السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البشر في عيون القرود

البشر في عيون القرود
31 أغسطس 2011 21:40
حقق فيلم “صحوة كوكب القرود” Rise of the Planet of the Apes في عروضه العالمية نجاحا يوازي النجاح الذي حققه فيلم “آفاتار” العام الماضي. فعلى صعيد الإيرادات في الولايات المتحدة الأميركية، اقتحم الفيلم الصالات بقوة وجمع في أسبوعه الأول ما يقرب من 54 مليون دولار، بذلك يصل معدل أول أسبوعين إلى ما يقرب من 105 مليون دولار، بينما وصل إجمالي إيراداته العالمية في أسبوعين أكثر من 180 مليون دولار. يستند الفيلم إلى فكرة علمية صادمة، وهي محاولات البشر لدراسة ذكاء القرود وتطويرها، حيث بدأت هذه المحاولات في الفترة الأخيرة، وفي الواقع فإن أقدم الأبحاث حول ذكاء القرود يرجع إلى 50 عاماً مضت، أي قبل ظهور الجزء الأول من كوكب القرود عام 1968 بفترة بسيطة. وفي هذه النسخة الجديدة من الفيلم تم تصميم القردة عبر تقنيات الكمبيوتر جرافيك الحديثة عكس العمل الأول الذي لعب المكياج الدور الرئيسي في المؤثرات، وقام ممثلون متنكرون فيه بدور القرود. تدور الأحداث حول الكيفية التي أدت بها تجارب الإنسان في مجال الهندسة الوراثية إلى تطوير ذكاء القرود، بما سمح لها في النهاية بالسيطرة على البشر. ويعد هذا هو الفيلم السابع من سلسة كوكب القرود. ومن أبطال الفيلم النجم جيمس فرانكو الذي يقدم فرانكو الشخصية الرئيسية في الفيلم، وكان سابقاً قد قام بالعديد من الأدوار المهمة، ومنها صديق الرجل العنكبوت في Spiderman-2002، وتجسد الشخصية النسائية الممثلة فريدة بنتو، والفيلم من إخراج البريطاني روبرت ويات، الذي صرح بأنه يفكر في تقديم جزء ثان من الفيلم، بعد نجاحه والإشادة به. وقد تم تصوير الفيلم في سان فرانسيسكو، وتبلغ مدته ساعة و45 دقيقة، وتكلف إنتاجه 93 مليون دولار. ويقول المنتج بيتر تشرنين: “إن هذا الفيلم يمثل تحولاً جذرياً عن النمط القديم لسلسلة أفلام (كوكب القردة) في أن قيصر يمثل البطل الرئيس، وأن القدر الأكبر من التعليق يُروى من وجهة نظره هو، ولسوف يشعر المشاهد باهتمام شديد بقيصر ورحلته”. وحقق فريق المؤثرات البصرية الفائز بجائزة أوسكار، والذي سبق له أن بث الحياة في فيلمي “آفاتار” و”ملك الخواتم”، إنجازًا جديدًا، حيث نجح في إنشاء صورة حاسوبية لقردة تقدم أداءً دراميًا يجمع بين العاطفة والذكاء بشكل غير مسبوق، وتخوض معارك ملحمية يتوقف عليها مصير البشر والقردة على حدٍ سواء. وتتناول قصة الفيلم، التي تجري في سان فرانسيسكو في وقتنا الراهن، الكيفية التي أدت بها تجارب الإنسان في مجال الهندسة الوراثية إلى تطوير ذكاء القرود، بما سمح لها في النهاية بالسيطرة على البشر، وتدور الأحداث في سان فرانسيسكو في هذه الأيام، حيث يعمل العالم ويل رودمان لدى شركة كبرى متخصصة في الصناعات الدوائية، ويقوم بإجراء بحوث في علم الوراثة، بغرض تطوير فيروس حميد له القدرة على استعادة أنسجة المخ التالفة، ويتعهد بإيجاد علاج لمرض الزهايمر الذي أصاب والده، غير أن إدارة الشركة تعتبر هذا البحث فاشلاً، ويتعين على ويل إنهاء برنامجه، وفي خضم الارتباك الذي يثيره نبأ هذا الإنهاء المفاجئ، يجد ويل نفسه وقد عهد إليه برعاية أحد صغار الشمبانزي حديثي الولادة المنبوذين، وهو وليد ذكر نتج عن أكثر الحيوانات الواعدة التي خضعت لتجاربه. وقد تيتم مؤخرًا، واسم هذا الشمبانزي الصغير يدل على العظمة فاسمه قيصر، ويقوم ويل بتربية قيصر الصغير سرًا على نفقته الخاصة وفي منزله، في الوقت الذي يتولى فيه رعاية أبيه المريض، ويقود قيصر ويل إلى التعرف على كارولين (تجسدها فريدا بينتو) عالمة الأحياء البدائية التي تضطلع بدور الطبيب البيطري لقيصر، والتي تشارك ويل شغفه في مجال الهندسة الوراثية، وتسهم في تطوير مستوى الذكاء لدى القردة، ومن ثم اندلاع الحرب، لتقرير لمن تكون السيادة على كوكب الأرض. والسؤال الذي يمكن طرحه هنا ما الذي يمكن أن تقوله هذه الأفلام عن النوع الإنساني؟ من المعروف أنه سبق للإنتاج الهوليوودي أن اهتم بقصص من نوع الحب الذي ينشأ بين بشر وقرود، منها فيلم “كينغ كونغ” الشهير الذي ظهر في ثلاثينيات القرن الماضي. كما ظهرت سلسلة أفلام عن طرزان وعلاقته مع القردة تشيتا. وأدى الممثل كاري غرانت دورا في فيلم “عمل القرود” ومثله فعل كلينت إيستوود في فيلم آخر، ويظل مشهد الغوريللا مرتدية زيا عسكريا وهي تمتطي حصانا في فيلك “كوكب القردة” من أشهر المشاهد في السينما الكلاسيكية. ويقول روبرت وايت مخرج فيلم “صحوة كوكب القردة” إن “الشيء المهم في ميثولوجيا القرود إنها بمجملها عنا وعن عالمنا”. ويضيف “هذا المشهد الذي يقلب فيه العالم، انه ينقر على مخاوفنا البدائية.. ويقدم فكرة ان العالم حيث لا نكون نحن فيه الأولون”. وقد بدأت ظاهرة كوكب القردة مع رواية بيير بولي عام 1936 ومن ثم مع الفيلم الذي انتج عام 1968 وكان من بطولة تشارلتون هستون والذي امتد في أربعة أجزاء فضلا عن مسلسل تلفزيوني عام 1970 ورسوم متحركة. ويصف ريج هاندلي مؤلف كتابي “معجم كوكب القردة” (2010) و”تسلسل زمني لكوكب القردة” (2008) هذه الأفلام بقوله “تبدو في الظاهر انها عن القردة لكنها في الواقع عن البشر”. ويضيف “انهم يحملون مرايا أمامنا.. وثمة انعكاسان في هذه المرآة الا أن لا أحد منهما يبدو مغريا جدا”. ونرى في الفيلم الأول بشرا يختزلون إلى متوحشين لا عقول لهم، وقرود ذكية تقلد حرفيا السلوك البشري وتقوم بأفعال سيئة مثلهم: فما زالوا يظهرون تعصبا ودوغمائية دينية وبارانويا عسكرية. ويقول هاندلي ان “كل من البشر المتوحشين والقرود الذكية المتغطرسة هم في الواقع انعكاس للاإنسانية الإنسان”، مشيرا الى ان السلسلة تستكشف قضايا أخرى أمثال البارانويا النووية والتطرف الديني والقسوة الحيوانية. وفي عام 2011 ثمة قضايا أخرى يتم عرضها في فيلم “صحوة كوكب القردة” مثل بحوث الجينات الوراثية والاختبارات التي تجرى على الحيوانات كقضية أساسية في الفيلم، فضلا عن العلاقة بين الآباء والأبناء. يؤدي الممثل جيمس فرانكو في الفيلم دور ويل رودمان العالم الذي يبحث عن علاج لمرض الزهايمر، وينجم بحثه جزئيا من ان والده (يؤدي دوره الممثل جون ليثغو) كان مصابا بهذا المرض. وعندما يتم إغلاق المشروع يواصل رودمان العمل بتجاربه في بيته على شمبانزي يؤدي دوره الممثل اندي سيركيس. وينتهي الأمر بهذا القرد ذي الذكاء العالي في أن يجد لنفسه ملجأ خاصا وتتسارع الأحداث لتصبح الأمور خارج سيطرة الإنسان. يقول المخرج روبرت وايات “إنها قصة سبارتكوس... إنهم قلة من القردة الذين يثورون ضد مضطهديهم، ولكنه بعد ذلك فيلم هروب ايضا، فهم يحاولون اكتشاف الفردوس”. وعن الإقبال الذي يحققه الفيلم يقول المؤلف ريج هاندلي: “جزء من الإقبال يأتي من بقاء قوة القضايا الأصلية” فالمشكلات التي كان لها صداها لدى جمهور الأفلام الأولى مازال لها صداها في يومنا هذا: ما زلنا نسيء معاملة الحيوانات وندمر البيئة ونحس بخطر ان نكون محاصرين”. أما المخرج وايات فيقول “إن كوكب القردة يتحدى فينا مدى تفكيرنا بالعالم، وهو يثيرنا أيضا من وجهة النظر الترفيهية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©