثنا على المنزل وتخبرنا بانتهاء الموضوع وأن أرسل متعلقاتها إليها عن طريق صديقي! لكنني طلبت من صديقي أن ينسحب من الموضوع نهائياً وشككت في الأمر وأنه يقنعها بما تفعله، واتصلت بوالدها الذي أبلغني أنها مصممة على الرفض· وعرفت وتأكدت بعد ذلك أنها وصديقي يعيشان قصة حب ويتبادلان فيها الرسائل الغرامية والمكالمات فجراً وترسل له رسائل يومية ومن المؤكد أنهما تقابلا أكثر من مرة· أنا أعلم أن صديقي هذا غير ملتزم، وأتعجب كيف تكيفت على الوضع الجديد بهذه السهولة؟ وكيف بدأت بعد أسبوع من انتهاء الموضوع رسمياً أن تكون هذه العلاقة؟ لو كانت فتاة ساذجة لقلت من الممكن، لكنها في أعلى درجات التعليم والثقافة والوعي، وكيف انخدعت من شخصية صديقي هذا بكل هذه البساطة؟ أنا أعلم عنادها وغرورها، لكنني كنت أعتقد أن الزمان لو عاد بها لن تكرر أي علاقة مع أي أحد مهما كانت الأسباب· أكيد أنا مخطئ وخطأي الأكبر في ثقتي بالآخرين خاصة هي· إنها كانت أول إنسانة أعرفها وأحبها ومن أول يوم وأنا عازم على الزواج منها رغم عيوبها، وغير قادر على نسيانها، لكن كيف؟ بشير النصيحة أعذرك ياصديقي، وألتمس لك العذر فيما أنت فيه من حيرة ودهشة، وأعلم أنه من الصعب على الرجل أن يبتلع الرفض ولا سيما إن جاء من أنثى، وكان بينهما يوماً قاسم مشترك اسمه ''الحب''، لعلك من النماذج التي لا تجيد ''اللف والدوران''، إنها قصة متكررة بعض الشيء، والنتيجة تقول إن الفتاة قد مالت إلى صديقك وأسلوبه الذي أوقعها في شباكه، وغالباً هي من النوع الخفيف الشخصية، سهلة الاصطياد والاستمالة، ولا علاقة لهذا بدرجة التعليم أو الوعي لأننا نتحدث عن المشاعر التي قد تغلب أي امرأة أو رجل فتعميه عن الحقائق، وتزخرف له الأكاذيب· إنها كشفت عن حقيقتها التي غيبتك عنها لمدة طويلة بمهاتفة صديقك ليلاً عدة مرات مهما كانت المبررات، مما أعطاه الفرصة لينصب لها شباكه، ونجح في اللعب برأسها، وكان يجب أن تنتبه إلى حقيقته مادمت تعرفه، لكن الله أراد أن يكشفها لك قبل أن ''تقع الفأس في الرأس''، وتتأكد أنها من النوع ''اللعوب''، وتكشف طبيعتها التي نجحت في إخفائها لمدة خمس سنوات وأن تقنعك بها· لا أحسب أن نصحك لها سيكون له أي أثر أو قيمة أو وزن، غير أن ترسل لها مع وسيط أنك قد أفرغت نفسك من التفكير بها، - واحتراماً للأيام التي كانت بينكما- حذرها للمرة الأولى والأخيرة من هذا ''الصديق'' إن كنت واثقاً فعلاً من أنه يتلاعب بها، وعليها أن تتحمل مسؤولياتها· تجاوز آلامك، فقد أنفقت في الألم جهداً ووقتاً وأعصاباً لا تستحقها تلك الفتاة ولا ذلك ''الصديق''، وحذار أن تتغير معتقداً أنه لا مكان في عالمنا إلا للذئاب أو الكاذبين، لكن عد إلى نفسك، واعتبر الخسارة أهم مكاسبك، واحمد الله كثيراً أنها لم تكن من نصيبك· ··و للخيانة أوجه كثيرة! لم أكن أتصور يوما أن أعيش المأساة التي إرتعدت لها فرائصي كثيراً كلما سمعت أو قرأت عنها، فكان الخوف من الخيانة الزوجية هاجسي الدائم، وشغلي الشاغل منذ اليوم الأول