الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرياضات التقليدية تكثيف لقيم تراثية في قالب ترفيهي

الرياضات التقليدية تكثيف لقيم تراثية في قالب ترفيهي
27 أغسطس 2013 20:06
تمثل الرياضات الشعبية محطة مهمة في التراث الإماراتي لكونها مكونا رئيسيا من مكونات الموروث الشعبي بتفاصيله الشائقة التي تعد من أبجديات الحياة في الدولة، والتي باستحضارها وإشراك النشء فيها يجعلهم يتفاعلون بقوة مع الماضي والحاضر في الوقت نفسه من أجل أن تترسخ في أذهانهم معاني الانتماء عبر مواصلة التماهي مع التراث الوطني، ومن ثم استلهام مضامينه، وتتيح الدولة الفرص الحقيقية للشباب والنشء من أجل التنافس عبر البطولات الرياضية الشعبية التي تساعدهم على إظهار مواهبهم الفردية، وتكسبهم المعارف والقيم والتقاليد والمهارات المختلفة، مثل الصيد بالصقور والهجن، والفروسية وغيرها من الرياضات الشعبية التي تشغل وقت فراغهم فيما يفيدهم من الناحية الاجتماعية والتربوية والقوة البدنية. وتربط الملتقيات الرياضية التي تشارك فيها هذه الفئات الجيل الحالي بتراث الأجداد والآباء، وتدعوه في الوقت نفسه إلى الحفاظ على الموروث الشعبي. سباقات خاصة حول رياضة الفروسية والسابقات التي كانت تجرى قديماً على أرض الإمارات في سباقات الفروسية، يقول الباحث في علم الخيول العربية ومدير مربط التراث للخيول للعربية في عجمان محمد المطروشي: إن أعداد الخيل بدولة الإمارات كانت قليلة جداً، وقديماً كان يمتلكها علية القوم، والأعيان وبعض الأشخاص المعدودين على أصابع اليد الواحدة، وهذه الخيول كانت إما متوارثة أو مستقدمة من دول مثل الكويت والبحرين. ويضيف «كانت الرياضات الخاصة بالخيول تقام في الماضي في الأعياد ومناسبات الأعراس، حيث يقوم الفرسان بامتطاء الخيول بلا سرج، وعبر سباقات معينة إذ لم يكن في السابق حواجز للقفز وما إلى ذلك مما استحدثه العصر الحديث حيث يتم في وقتنا الحالي تنظيم بطولات للفروسية محلية ودولية من خلالها تبرز مواهب حقيقية، وما من شك في أن رياضة الفروسية تنطوي على أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان العربي لكونه مرتبطا بالخيل منذ القدم، وهذا الارتباط يخلق حالة من الود والمحبة بين الفرسان وبين الخيول، والقصص والمروريات تزخر بالعديد من المواقف التي تؤكد عمق العلاقة بين الفارس العربي وبين الخيول». وبالنسبة لصناعة الفرسان في هذا الزمان، يوضح المطروشي أن الدولة مهتمة بالخيل وبالنشء، وتعمل جاهدة على خلق علاقة بينهم وبين الخيول العربية الأصيلة مبنية على أساس بث روح الشجاعة في داخلهم ومن ثم إكسابهم الجرأة في التعامل مع الخيل، وكذلك القدرة على التسابق بالخيول في إطار عملي مع وجود بيئة حقيقية تجعلهم يتفاعلون مع الأنشطة الرياضية الخاصة بسباقات الفروسية، لافتا إلى أنه لكي يتم تحفيز الشباب والنشء على تعلم ركوب الخيل فلابد من أن يتم هذا الأمر تدريجياً من أجل إزالة الرهبة في البداية، إذ إن أصحاب الأعمار الصغيرة دائما تخشى الاقتراب من