السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعيد سالم حسن.. صوت لا يموت

سعيد سالم حسن.. صوت لا يموت
26 أغسطس 2015 21:45
محمد عبدالسميع مع بدايات القرن التاسع عشر، شهدت الإمارات بزوغ أول مدرسة موسيقية وغنائية في العصر الحديث كانت متأثرة بروحها ومورثها الفني، واستطاعت أن توائم بين جماليات النهمات الشعبية والفنون الشعبية الإماراتية المعروفة والإنشاد الديني والابتهالات والتواشيح وبين انطلاقة الغناء وحيويته في منطقة الخليج، مستحدثة مجموعة من التجديدات في الأداء والموسيقى، كفنِّ الصوت وإيثار الحس الحي وروح البيئة على الموسيقا العربية والوافدة من عدة جهات بحكم التجارة والتواصل الثقافي والفني. ولدت الأغنية الإماراتية في بيئة ثقافية ملتزمة بقيم وعادات المجتمع، لهذا كانت انعكاساً جيداً وحقيقياً لقيم أدبية وذائقة فنية واعية، لا يصل منها إلى وجدان الناس إلا ما حمل قيماً خالصة في الشعر والجمال الحقيقي المحترم لمشاعر وقيم المجتمع، في وقت لم يحظ فيه صناع الأغنية بالتقنيات التي تتوفر في عصرنا الحالي. جماليّات الأصالة تمكنت الأغنية المحلية الإماراتية في تلك الفترة من تشكيل الوعي الجمعي ورفده ثقافياً، حيث كانت أكثر اقتراباً من الأغنية العربية الرصينة، وكانت محمولة على شعر مغنّى تحترمه الذائقة، وكان هاجس المطربين والموسيقيين بعيداً عن الاستهلاك والثراء التجاري، وكانت فلسفة الأغنية وجمال اللحن هما أساس وركائز المنافسة في الساحة، فلا يتنازل المطرب عن كلمات جيدة ولا لحن جيد. ولمكانة وقيمة الأغنية الأصيلة في التراث الموسيقي الإماراتي والخليجي والعربي، ما زالت المؤسسات والمعاهد المهتمة بالدراسات الموسيقية تضمن مناهجها روائع من الغناء القديم المنتمي إلى ثقافة الغناء العائدة إلى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، ويتدرب مئات من الدارسين والدارسات على صولفيجاتها وجملها الموسيقية، وترتكز معظم بحوثهم النظرية على منجزات تلك الفترة، باعتبارها فترة أصالة وفترة القيمة الفنية العليا. كانت بداية الأغنية في الإمارات التي انطلقت من حناجر مطربين أسسوا لها بجهود فردية وإحساس بالمسؤولية تجاه مجتمعهم، وكان الأثير عبر الإذاعة، والتسجيل على أسطوانات الجرامفون، ومن بعد ذلك أشرطة الكاسيت، هي السبل المتوفرة، في ذاك الوقت. وكانت المجالس المنتشرة في المجتمع والمقاهي الشعبية والاحتفالات والمناسبات الاجتماعية الدينية والوطنية والخاصة في جلسات السمر وأفراح الزواج والأنشطة المدرسية هي المساحات المتوفرة أمام المواهب الغنائية ومنها برز واشتهر العديد من الشعراء من أمثال: العقيلي، وسالم الجمري، وخلفان بن يدعوه، والخضر وبن سوقات وغيرهما. أيضاً كانت بعض البرامج الإذاعية تتبنى المطربين الجدد، وحينما قامت الدولة وتشكلت المؤسسات الاتحادية كانت وزارة الإعلام والثقافة تضم قسماً للموسيقى، بالإضافة إلى الجهود التي بذلها الملحن والموسيقار عيد الفرج حينما كون فرقة موسيقية محلية تبنت العديد من المواهب.. كانت كلها جهود ساهمت في نشر الأغنية المحلية والتعريف بالشعراء والملحنين وأصحاب شركات تسجيلات وبرامج إذاعية، وأصوات مطربين ومطربات، يغيبون اليوم وتغيب ذكراهم، بالرغم من أنهم بذلوا جهوداً كبيرة في بلورة طعم ولون الأغنية المحلية.. ورغم جهود الرواد في حمل لواء الأغنية المحلية الإماراتية لا زالت قنوات كثيرة تغفل هؤلاء