الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي فرزات: لا توصيف لما يجري

علي فرزات: لا توصيف لما يجري
31 أغسطس 2011 21:36
أصيب رسام الكاريكاتير السوري المتمرد علي فرزات، إصابات بليغة في يده وعينه وصدره، بعد تعرضه للخطف والضرب من قبل مسلحين ملثمين أثناء عودته إلى منزله في دمشق. وذكر مهند، ابن الفنان، أن المسلحين الذين أشبعوا والده ضربا كانوا يقولون له، وهم يضربونه على أصابعه ويديه: “هذا لكي تتعلم ألا ترسم عن الحرية” و”هذا لكي تتعلم ألا ترسم ضد أسيادك”. وقد أثار خبر الاعتداء استياء واسعا في الأوساط الثقافية والفنية السورية والعربية نظرا لما يتمتع به الفنان فرزات من سمعة عالية على الصعيدين الشخصي والفني. ويعتبر علي فرزات المولود في حماة عام 1951، فنانا عالميا حيث فاز بعدد من الجوائز الدولية والعربية. ونشرت رسوماته في العديد من الصحف السورية والعربية الأجنبية. وأصدر في عام 2000 صحيفة خاصة “الدومري” الساخرة. وكان قد حصل على ترخيص بإصدارها عام 2001 وكان ذلك أول ترخيص يعطى لصحيفة مستقلة في سوريا منذ 1963، وشهدت رواجا كبيرا منذ بدء صدورها مع طبع 60 ألف نسخة، الا انه نتيجة بعض المشاكل مع السلطات توقفت الجريدة عن الصدور بعد ان تم سحب الترخيص منه في عام 2003. وأسس فرزات صالة للفن الساخر التي اتخذت من مقر جريدة “الدومري” موقعا لها لتكون استمرارا لفكرها معتمدا على النجاح الذي حصدته الجريدة لدى الجمهور الذي نقلت همومه وعكست واقعه وكانت لسان حاله. وفاز علي فرزات بعدد من الجوائز الدولية والعربية، منها الجائزة الأولى في مهرجان صوفيا الدولي في بلغاريا (1987)، وجائزة الأمير كلاوس الهولندية (2003). وأقام معرضا في معهد العالم العربي في باريس (1989)، ونشرت رسوماته في العديد من الصحف السورية والعربية الاجنبية. وفي حوار معه نشر في يونيو الماضي تحدث فرزات عن الأوضاع في بلاده فقال: ما يحدث في سورية، لا يخضع لتوصيفات أو عبارات أو مصطلحات، إنه شارع ينتفض ويثور، سورية تردّ اعتبارها، حضارة سورية تبدو ملامحها في الأفق، قوانين الطبيعة والإنسانية، نسيج واحد، وكما تثأر الطبيعة لنفسها، الإنسانية تثأر كذلك، من كلّ منتهكيها، ما يحدث في سورية لا يرتبط بشخص أو حزب أو منظمة، إنه حالة إنسانية، هناك شجر منتفض.. سماء منتفضة.. عصافير ثائرة.. حالة غير منعزلة عن الحالة الكونية، إنها مرحلة جديدة في تاريخ العالم، صدق البعض أم لم يصدق. يوجد دورات تاريخية وجغرافية وإنسانية، هناك قارّات تمحى وقارّات تولد، حضارات تزول وأخرى تحل محلها، هذه حالة كونية لا يمكن لأحد أن يعمي عينيه عنها. أحدث البشر ثقباً في الأوزون، أشبه بقرحة في السماء، لوّثوا الطبيعة، فانتقمت عبر أشكال مختلفة، من الزلازل إلى البراكين إلى تسونامي… الإنسانية كذلك الأمر، عندما تُنتهك قوانينها يوماً ما ستعيد اعتبارها وترمّم نفسها من جديد، الإرادتان الأقوى هما إرادة الله وإرادة الشعب، ويجب الخضوع لهما، إنّهما القدر، أو هما تجلّي هذا القدر. وكان الفنان علي فرزات قد صرح في العام 2007 لمجلة “نيوزويك” الأميريكة، بأن “النظام السوري يحتاج إلى إصلاحات، وإذا لم يتحرك وبسرعة فالطوفان قادم”، وعن هذا الاستشراف يقول اليوم: إن التحرك الذي يجري اليوم أشبه بسيارة فيها ثلاثة غيارات، أول.. ثاني.. ثالث، لكن لا يوجد أ”نرييه” (رجوع للخلف)، لا طريق للعودة أو الرجوع إلى الخلف، إنه حالة من رد الاعتبار للقيم الإنسانية، وأما من اختار أن يدفن رأسه في الرمل فهذه تبقى مشكلته هو، وفي المحصلة “لكي تخرج من الحفرة عليك أن تتوقف عن الحفر”، الطبيعة الإنسانية ستنتقم لنفسها، لا أعرف بأي طريقة، ولا بأي شروط! لكني متأكد من ذلك. ومنذ إغلاق صحيفته “الدومري” وحرمانه من النشر الصحفي، لجأ فرزات إلى الشبكة العنكبوتية ينشر عبره رسوما على موقع “الفايس بوك”، وعن هذه التجربة يقول فرزات: لم أكن سابقاً أؤمن بوسائل النشر الإلكترونية، كنت أظنها كالقبلة من وراء الزجاج، لكن بعد إغلاق “الدومري” وجدت نفسي معلقاً بالهواء، ولابد للفنان من التواصل مع الجمهور والناس، لأن كل عمله هو جزء منهم ومن المجتمع، وهذا التواصل لا يتم إلا من خلال وسيلة، لذلك لم يعد لدي من سبيل إلا التواصل الإلكتروني مع جمهور يفاجئني بحجمه، إذ استطعت بين يوم وليلة أن أجعل ما كنت أنشره في جريدة “الدومري” يصل إلى كل العالم، ويحقق انتشاراً أسهل وأسرع مما كان يحققه ورقياً، وأضاف لي التواصل مع الناس مادةً جديدة، وتفاعلية أعلى من خلال إبدائهم آراءهم المختلفة حول ما أقدم، وهو ما أشعرني أن “الدومري” عاد للظهور وبيده الفانوس الالكتروني بدل فانوس الغاز، وهذا لا يمكن أن تطفئه عواصف الفروع الأمنية. وقد حظي الاعتداء على الفنان علي فرزات بتغطية إعلامية كبيرة ربما لم يحسب لها من قاموا بالاعتداء حساب، وقد فتحت وزارة الداخلية السورية تحقيقاً لمعرفة ملابسات الاعتداء الذي تعرض فرزات في دمشق وللكشف عن منفذيه. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) “أن السلطات المختصة في وزارة الداخلية تقوم بعمليات البحث والتحري لمعرفة ملابسات الاعتداء والوصول إلى الفاعلين من أجل تقديمهم للعدالة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©