الخيول خوفاً من الأذى، لذا فإن مهمة مدرب الخيول ليست سهلة بالمرة فهي تعتمد على قدرته الفنية في التعامل مع المتدربين بطريقة معينة، بحيث يشرح لهم عتاد الخيل وكيف يتم وضعه على ظهر الفرس، ثم تبدأ الخطوات الأخرى مثل امتطاء الخيل، والسير بها من دون خوف، ومن ثم التعامل مع المواقف الطارئة، وكذلك معرفة ما إذا كان الفرس مريضاً أو خائفاً أو أنه لم يتناول كفايته من الطعام، بالإضافة إلى عملية التوجيه التي هي في حقيقتها تصنع فارساً من الدرجة الأولى إذ إن الجري بالفرس والقفز به من على الحواجز يتطلب مهارات خاصة، وجرأة وقدرة فنية في التعامل معه. الفحل السبوق يرى المطروشي أنه «من المهم أن يتعلم الفارس الصغير الطرق التي بها تطيعه الخيل، فضلاً عن تعلم بعض المهارات الأخرى التي توطد العلاقة بينهما وتخلق بداخل المتدرب نوعاً من الشجاعة، ومن اللافت أن رياضة الفروسية تتجدد عاماً بعد آخر، هو ما يدل على أن عالم الخيل مثير وعجيب في الوقت نفسه». ويذكر أن هناك أساليب مختلفة لتطويع الفرس تأتي مع طول المصاحبة مثل الخيل التي تتربى في كنف أحد الأفراد فهي من فرط ارتباطها به يتركها لتسير من دون أن يمسكها بحبل فتتكون علاقة خالصة من الألفة والمحبة. وعن طبيعة السابقات التي كانت تجرى قديماً لاختيار الفرس الأجمل أو الأسرع أو الأجود، يوضح المطروشي أن مثل هذه السابقات لم تكن أيضاً موجودة قديماً بالمعنى الذي تجرى به في الوقت الحالي لكن هؤلاء الذين كانوا يمتلكون خيولاً يعرفون الخيول التي تتمتع بمواصفات خاصة. ويؤكد أن العديد من هواة الخيل عندما ينظرون إلى مجموعة من الخيول ينجذبون للفرس الأجمل بحسب الفطرة السليمة التي لا يحتاج صاحبها إلى خبرة، فضلاً عن أن الخيول التي تدخل في سباقات من هذا النوع لابد من أن تكون لها مواصفات خاصة مثل الخيل التي تعرف «بالفحل السبوق» وغيرها من التي تحمل صفات بدنية ممتازة يعرفها أهل الخبرة الذين يعرفون كيف يفرزون السلالات ولهم دراية بعملية التلقيح. وحول تطور سباقات الفروسية في هذا العصر، يقول المطروشي إن «تسخير أحدث الإمكانات العصرية أسهم في تقديم صورة مضيئة لمثل هذا السباقات في الوقت الحالي والتي يشارك فيها النشء والشباب والكبار أيضاً في الدولة عبر المراكز والأندية، وهو ما يؤكد أن الخيول عالم يزخر بالعديد من الأسرار، ومن الأهمية بمكان أن نغرس في أبنائنا حب الفروسية التي ترتبط بالشجاعة والإقدام وحب المغامرة، ويورد أن الخيل من الأموال التي يحبها العرب وقد ورد في القرآن الكريم آيات تظهر أهمية الخيل وكذلك في أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم». مكانة تاريخية من جهته، يقول مدرب الهجن بنادي تراث الإمارات حميد المنصوري إن الإبل عبر التاريخ هي مصدر عز وشموخ للعربي، وهي ثروة لا تزال تتمتع بحيويتها على الرغم من الإهمال الذي تتعرض له في البلاد العربية، لكن من حسن الحظ أن دولة الإمارات توليه اهتماماً خاصاً، ويسعى نادي تراث الإمارات إلى أن تتبوأ الإبل مكانتها التاريخية في