الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كائن من حبر

31 أغسطس 2011 21:44
أحمد صالح الرداعي * ? هذا أنا.. نسخة وحيدة، قطعة لحم، معزوفة دمِ، لا تتكرر في جسد، ظل لا تحتمله وحشة الطريق، وحضورِ لا دهشة تتسع له، وخطىَ تكنس الفراغ، كقطط لقيطة، تموء في هزيع اللحظات المجهدة! ? أنا كائن من حبر.. سطر حزين.. لم يجد جملة مغرية تحنو عليه! ? لو في عالمك متسع لي.. دعني أكون لك، صديقاً بالمجاز، صديقاً للحظات، صديقاً إلى حين أحدنا يقفل قلبه على الآخر! ? كأنني أعرفك، كأنك تعرفني، يخيل لي أحياناً، أننا أنصاف بعضنا، كأنما لم نلتق يوماً، وإن التقينا، فلربما في كل يوم سنفترق. ? هيا لنغادر هذا العالم الافتراضي، ولنجد لنا عالماً أعمق صدقاَ، وأكثر نزاهة، هيا لنغادر بعضنا، وننأى عن أشباحنا، علنا نلتقي يوماً بأشباهنا.. ? يا صاحبي.. سأقول لك، وأمضي.. نلتقي في طعنة أخرى، وفي صدفةٍ أبعد مما أرى! ? أحب أن أتيه في براري الرياح، أكنس خيباتي بمدنِ بلا أصدقاء، وأهذي برفقة ظلي، بآخر منعطفات اللآآآآآآآآه!! ? حسبي أن أنادي نفسي، علّي أجد في روحي بقايا صدى، حسبي أن أعرف نفسي علي أشعر ولو برهة، أنني ممتلئ بي.. ? لا زلت أتنفس سعال الخيبة، أتصدع بدوامة اللامعقول، وأنكمش في غيبوبة اللاممكن، أشهق لا، لا لماضٍِ تهاوى بين ذكرى طعناتهم، وكوابيس خياناتهم، لا لحبي، ولهم، ولأنانية العالم كله.. ? نحن لن نفترق أبداً.. أتدري لماذا؟ لأننا ببساطة متناهية، لم نلتق يوماً.. ? كنت مثلك هكذا ممسوساً بالثرثرة، كنت أحدث نفسي كثيراًَ، أهلوس مراراً، حتى أصبحت مسكوناً بي.. ? كان عندي لعبة صغيرة اسمها الأمل، هشمها اليأس، فأهملتها للأبد، لأني لا أحب اللعب بالأشياء المكسورة.. ? سأستل دمعة، لأبخر ثمالة شجوها، واعتق بها مقلة غيمة، عابرة إلى حبي.. ? من منا لم يكتب الشعر لحبيبة محتملة، من منا لم يحرق الشوق على شرفة مسهدة، ومن منا لم تغرق بمياه أعماقه، سفينة حب اسمها التيتانك! ? سألتني عرافة: إلى أي قلب ينتمي نبضك؟ وأي عش سيكون مستقرك، وقد تآمرت كل العصافير ضدك؟ ? كائنتي المؤجلة، وجدتها، فأحببتها، غداً سأتزوجها، وبعد غدٍ سأنجب منها، وبعد ألف غدٍ سأمنح أطفالي دنيا من الحب، وامنحها العمر كل العمر، يا الله! هل ما زال لديَّ بالعمر بقية تستحق الإهداء لقلب (نور) كي لا تتهمني بالبُخل..!! ? صوتك هو الخبز اليومي الذي يقضمه قلبي باشتهاء زائد، وحالما ينقطع أصبح بائساً تماماً كجياع الرصيف.. ? لحظات التوحد بالألم.. أصدق من الانحناء له! ? الانتظارات لا تجبرنا أبداً على شيء، إنها فقط تجعلنا، نستنفد أنفاسنا، ونفتح أحداقنا لأبعد مدى، ريثما يجيء الذي لا يجيء أبداً. ? الفراغ.. يجعلك تعيش في وحشة لا متناهية، يفقدك عذرية إحساسك بالأشياء، فُيميتُها بداخلك.. ? الوحدة.. هي نعمة الانتقام من الذات، إذ تربي فيك الانتماء لحياة مفرغة، مقطوعة من كل شيء، وخارجة عن كل شيء!! ? السيجارة تشبه المرأة الساقطة، يشترونها كي يجترحونها ببوساتهم، ثم يبصقونها تحت مداساتهم..! ? كيف الحال أيها الموت، أشك أنك مازلت معافى من دوني!! ? يشوقني أن أحظى بموتةٍ صغيرة تطفو فوق نهر غصاتٍ روته دموع بشر.. ? كلنا نراكم الكبت في دواخلنا ليس لشيء، وإنما لكي نتفجر ذات إجهاشة حب، في وجه شخص لا ذنب له سوى أنه كان قدرنا.. ? عليك يا صاحبي أن تكون تافهاَ لكي يحتفي بك الآخرون.. ? قلوب تشبه الدمى، تنبض في جسد الحياة، الحياة جسد، كل جسد له عمر افتراضي، وكل حب له خاتمة مبتورة، وكل خيانة يسبقها هدوء، وتعقبها عاصفة، تمنحنا إغماءة موته، تبغتنا كسكرة، تبدد لهونا، ثم تطحن رحى شهقاتنا ذات قيامة مبكرة.. ? كم مشهد عاطفي عشناه، في أوج انفعالاتنا، وكم جملة غرامية، حفظناها عن مسلسلات القبل الساخنة، وأفلام الأحضان الدافئة، وكم لهاث تلهف، ذرفناه بمشيمة الفراغ، وكم مقاطع غزل، ظلت تنخر شغافنا عميقاً، ولتعسنا الأكثر فداحة، لم نستطع أن نهمس بها يوما في أذن من نحب، لأننا ببساطة، لم نجد من نحب.. ? أمهاتنا سر طهارتنا.. وحبيباتنا مشروع تعاستنا.. لكن حبيباتنا لا شك سيصبحن يوماً أمهات لأطفال يشبهوننا.. ? كم هو أناني هذا الزمن المعولم.. لم يمنحن يوماً فسحةَ تأمليةَ للحياة، وللعصافير، والأمكنة.. ولم يرفهني قط بمتعة، أو بنكتة أو حتى بأصداء بهجة غوغائية، تجدد حيويتي تملؤني مرحاً.. تجعلني أنبضُ سعادةَ في كونِ آخر.. ولم يمنحني وقتاً كافياً للكتابة بألفةٍ محببة.. بعيداً عن زحمة العمل، وأكوام النكد، وأعباء الدراسة.. ? ترى ماذا بقي لي.. سواي..!! ? كانوا معي.. طيبين كقلبي.. مهذبين ككلاب مدللة.. كنت لهم قطاً أليفاً.. أشف غضاضة وأشع وداعة غير أنني بعد سلسلة خذلاناتهم، ومصالحهم المتضارب لم أتوان بخلعهم من مشجب ذاكراتي ووصم بقاياهم بلعنة التناسي وبتر دمامل أسمائهم من قائمة حياتي، للأبد، وبأقصى ما أملك من قسوة.. ? البارحة فقط.. أحسست كم أنا أحمق حين فكرت أني بك مكتمل، لكني عدت لأكتشف أن المجزأين مثلي، يظلون أنصافاً، لا نصف يعتنقهم على امتداد حياتهم.. * كاتب يمني
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©