وتغفل تسليط الضوء على منجزهم.. اليوم فيهم من رحل عن الدنيا، وفيهم من يقاوم العجز والشيخوخة. اسم من التاريخ سعيد سالم حسن المعلِّم.. اسم من (التاريخ) لا يمكن إلا أن يذكر إذا فتحت سيرة الزمان الجميل. عرف بموهبته وفنه وعطائه. توقف عن الفن قبل سنوات وكرمته وزارة الثقافة عام 2006م. مطرب قدم صوته، منذ أكثر من نصف قرن، مجموعة من أجمل الأغاني. شارك في الكثير من الحفلات والمناسبات والبرامج الداخلية والخارجية وفرض أسلوبه بين أبناء جيله أمثال: محمد عبدالسلام، محمد سهيل مرزوق بن هويدن الكتبي، إسماعيل سالم محمد، حسين محمد قائد، زعل خليفة خلفان المري، سالم عثمان مبارك، سعيد الشراري، جاسم عبيد. ولد المعلم في منطقة دبا الحصن التابعة لإمارة الشارقة عام ?1950م، وفي الكتاتيب التي كانت منتشرة في ذاك الوقت تعلم القرآن والحديث الشريف والتاريخ والقراءة والكتابة والحساب، وبدأت حركته الفنية في المقاهي الشعبية، وكان في ذلك الوقت يهوى حفظ الأغاني والقصائد التي يمكن اعتبارها نقطة بروزه في الساحة الفنية. في العام ?1965 سجل أول شريط له في محل استوديو إبراهيم جريف، وكان عمره أربعة عشر عاما، وكانت أغنيته الأولى (هام قلبي في الهوى مرة) من كلمات الفنان جاسم سيف القصاب، وكانت الحفلات المحلية تسجل في جلسات شعبية. كما سجل بعضاً من أغانيه في أشرطة تسجيلات هدى فون لمالكها محمد بن علي محمود وتسجيلات الاتحاد لمالكها يوسف حسين، وتعرف على الفنانين المحليين من أمثال علي بن روغه، وحارب حسن وسعيد الشراري وجابر جاسم. وفي عام 1969 سجل المطرب سعيد سالم حسن المعلم أغنيات لإذاعة الكويت الشعبية. وشارك في برنامج المسابقات نجم الأسبوع إعداد وتقديم حسن كمال إخراج جمعة المهندي عام 1983م. قدم أكثر من 400 أغنية محلية شعبية معظمها من تأليفه ومن أشهر أغانيه الشعبية «خذني هواكم يا أهل الشارقة»، «ليش تنكر يا أبو شعر أشقر». المطرب سعيد سالم أحد الذين ابتكروا موسيقي إماراتية أصيلة لها طابعها الشرقي المتأثرة بالبيئة الإماراتية. ومن جوانب تجديده وعبقريته الموسيقية احترافه لفن الصوت والتمكن من الإيقاع المصاحب لفن الصوت. والصوت كركن أساسي في الأغنية الخليجية عموماً يطلق على الأغنية المحترفة التي ظهرت في الثلاثينيات وانطفأت شمعتها في الستينيات، ويقدم هذا الفن بمرافقة آلة العود، والطبل الصغير المعروف قديماً بـ «المرواس»، وهو فن غنائي احترافي ظهر في الخليج منذ أكثر من قرن. واشتهر هذا الفن عبر الأسطوانات الغنائية التي كانت تدار على آلة الجرامفون، أو ما يعرف في الإمارات باسم (البشتختة) أو (سنطور)، إذ كان يتجمع الناس قديماً في المقاهي الشعبية ويروحون عن أنفسهم بالاستماع لذلك الفن الجميل، الذي يميزه اللحن والإيقاع، وما ميز فن الصوت وأدى إلى انتشاره وتأثر الناس به، تلك الألحان العربية القريبة من أرواحهم وإيقاعها القريب من بيئتهم البحرية، لذلك تعلق الكثير من محبي الغناء والموسيقى به وتعمقوا فيه لتأديته بصورة رائعة، لاسيما من تميزوا بالقدرة على الغناء ممن يملكون حناجر صوتية رخيمة وتقنية عالية في التعاطي، والتمكن من استخدام آلة العود باعتبارها الآلة الرئيسة في فن الصوت. وقد تميز وتمكن المعلم من هذا الفن وأبدع في «غناء الصوت»، فغنى: «اغنم زمانك»، و«قال ابن الأشراف»، و«مال غصن الذهب»، و«جفني رطيب الكرى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©