الذي أصبحت فيه زوجة، حتى مضت الأيام وأجد نفسي أواجه نفس المأزق، عاجزة، حائرة، مرتبكة، مترددة، مكتوفة اليدين· لم تمهلني أسرتي لكي أكمل تعليمي الجامعي، وزوجتني من ابن عمي، الذي اقتصرت رؤيتي له على الزيارات القليلة التي كان يقوم بها لموطني في بلد آخر مجاور، ولم أكن أتصور يوماً أنني سأكون زوجة لهذا الشاب الذي لا حديث له سوى السهرات، أو المغامرات العاطفية التي كان بطلها، وكنت أسمع أطراف هذه ''البطولات'' من أشقائي، أو بشكل غير مباشر على نطاق العائلة· وافق والدي رحمة الله عليه، وأقنع والدتي بالموافقة على هذه الزيجة إرضاء للعائلة، ولم يكن بامكاني الرفض، وسقت إلى بيت الزوجية، وانتقلت للإقامة معه هنا كما تساق "......" ، ولا أعرف لماذا سيطر عليّ ذلك الهاجس الذي أشرت إليه· كان الأمر بالنسبة إلي زواج و''السلام''، ومرت الأيام بروتينها اليومي دون مشاكل في البداية، وحاولت أن اجتهد في التكيف والتأقلم مع الوضع الجديد، ولم يكن هناك ما يكسر هذا الروتين سوى بعض الزيارات الاجتماعية لأسرة زوجي أو أقاربه، أو إستقبالهم في المناسبات المختلفة، أو السفر لزيارة والدتي بين حين وآخر، ولا سيما بعد وفاة والدي وخاصة أنني ابنتها الوحيدة لثلاثة اشقاء· مرت الأيام، وأنجبت ثلاثة أطفال، شغلوني الى حد كبير، وتكررت زياراتي لوالدتي واستلزم ذلك بقائي لديها لفترات طويلة احيانا تتعدى الشهر في كل زيارة لظروف مرضها بحكم السن، وبدأت أشعر أمام هذه المتغيرات بفتور في علاقتي الزوجية من ناحية زوجي، وكأنه أصبح دون مشاعر، ولم يعبأ كثيرا بانشغالي، أو بسفري الدائم، وغيابي عن بيتي ما دام الاطفال معي، بل شعرت بأن ذلك يريحه، وبدا لي وكأنه يشجعني على السفر إلى والدتي والبقاء هناك لمدة طويلة، حتى أنه كان يعتذر ويؤخر حضوره لإصطحابنا للعودة بحجج متعددة، وتكرر ذلك أكثر من مرة· بدأت أشعر بأن هناك ما يثير شكوكي، وشعرت بأنه عاد الى ماضيه، وعلاقاته النسائية القديمة، وعندما إزدادت شكوكي، سألته، لكنه أنكر بطبيعة الحال، وفي هذه الأثناء إنشغلت كثيرا بوالدتي قبيل وفاتها، وخلى الجو لزوجي لمزيد من المغامرات والنزوات التي فاحت رائحتها أوساط العائلة، واستمرت الخيانة، إلى أن تأكدت بنفسي، وبدأت رحلة جديدة من العذاب، والمشاكل· انعدمت الثقة بيننا، وأصبحت أشك في كل تصرفات زوجي، وبدلا من أن نبحث معاً في حل المشكلة، انصرف هو لاشباع نزواته، وترك مسؤولية البيت والأبناء على كاهلي، ولم يعد يطيق أو يتحمل أي نقد، أو ا ستفسار، أو تساؤل، أو تدخل في حياته ''الخاصة'' كأنه يعيش في واد ونحن في واد آخر· لم تحتمل أعصابي ما أراه وأعيشه كل يوم من مشاهد، وأحداث، وشعرت بأن كرامتي بعثرت، ولم أعد قادرة حتى على مواجهة اي فرد في العائلة، في الوقت الذي وقف فيه الجميع موقف المتفرج دون تدخل، أو حتى محاولة الإصلاح، لافتقادهم الأمل في إمكانية التأثير على زوجي· كان كل همي الذي بذلت فيه جهدا كبيراً ألا تكون إحدى شريكات الخيانة مع زوجي أجمل مني، حتى لا يفوتني، ويقرر الزواج منها، وكأنه إعتراف ضمني بالخيانة· ساءت أحوالنا الزوجية، وشعرت بأنني كم مهمل لا حول له ولا قوة، ولا أعرف كيف اتصرف، هل أنفصل عنه، أم استمر راضية ابتلع مرارة الخيانة وحدي؟ وما مصير أولادي؟ انني عاجزة عن التفكير، والحل· أم سوزان النصيحة سيدتي من المشاكل التي لا يفيد فيها الكلام، أو النصيحة، أو محاولات الاصلاح، إلا إذا كانت هناك رغبة حقيقية، وداخلية، وهداية من الله سبحانه للشخص، هي ''الخيانة''· فالخيانة نمط سلوك، له أسبابه، ودوافعه، ومحفزاته، وله أيضا نتائجه بطبيعة الحال· قدرك ونصيبك الذي لم يكن لك خيار فيه أن تكوني زوجة لمثل هذا النوع من الرجال، فاذا كان زوجك ''بطلًا:'' لرواياته ومغامراته قبل الزواج، فإنه بلا شك كان في حاجة الى من يبعده تماما من هذا النمط غير المقبول من السلوك· لكن وبكل أسف، لقد أسهمت - دون قصد منك- في إعادته إلى سيرته الأولى، وهيأت له مناخ ساعده إلى العودة الى سلوكياته المفضلة، وبدلاً من أن تعينيه على التغير الايجابي، ساعدتيه على إشعال مغريات الإستهتار، والفوضى، واللامسؤولية، بغيابك المتكرر والطويل عن البيت، فضلاً عن إنشغالك بأولادك مما أتاح له فرص الاستغراق في الملذات المحرمة، والخيانات المتعددة، وبدلا من ان تعيدي اليه صوابه، كان التوتر، والقلق، والصراخ، والمشاكل، والإستسلام في النهاية لما يريد· لم يكن همك إبعاده عن بئر الخيانة بقدر تركيز همك على ألا تكون شريكة خيانته أجمل منك، أو أكثر إغراءً، وخشيت أن يفرط فيك بسهولة، ومن ثم تركك مهملا كما قلت· في الوقت الذي وقف فيه الأهل موقف المتفرجين على مسرحية هزلية ينتظرون فصولها الباردة· أنا أعتقد أن زوجك وصل مرحلة من بلادة الأخلاق، والاستهتار الى حد لا يفيد معه النصيحة، وأظن أنه ليس بامكانك الآن سوى ابتلاع كل ما يجري من أجل اطفالك، وتربيتهم· قد يكون رأيي مخالفا في ذلك، فلن يكن بالامكان تنشئة الاطفال تنشئة سليمة، وصحيحة في مثل هذا الجو الملوث بالاثم، والاستهتار، واللامسؤولية، والخيانة المعلنة· لم تشيري الى ظروفك الاجتماعية والمادية، وهل يمكن لك أن تستقلي بحياتك بعيدا عن هذا الزوج أم لا، وهل بامكانك تحمل مسؤولية تربية الأبناء أم لا···؟ أنت وحدك من يقرر ذلك، أما إذا كان ذلك صعباً، أو مستحيلاً، فلا حل سوى أن تشكو همك الى الله سبحانه وتعالى، وتتجرعي مرارة الخيانة رغم قساوتها، وأن تحتسبي أمرك الى الله حتى يعود الى رشده، وتدعو له بالهداية، وتخرجيه تماما من حساباتك حتى يعود الى بيته وعقله، مع محاولة تجنب أي انعكاسات سلبية عن الأبناء قدر المستطاع، وتحاولي من جانبك في نفس الوقت الاهتمام بنفسك، وبيتك، وزوجك، ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه في نفسك، وفي تصرفاتك، وطريقة تعاملك معه· انني أدرك أن ما أطلبه منك صعباً ومثالياً أو خيالياً، لكنه أيضا ممكن·· فلتجربي، ولن تخسري أكثر مما خسرت، أم اتخاذ قرار بالانفصال على الفور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©