الحياة العامة رغم ما أسبغته الحضارة على جوانب الحياة كافة من مستحدثات عصرية كفيلة بأن تشغل الإنسان عن مقدرات طبيعية تعد في حقيقيتها هبة من السماء. ويشير إلى أن البدو في الصحراء كانوا يعتمدون بشكل كامل على حليب الإبل ما جعلهم يتمتعون بصحة جيدة وأجساد قوية، فضلاً عن أن للإبل قوة نفسية عجيبة إذ إن حليبها يقي من أخطار السكري الذي يغزو بيئات كثيرة في العالم في الوقت الحالي وهذا يدل على أن الإبل هي رمز صارخ للتقدم والحضارة، لافتا إلى أن الهجن المخصصة للسباق لها نظام غذائي خاص، حتى تتمكن البعير التي تدخل في مضمار السباقات من اكتساب القوة البدنية والجسمية والحركية التي تؤهلها لخوض البطولات الرياضية، والخبراء يضعون نظاماً غذائياً لإبل السباق تتركز على التمر والحليب والشعير والزبدة والمكسرات والعسل، بالإضافة إلى تزويدها بالأملاح المعدنية والفتيامينات، ويتم تكثيف البرنامج الغذائي قبل السباق حتى تتهيأ الإبل لخوض السباقات وهي في حالة بدنية جيدة. ويذكر المنصوري أن رياضة سباق الإبل لا تقتصر أبداً على دول الخليج إذ إنها موجودة في العديد من الدول العربية وبعض الدول الأفريقية وكذلك دول مثل أميركا وبريطانيا، وألمانيا، وأستراليا، لكن أغلب هذه السباقات تشجعها دول الخليج وتشارك فيها. ويؤكد أن سباقات الهجن في الإمارات لها طبيعة خاصة من حيث الاهتمام الكبير الذي يصحبها من قيادات الدولة، فضلاً عن أن حجم المشاركات التي تتمتع بها مثل هذه السباقات وتحديداً في أبوظبي في توسع مستمر. وفي هذا الوقت تطورت سباقات الهجن كثيراً عن حقبة التسعينيات، خاصة أن جزيرة السمالية تحتضن النشء والشباب من أجل تحفيزهم على ممارسة الرياضات الشعبية التي تربطهم بمورثهم الحضاري. ويقول المنصوري «في الصيف يتوافد العديد من الشباب والطلائع على جزيرة السمالية التي يتلقون فيها المبادئ الأساسية لرياضة الهجن من خلال العديد من الورش العملية التي يتعلمون فيها كيف يضعون عتاد المطية ومكوناتها، فضلاً عن أن امتطاء الهجن والتعود عليها يحتاج إلى تدريب من نوع خاص، إذ إن الكثير من الأطفال يخشون الاقتراب من الإبل لكننا نعمل على إزالة هذه الرهبة ونأخذهم في جولات ممتعة داخل الجزيرة، ما أسهم في ارتباطهم بهذا اللون من الرياضة، والعجيب أن الزائر منهم فور وصوله إلى السمالية يطلب الذهاب إلى ركن الهجن». عائلة ترتاد البحر من ضمن الأطفال الذين لديهم شغف كبير بسباقات المراكب التقليدية سعيد المرزوقي (11 سنة)، الذي شارك في السباقات الصيفية بجزيرة السمالية. يقول «والدي بحار وجدي كذلك ولا تزال عائلتنا ترتاد البحر وبين الفينة والأخرى يدربني أبي على سباقات المراكب التقليدية حتى أصبح لدي شغف كبير بها، وحين شاركت في أحد السباقات دهش مدربي من قدرتي على التجديف بمهارة، وحين ركبت مع زملائي في إحدى السفن كنت أوجههم، ولا أنكر أن هذا النوع من السباقات أكسبني العديد من المهارات أبرزها التعاون والعمل الجماعي فضلاً عن الرياضات البحرية بوجه عام تعلم الصبر وتمنح الإنسان