انقضت تلك الأيام التي كانت تهيمن فيها الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات في الصين، بسهولة على جميع شرائح المستهلك من المعجون إلى مساحيق الغسيل. وكانت السلع المقلدة ولسنوات عديدة تمثل مصدر قلق كبير بالنسبة لشركات مثل “بروكتر آند جامبل”، عندما كانت منتجاتها مثل “معجون كريست” تلاقي رواجاً كبيراً في سوق المستهلك الجديدة. لكن لم يعد هذا هو الحال في الوقت الراهن. ولو أخذنا على سبيل المثال أنواع المعجون المصنوعة محلياً من الأعشاب الطبيعية والمستخدمة لتبييض الأسنان واللثة الحساسة، نجد أن سعرها عند 8,6 دولار، يبلغ ضعف تكلفة معجون “كريست 3 دي وايت فيفيد” الذي يعتبر واحداً من بين منتجات “بروكتر آند جامبل” الأعلى سعراً.
ومع ذلك، ارتفعت حصة سوق معجون الأعشاب في الصين بنسبة قدرها 8,8% في 2011، من النسبة التي كانت عليها قبل خمس سنوات عند 1,1% فقط. كما انخفضت في الفترة نفسها حصة “بروكتر آند جامبل” في سوق المعجون من 20,8% إلى 19,7%. وتراجعت كذلك حصة “يوني ليفر” السوقية التي تقوم ببيع معجون “زونجهوا” من 12% إلى 9,9%. ويُذكر أن الشركة تقوم بإنتاج أنواع مختلفة من المعجون في أسواق أخرى مثل “سيجنال” و”كلوس أب”.
ويرى مراقبو السوق الداخليين أن فقدان نقطة أو اثنتين، صغيرة للحد الذي تتمكن فيه الشركات الأجنبية من السيطرة على أوضاعها والاستمرار في الأسواق. لكن تُعد العلامة التجارية الصينية التي تنتجها شركة “يونان بايو جروب” واحدة من أقوى المنافسين للشركات الأجنبية، بمثابة المؤشر الذي يدل على التغيير الذي طرأ على مناخ المستهلك في الصين.
ويقول بن جافيندر، المحلل لدى “المجموعة الصينية لبحوث الأسواق” :”على شركات مثل “يوني ليفر” و”بروكتر آند جامبل” بذل المزيد من الجهود حتى تتمكن من الحصول على مساحة لها في السوق الصينية، كما يترتب عليها أيضاً التفريق بين العلامات التجارية المحلية التي تقدم سلسلة كبيرة من المنتجات، وبين مميزاتها”.
ونجحت الشركات الصينية في تحقيق المزيد من المكتسبات عندما أولت قضية الجودة اهتماماً واضحاً. وتفوقت “مجموعة هينجان العالمية” في 2010 على “بروكتر آند جامبل” في منتجات مثل المحارم الورقية والمنتجات الصحية، محافظة على تفوقها في السنة الماضية بنسبة قدرها 10,6% مقارنة بالأخيرة عند 10,5%. وتهيمن شركات صينية مثل “جوانج زو ليبي” و”نايس جروب” على منتجات الرعاية المنزلية مثل مساحيق الغسيل وصابون الحمام، حيث بلغت حصتها السوقية 27,6%، مقارنة بنحو 7,6% لشركة “بروكتر” و6,6% لشركة “يوني ليفر”.
كما نجحت الشركات المحلية في جسر فجوة الجودة التي لازمتها لفترة طويلة، وذلك من خلال إنتاج سلع أجنبية، للحد الذي أصبح فيه المستهلك الصيني لا يستطيع التفريق بين المنتج المحلي والأجنبي، حيث اعتقد 70% من مجموع 300 شخص في مسح أجرته مؤسسة “نيلسين”، أن مسحوق غسيل “أريال” منتج محلي وليس لشركة “بروكتر”.
وجاء النجاح الذي حققته الشركات الصينية المحلية العاملة في إنتاج السلع المنزلية، نتيجة اعتماد الشركات الأجنبية على الأسواق الناشئة لتعويض ضعف النمو في أوروبا وأميركا. وبينما تراجع نمو المبيعات متزامناً مع بطء نمو الاقتصاد في الصين، لا تزال الأرقام قوية، حيث تتوقع “يورومونيتور” العالمية لبحوث الأسواق، نمو منتجات التجميل والعناية الشخصية بنحو 12% خلال العام الحالي إلى 203 مليار يوان (32 مليار دولار)، بينما ينمو سوق منتجات الرعاية المنزلية 11% إلى 78 مليار يوان (12,2 مليار دولار). وتُعد الصين ثاني أكبر سوق بالنسبة لشركة “بروكتر آند جامبل” في العالم، بمبيعات قدرها 6 مليار دولار. وأعلنت الشركة مؤخراً عن زيادة مبيعاتها بنحو 3% خلال فترة الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو الماضي، بما في ذلك زيادة قدرها 9% في الصين وحدها، إلا أن مبيعاتها في مستحضرات التجميل والعناية الشخصية، تقلصت بنسبة كبيرة، نظراً لتراجع حصتها السوقية في أميركا والصين.
وعلى الرغم من أن “بروكتر” لا تنافس في منتجات كبيرة مثل ماكينات غسل الأطباق، إلا أنها تحل في المرتبة الأولى في مستحضرات التجميل والعناية الشخصية وثانية في المحارم والمنتجات الصحية وثالثة في منتجات الرعاية المنزلية. ويجدر بالذكر، أن شركات صينية مثل “شانجهاي لمستحضرات التجميل من الأعشاب” و”جوانزو بلو موون” المتخصصة في صناعة مساحيق الغسيل، استفادت من تجارب منافساتها من الشركات الأجنبية لتقطع خطوات كبيرة في مجال التغليف والإعلان. وزادت الشركة من معدل إنفاقها على الإعلان بأكثر من الضعف إلى 500 مليون دولار في العام الماضي.
نقلاً عن: «وول ستريت جورنال»
عدد اليوم
