السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحرس الوطني» العراقي.. كيف يتصدى لـ«داعش»؟

15 سبتمبر 2014 23:18
لافداي موريس بغداد يمثل «وثبان الجبوري» ذلك النوع من الرجال الذين تسعى الحكومة العراقية والإدارة الأميركية على حد سواء للاعتماد عليه في مواجهة مقاتلي تنظيم «داعش» الذي سيطر على مساحات شاسعة من العراق، فعلى مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة انخرط الشاب السُني الذي يبلغ من العمر 33 سنة في معارك شرسة لإبقاء التنظيم بعيداً عن بلدته، ولم يتوقف إلا بعد أن انفجرت سيارة ملغمة اندفعت نحو موقعه في الجبهة وأصابته بجروح اضطرته لدخول المستشفى، حيث يرقد حالياً. وكان رئيس الوزراء العراقي الجديد، حيدر العبادي، قد عبر عن رغبته في الاستعانة بمقاتلين من أمثال «الجبوري» لتشكيل وحدات الحرس الوطني، التي ستدافع عن محافظاتها وتردع التنظيم الإرهابي، وهو المشروع الذي أكد أوباما في خطابه ليوم الأربعاء الماضي أنه يدعمه ويعتمد عليه في التصدي للتشكيلات السُنية المتطرفة التي تنشط في صفوف «داعش»، لكن هذا المسعى دونه العديد من العقبات، بل حتى الجبوري نفسه الذي يقاتل التنظيم ليس متأكداً من نجاح المشروع، قائلاً:«لقد توسلنا إلى باقي العشائر في منطقتنا للانضمام إلينا ومحاربة «داعش»، لكنها إما لا تتجاوب، أو تقف إلى جانب التنظيم»، وفيما يعكف المسؤولون العراقيون على استكمال مشروع إنشاء الحرس الوطني وطبيعته تركز المناقشات الحالية على إقامة وحدات مسلحة تضم السُنة والشيعة ليحارب كل في مناطق نفوذه. وتبقى العقبة الأساسية التي تواجهها حكومة بغداد بقيادة الشيعة الحصول على تأييد المجتمع السُني، وأيضاً السيطرة على الميلشيات الشيعية التي تتزعم المعركة ضد «داعش»، هذا في وقت رفض فيه الأكراد أي حديث عن انضمام قوات البشمركة إلى الحرس الوطني، أما بالنسبة للجبوري فهو بالقطع لا يعارض إنشاء قوة من الحرس الوطني توفر الرواتب والذخيرة لرجال عشيرته، لا سيما وأن العناصر التي يحاربها في «داعش» تتوفر على تدريب جيد وسلاح كثير إلى درجة يقول إنهم ضحوا بسيارتي من طراز «همفي» في العملية الانتحارية التي أصابته بجروح في بلدته البعيدة بحوالي 45 كلم شمالي بغداد. لكن عشيرة «الجبوري» لا تمثل النمط السائد في العراق، فعندما اكتسح تنظيم «داعش» المناطق الشمالية والغربية للعراق خلال السنة الجارية، رحبت بهم بعض العشائر السُنية، فيما استسلم البعض الآخر دون مقاومة، وربما يرجع ذلك، حسب العديد من المراقبين، إلى التمييز الذي عانى منه السُنة تحت الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي، ومن تلك المناطق التي استقبلت «داعش» بلدة «عرب جبور» إلى الجنوب من بغداد، حيث رفض الشيخ مصطفى الشبيب، محاولات المسؤولين العراقيين طلب مساعدته لإقامة الحرس الوطني، فبالنسبة له يشبه التشكيل الجديد الذي تريد الحكومة العراقية إقامته البرنامج الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة في 2006 وانتهى بتشكيل ما يعرف بالصحوات السنية لمواجهة «القاعدة». ومعروف أن مشروع «الصحوات» وصل إلى نهاية مؤلمة عندما تولت الحكومة العراقية الإشراف عليه، حيت توقفت عن دفع الرواتب لأفراده، كما لم تلتزم بتعهد إدماج عناصرها في القوات المسلحة، وهو ما يتذكره الشيخ الشبيب بكثير من الحسرة، قائلا: في 2005 لم يكن الأميركيون يستطيعون القدوم إلى هنا، لكننا طردنا «القاعدة» وأعدنا الحياة مجدداً إلى المنطقة، ولم نحصل من الحكومة على أي شيء. وأضاف الشيخ أنه عندما حُل تشكيل الصحوات عُرضت عليه وظيفة جندي بسيط في الجيش النظامي، وهو ما يقول كان بمثابة إهانة بعدما كان يشغل رتبة لواء في جيش صدام حسين، ثم قاد لاحقاً تشكيلا من ثلاثة آلاف مقاتل ضمن الصحوات السُنية، بل اعتقل الرجل في 2009 بموجب قانون الإرهاب الذي يشتكي السُنة من أنه يستخدم ضدهم. لكن يبدو أن رئيس الوزراء الجديد يريد طي صفحة الماضي ومد جسور التواصل مرة أخرى مع العشائر السُنية، حيث أمر يوم السبت الماضي بوقف الجيش العراقي قصفه للمناطق المأهولة بالسكان، بما فيها البلدات السُنية التي يسيطر عليها «داعش»، كما أنه من الصعوبات الأخرى التي تنتصب أمام تشكيل قوات للحرس الوطني مسألة إدماج الميلشيات الشيعية في الحرس الوطني، وهو ما يشير إليه «راؤول ألكالا»، المستشار الأميركي السابق لمجلس الأمن القومي العراقي، قائلاً «لا أعتقد أنه من الممكن إدماج تلك الميلشيات في الحرس الوطني، لأنها لا تريد الائتمار بأي قيادة عدا زعمائها». ومن تلك الميلشيات التي تثير الكثير من الجدل «كتائب حزب الله» المصنفة ضمن التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة، حيث تضاعف عددها لأكثر من ثلاث مرات خلال الأشهر الثلاثة الماضية لتتجاوز 30 ألف مقاتل، حسب الشيخ جاسم السعيدي، إمام أحد المساجد الذي يتم فيه تجنيد عناصر جديدة من الشباب الشيعي المتحمس ونقله إلى الجبهة للقتال. ويقول الشيخ «لو طلبت منا الحكومة استخدام أسلحتنا تحت إشراف الدولة وتوجيهاتها فإننا سنفعل، لكن الوقت لم يحن بعد وعندما يأتي سيكون لنا شروطنا الخاصة، فنحن حمينا العاصمة، ودافعنا عن الحكومة، لذا لا تستطيع الوقوف ضد المقاومة الإسلامية»، في إحالة إلى الميلشيات الشيعية، بيد أن قادة سُنة آخرين مثل حميد المطلق أحد ممثلي السُنة في البرلمان وعضو لجنة الدفاع والأمن يعارض إدماج تلك الميلشيات، محذراً من أنه في هذه الحالة سيصبح «الحرس الوطني» المزمع تشكيله مجرد غطاء آخر لنشاط الميلشيات، هذه الحالة من انعدام الثقة في الميلشيات الشيعية تظل متجذرة في المناطق السُنية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©