بصيرة نافذة». سباحة الإبل يقول مدرب الهجن بنادي تراث الإمارات حميد المنصوري: «إن الإبل لديها محبة عارمة لممارسة السباحة، نظراً لما تتمتع به أرجلها من طول لذا فإن الإبل كانت تستخدم في بعض المراحل كوسيلة نقل عبر الأنهار حيث كانت توضع عليها البضائع بحيث يسبح الجمل من شاطئ النهر إلى الشاطئ الآخر». الصيد بالصقور عن الصيد بالصقور يورد مدير مركز أبوظبي التابع لنادي تراث الإمارات أحمد الرميثي، أن النادي يعتمد العديد من الأنشطة التراثية التي ترسخ الأحاسيس والمشاعر الوطنية لدى الناشئة والشباب والتي تبصرهم بحقيقة الاهتمام بتراث الآباء والأجداد. ويقول برنامج الصيد بالصقور «المقناص» من أبرز الأنشطة التي تستقطب هذه الفئة لكونها رياضة تراثية مهمة ووسيلة فاعلة في تعلم الصبر والقوة والجلد، بالإضافة إلى أنها تعد لوناً من ألوان التغلب على الخصم وتظهر موهبة خاصة لدى أبناء البادية في مدى قدرتهم على تأنيس هذا الطائر الجارح، ومن ثم لإعطائه الأوامر لينفذها بمنتهى الدقة حتى إن أحدهم ينادي عليهم فيأتيه على الفور». ويضيف «هناك العديد من البرامج الخاصة بالصيد بالصقور والتي يتم تشكيل فرق متخصصة من الناشئة والشباب من أجل التعرف على هذه الرياضة وكذلك أنواع الصقور وأدوات التدريب وكيفية تدريب الصقور، كما يتلقون تدريباً خاصاً للتعرف على أنواع الصقور مثل الصقر الحر، والشاهين، فضلاً عن تعريفهم بأدوات التدريب نفسها التي تتمثل في المخلاة والبرقع والمنقلة «المنجلة» والسبوق، والمرسل، والوكر». رياضة الرماية التقليدية حول رياضة الرماية التقليدية، يقول الباحث في التراث المحلي، ومدير مركز العين، التابع لنادي تراث الإمارات، علي النعيمي: «يحرص النادي على أن تظل الرياضات التراثية متصدرة المشهد، بحيث يرتبط النشء والشباب بالموروث الشعبي الذي بلغ ذروة الاحتفاء به في السنوات الماضية، والرماية من الرياضات المهمة التي تتعلق بها هذه الفئة، وتسارع للمشاركة في السباقات المخصصة لها إذ إن رياضة الرماية التقليدية حققت انتشاراً كبيراً في الفترة الماضية، سواء من خلال إطلاق النار من مسافة 35 متراً أو عبر 50 متراً على حسب القواعد التي تحددها اللجنة المنظمة بهدف تطوير قدرات المشاركين، بالإضافة إلى أن إدارة المسابقات بنادي تراث الإمارات تحرص دائماً على أن توفر جميع عوامل السلامة للمتسابقين، ومن اللافت أنه يتم السماح للرامي بأن يستعين بوسادة لا تتكون من المواد الصلبة وغير مجوفة ليستطيع التركيز في أثناء وضعية راقد». ويلفت إلى أنه يتم تدريب المشاركين في السباقات بصورة جيدة، حتى تتوافر لديهم القدرات التي تؤهلهم لتحقيق نتائج طيبة، وذلك عبر استخدام البندقية التراثية «سكتون». ويبين النعيمي أن تعلم الرماية في الصغر يؤثر إيجابا في بناء الشخصية الفردية، خصوصاً أن مسابقات الرماية التي تقام على أرض جزيرة السمالية تهدف إلى دمج المشاركين في إطار العمل الجماعي مع الاهتمام بالمواهب الفردية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©