الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيل السابق: لا نعيش بمعزل عن الحياة من حولها

الجيل السابق: لا نعيش بمعزل عن الحياة من حولها
2 مارس 2009 01:06
تحتفل المرأة في كافة أنحاء العالم في الثامن من مارس من كل عام، باليوم العالمي للمرأة ، وهو تقليد سنوي يعود تاريخه إلى عام ،1910 ويحظى باهتمام عالمي رسمي وشعبي كبيرين· ورغم حصول المرأة خلال العقود السابقة على الكثير من المكتسبات السياسية والاجتماعية والقانونية في العديد من الدول، فإنها قد تفاوتت بلاشك من مكان إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، لكن لا يزال هناك من يقول إن الفجوة بين النساء والرجال تضيق ببطء شديد، ومع اقتراب هذه المناسبة نجدها فرصة مواتية لمحاولة إعادة النظر، وتقييم المكتسبات التي جنتها المرأة· ومدى التغير الحاصل في هذا المفهوم، ومعرفة إلى أي حد يستوعب الجيل الجديد أهمية تمسك المرأة بحقوقها والإنجازات التي تحققت ولاسيما على الصعيدين الفكري والثقافي· وإلى أي حد نجحت في كسر طوق الجمود والتخلف والقيود التي تكبل انطلاقتها ونجاحاتها وذلك من خلال تباين أو تناظر يجمع نموذجين لجيلين مختلفين· تؤكد هيئة أبو جلالة مشرفة قسم البنات بالمدرسة الدولية الخاصة بالعين أن المرأة في كل بلدان العالم، ولاسيما في المنطقة العربية قد حققت إنجازات عديدة سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو على مستوى المكاسب السياسية مما عزز دورها وإسهاماتها في المجتمع، وفي الإمارات نجحت المرأة أن تحقق قفزة وطفرة نوعية ملموسة في ظل مكتسبات دولة الاتحاد، ورعاية الدولة لهذا الجانب ودعمها الكبير للمرأة ولاسيما من قبل أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، ولن نستطع تعديد وحصر ما تغير وما حققته المرأة الإماراتية من مكاسب وإنجازات· أما عن انعكاس هذا التغير على المرأة نفسها فتقول هيئة أبو جلالة: ''إن المرأة العربية والإماراتية بشكل عام تلمست هذا التغير، وبالتالي انعكس على قناعتها بأهمية دورها في البناء وفي المجتمع وفي قدرتها على الإسهام بالجهد والعمل من منطلق قناعتها بهذه المقدرة، ولقد اكتسبت المرأة العربية خبرات عديدة خلال العقود الأربعة الماضية بفضل تمسكها بحقها في التعليم والعمل ونيل حقوقها القانونية والسياسية والاقتصادية كمشاركة رئيسية في عمليات التنمية وفي البناء، واستطاعت بفضل نجاحاتها أن تكسب ثقة المجتمع، وثقة الرجل نفسه، دون أن تتخلى عن دورها كأم وربة بيت ومربية''· الثقافات المتعددة وعن تأثير الثقافات المتعددة في المجتمع على دور المرأة الإماراتية تقول أبو جلالة: ''مما لاشك فيه أن الانفتاح الفكري والثقافي والثورة في مجال الاتصالات، قد أسهما وانعكسا بشكل كبير على المرأة باعتبارها عضوا فاعلا في المجتمع، فهي لا تعيش بمعزل عن الحياة من حولها، وأن تعدد الثقافات واختلاط الكثير من الثقافات الموجودة في الإمارات أسهم في إكساب المرأة الإماراتية الكثير من الخبرات في التعامل، وفي النظر إلى الحياة، وفي طريقة تعاملها مع مشاكل الحياة اليومية، وفي تطور وتغير كثير من الأمور· ولا تنفي أبو جلالة ما لتعدد الثقافات الموجودة من سلبيات وتقول: ''بلاشك هناك سلبيات عديدة في مقدمتها اقتباس الثقافات والقيم الهشة والسطحية، والتقليد، وغزو المفاهيم الغربية السلبية التي أثرت على الكثير من القيم والعادات، والتطلع إلى أشياء ومظاهر لم تكن موجودة من قبل، وتأثر أبناء هذا الجيل بثقافة السائقين والخدم والمربيات في كثير من الأسر نتيجة خروج المرأة ''الأم'' إلى العمل، والاعتماد على هذه الفئة في تربية الأطفال، والتنشئة الاجتماعية، وهو أمر يحمل الكثير من السلبيات والخطورة على اللغة والقيم والعادات والتقاليد، بل وعلى ثقافة الأجيال القادمة إن لم ننتبه إلى خطورة هذا الغزو وهذا التأثير''· وتؤكد أبو جلالة أنها مع حرية المرأة، وإنما في إطار القيم العربية والإسلامية الصحيحة، وأنها كأم ومربية تؤيد أساليب التربية والتنشئة التي تغرس في الفتاة الاعتماد على النفس، واكتساب الثقة، والاستقلالية الذاتية لكن في إطار الضوابط والمعايير والأسس السليمة التي يحكمها الشرع والدين والقيم العربية الثابتة، فلا تناقض بين الجانبين - كما تقول - فثقافتنا العربية والإسلامية أول من دعمت هذه الحقوق ونادت بها، لكن الخلل دائماً ما يكون في تطبيق أو استغلال هذه المفاهيم بشكل خاطئ وشكل سلبي''· وتقول أبو جلالة: ''إن الثوابت الإسلامية أو العربية معروفة، لكن ما يمنع الفتاة أن تتعلم، وتسافر، وتعمل، وتحتك وتقتبس ثقافات وحضارات أخرى بشكل إيجابي؟ إنني مع تخوف وحرص الأهل، لكن أيضاً علينا أن نعطي لأبنائنا وبناتنا المزيد من الثقة، والكثير من الفرص حتى يتعلموا ويكتسبوا مهارات التواصل والتعلم بأنفسهم دون خوف أو قيود، فإذا تركنا للفتاة حرية الفكر والتعلم ومنحناها المزيد من الثقة، فإنها ستكون قادرة على أن تختار بنفسها بوعي وقناعة، وعلينا كآباء وأمهات ومعاهد ومدارس وكليات ومؤسسات تربوية وإعلام، أن نحميها ونرعاها ونحدد لها الإطار الذي يمكن أن تسير فيه دون إملاء أو فرض أو قيود أو عقد، ومن ثم فإن الفتى أو الفتاة سيشعر بالثقة والأمان، ويستطيع أن يكوِّن ثقافته وشخصيته باتزان ووعي وإيجابية''· على الجانب الآخر ترى هند الجابري ''الطالبة بالصف الثاني عشر'' أنها أدركت إلى حد كبير التغير والتطور الذي حققته المرأة الإماراتية والعربية بشكل عام خلال العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة، وذلك من خلال قراءاتها، ومن المعلومات التي عرفتها من الآباء والأمهات والأساتذة، وأدركت ما قد أسهمت به المرأة أيضاً لتغيير ثقافة المجتمع في هذا الاتجاه· وتقول هند الجابري: ''إن أهم ما يلزم المرأة اليوم للحفاظ على مكانتها ودورها في الحياة والمجتمع، والحفاظ على إنجازاتها المتحققة على الصعيدين الثقافي والاجتماعي بالتحديد أن تعي بنفسها حقيقة الدور الذي يمكن أن تسهم به، وأن تكن لديها قناعة تامة بأهمية وحتمية دورها في الحياة، وأن هذا الدور لا يمكن له أن يقل عن دور الرجل بأي حال، بل يكمله ويعززه على جميع الأصعدة والمجالات الحياتية المختلفة''· كيفية التوافق أما عن تأثير تعدد الثقافات في المجتمع على المرأة ومكانتها وثقافتها تقول هند: ''إن التنوع والتعدد الثقافي والحضاري، أمر إيجابي بلاشك، ولا يمكن لنا أن نعود إلى الوراء، أو نعيش بمعزل عن العالم من حولنا، فالعالم قد أصبح قرية واحدة، وبالإمكان أن تصلنا المعلومة الجديدة في لحظة بضغطة زر واحدة، ويمكننا أن ننتقل ونرى أي بقعة في العالم، ونشاهد كيف يتحرك ويتقدم العالم من حولنا، لكن علينا أن نعي خطورة هذا الغزو، وخطورة التباين والاختلاف، وخطورة المفاهيم الجديدة، وبالتالي على هذا الجيل الذي أنتمي إليه أن يتحصن جيداً بالثوابت والقيم الدينية والاجتماعية حتى لا يصبح ضحية أمام هذا الغزو، ويرى الشاب أو الفتاة نفسه في مهب الرياح، وهي مسؤولية المجتمع والأسرة والمؤسسات التربوية والثقافية، لكنني أولي الأسرة والتنشئة الاجتماعية المسؤولية الأولى في إعداد وحماية وتحصين أبنائهم، ومن ثم يأتي دور المدرسة· أما عن كيفية توافق الفتاة من هذا الجيل مع المتغيرات العصرية ودعوات الحرية والانفتاح الفكري والثقافي، وكيف توازن بين قيمها وثوابتها الاجتماعية والأخلاقية وبين حريتها الذاتية، تقول هند الجابري: ''علينا أن نعي كأبناء وبنات هذا الجيل أننا نتاج نسيج مجتمع وثقافة عربية وإسلامية وشرقية لها قيمها وعاداتها وتقاليدها وثوابتها، وإن كنا نحمل أي تطلعات ثقافية أو فكرية، أو لدينا طموحات معينة علينا أن نحل هذه المعادلة الصعبة، وأن نقف موقف متوازن، فلا يجب أن نتخلى عن طموحاتنا في الوقت الذي نحافظ فيه على ثوابتنا، فالحرية هي المسؤولية الأخلاقية أولاً، وعند الاختلاف علينا أن نقرب الفواصل والاختلافات بالحوار والتواصل، فالأهل لديهم أفكارهم وثقافتهم، وهم محقون في حرصهم وتخوفهم علينا، لكن أيضاً عليهم أن يثقوا بنا وبقدراتنا ويمنحونا الحرية في أن نقرر ما نرى بشروط وضوابط، وأعتقد أن الجيل الحالي من الآباء والأمهات لديه رؤية تختلف بطبيعة الحال عن رؤية الأجداد، وفي المقابل على أبناء وبنات هذا الجيل أن يثبتوا لأنفسهم أولاً ولأسرهم ولمجتمعهم أنهم قدر هذه المسؤولية، وقدر الثقة التي توهب لهم حتى لا نخسر كل شيء''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©