الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» ومناورة الكونجرس

15 سبتمبر 2014 23:18
كولبرت كينج كاتب أميركي اهتم الرئيس أوباما بصورة أفضل بمشاوراته مع الكونجرس بشأن خططه لمحاربة تنظيم «داعش». وربما يكون وزير الخارجية جون كيري قادراً على حشد تحالف شركاء قوي في الخارج من أجل الانضمام إلى القوات الأميركية. بيد أن أي تأييد من الكونجرس لاستراتيجية أوباما سيكون على الأرجح بمثابة قرض قصير الأجل ستتم المطالبة برده إذا واجهت المهمة صعوبات. وفي تعامله مع تنظيم «داعش»، لدى الكونجرس هدفان لا يلتقيان، هما التخلص من جماعة إرهابية باعتبارها تمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وتفادي التزام عسكري كبير آخر في الشرق الأوسط. وسيكون الوفاء بهذين الغرضين المتناقضين هو الشغل الشاغل للكونجرس. وعلى الأرجح، فإن الكونجرس سيلجأ إلى المناورة التشريعية التي أجادها على مدار سنوات، كحيلة للاستفادة وفق كافة الأوجه من رده على أوباما. لكن دعونا نتذكر أنه عندما أعلن أوباما في أغسطس عام 2013 أن توجيه ضربات عسكرية هو ما ينبغي القيام به رداً على استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية، أنه حينئذ كان الرئيس يرد على الصقور في الكونجرس ممن طالبوه باتخاذ موقف حاسم في وجه المجزرة التي ارتكبها الرئيس السوري بشار الأسد بحق شعبه. وحينها تعالت صيحات الإدانة داخل الكونجرس عندما ظهر أوباما متردداً في دخول المستنقع السوري. وقد انهالت دعوات التدخل والعمل الإنساني على البيت الأبيض. واستمر ذلك إلى أن بدأ أعضاء الكونجرس ينصتون إلى الآراء المعارضة في الداخل. وبعد كل ذلك الضجيج، رفض الكونجرس تأييد الضربات. لكن بعد أن تخلى المشرعون عن أوباما، أعلنت سوريا تخليها عن استخدام الأسلحة الكيماوية ورتبت للتخلص من مخزونها بموجب اتفاق توسطت فيه واشنطن وموسكو، ولم يكن ذلك ليحدث من دون التهديد بتوجيه الضربات. بيد أن «الكونجرس» جنى ثماراً لم يزرعها. وحدث سيناريو مماثل في حالة العراق. ففي عام 2002، هيمن الغضب على الكونجرس من طغيان صدام حسين والتهديد الذي يمثله نظامه على منطقة الشرق الأوسط. ومن ثم صوت المشرعون، الذين اقتنعوا بضرورة التحرك، لصالح استخدام القوة في العراق. ووافق مجلسا النواب والشيوخ على ذلك. ورغم أن الاجتياح لقي استحساناً واسع النطاق، وقد شنّته القوات الأميركية بحنكة كبيرة، إلا أن حرباً طائفية اندلعت، وأوشكت على الدفع بالبلاد نحو التقسيم، وبدأت توابيت جثث الجنود الأميركيين تعود إلى الوطن، ومن ثم غيّر كثيرون في الكونجرس موقفهم، وأصبح العدو هو «جورج بوش». ونحّى المشرعون باللوم على بوش لإقناعه لهم بأن صدام كانت لديه أسلحة دمار شامل، الادعاء الذي زعمته الإدارة ثم ما لبث أن ثبت خطأه. ولكن لا تنخدعوا! فلو أن عراق ما بعد صدام كان قد تحول إلى ديمقراطية مزدهرة خالية من العنف الطائفي وسادته الحرية والعدالة لجميع أهله -بتكلفة قليلة للولايات المتحدة- لتفاخر الكونجرس ولتناسى أسطورة أسلحة الدمار الشامل. ولابد أن أوباما قد تعلّم الدرس الآن، فعندما يتعلق الأمر بعمل عسكري خطير في موسم سياسي لا ينتهي، سيسعى الكونجرس دائماً إلى الاستفادة منه بأي وجه كان! وانتظار موافقة الكونجرس أو اعتراضه على التدخل العسكري المقترح ضد تنظيم «داعش» سيكون مثل انتظار انقشاع الظلام. وأفضل ما سيحصل عليه أوباما من مجلسي النواب والشيوخ سيكون ضوءاً أخضر لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة وشنّ ضربات جوية على أهداف «داعش». وعلى الرغم من ذلك، سيستمر انتقاد الإدارة لأنها لم تتحرك بما يكفي من القوة أو بالسرعة المطلوبة، وإن لم يفسر المنتقدون ما يقصدونه بذلك. وفي كافة الأحوال سيحتفظ الكونجرس بالحق في التباهي والتفاخر عندما تمضي الأمور بخير، وسيوجه اللوم وينأى بنفسه عند أول إشارة على وجود مشكلات. وفي ضوء ذلك كله، لابد أن يواصل الرئيس أوباما عزمه القوي على التعامل مع تهديد «داعش»، وعليه أن يسمع كافة الحقائق وينصت للآراء، ويتشاور ويتعاون مع الكونجرس.. لكن في النهاية عليه أن يمضي قدماً حسبما يرى من أجل تحقيق المصلحة الأفضل للولايات المتحدة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©