الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا تواجه تحدي النمو وسط صرامة التقشف

أوروبا تواجه تحدي النمو وسط صرامة التقشف
22 يناير 2011 21:01
أصبح النمو الاقتصادي هدفاً صعب المنال بالنسبة للاقتصادات المنهكة، لكن يبدو أن بعض الدول الأوروبية التي هي في أشد الحاجة إليه، لن تحصل عليه قريباً. وتجاوزت موجة التعافي التي عمت أميركا وشمال أوروبا، محطة منطقة اليورو المثقلة بالديون والتي تعاني من صرامة برامج التقشف مثل اليونان والبرتغال وايرلندا التي طبقت بالفعل معدلات خفض كبيرة في إنفاقها وزيادات في ضرائبها. ومن المنتظر أن تقود هذه المعايير إلى اقتصاد معافى، لكن قطف ثمار ذلك يتطلب مزيداً من الوقت. وفي غضون ذلك، يُولد بطء النمو الكثير من الضغوط على عملة اليورو ويعمل على ربط دول قوية مثل ألمانيا بأضعف دول في الاتحاد الأوروبي. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تحقق الدول التي تستخدم اليورو نمواً يصل إلى 1,5% هذا العام، وذلك أقل من النمو الذي توقعه لأميركا عند 2,3%. وبينما يعكس بعض من هذا التباين بطأ في النمو السكاني في أوروبا، يشير في ذات الوقت إلى المزيد من تناقص ثقل أوروبا في الاقتصاد العالمي. وكان هذا التوقع قبل مصادقة الكونجرس الأميركي في ديسمبر على الحزمة التحفيزية البالغة 858 مليار دولار والتي قادت بعض الاقتصاديين لرفع توقعاتهم بنمو الاقتصاد الأميركي نحو 4%. أما أوروبا، فلا تملك مثل هذه الحزم لتساعدها على خلق تعاف قوي. ويبدو أن الصورة وعلى المدى البعيد، تحسنت بعض الشئ. وذكر صندوق النقد الدولي أنه وبحلول 2015 ربما لا يتجاوز نمو منطقة اليورو أكثر من 1,7%. وتعني هذه الأرقام، وللعديد من المحللين، طول رحلة العودة نحو الرفاهية الاقتصادية. ويقول توماس ميور كبير الاقتصاديين في “دويتشه بنك” “هذا البرنامج من أكثر برامج التقشف قساوة، خاصة في غياب مساعدة خفض قيمة سعر الصرف. وسيستغرق ذلك وقتاً طويلاً وسيخلف صعوبات اقتصادية جمة في هذه البلدان”. وتلوح في الأفق بعض البوادر الإيجابية، حيث لا توجد أي دولة من بين دول اقتصادات أوروبا الكبرى على حافة الكساد. وحققت ألمانيا في العام الماضي نمواً قدره 3,6%، ليساعد ذلك في دفع عجلة النمو في دول منطقة اليورو الأخرى. ونفذت كل من إسبانيا والبرتغال بالرغم من ضعف نموهما، مزادات ديون بمستويات أفضل مما كان متوقعاً. لكن المحللين أشاروا إلى مطالبة الدائنين بأسعار فائدة كبيرة للسندات مما يعكس مخاوف حاجة إسبانيا والبرتغال إلى برامج الإنقاذ المالي، لترافق ذلك شكوك حول مدى مقدرة أوروبا في احتواء أزماتها. ويعني الانقسام الاقتصادي في أوروبا أن بقاء اليورو في شكله الحالي لم يعد بالمضمون خاصة إذا فشل صانعو القرار في إيجاد حلول لمشاكل القارة المستعصية. وتراجعت هذه التوقعات في الوقت الذي كان متوقعاً فيه نموا معتدلا في الدول المشابهة لأيرلندا والبرتغال. ويُعول الاقتصاد الأيرلندي كثيراً على قطاع الصادرات في ظل أداء قطاع الإنشاءات الضعيف. وتهدد برامج خفض الإنفاق الحكومية الصارمة تعافي قطاع الصادرات هذا العام. وتراجعت توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد من 2,3 إلى 0,9% فقط. أما مشاكل البرتغال، فهي من نوع آخر. وبعكس أيرلندا، فإن مصارفها لا تعاني من أي مشاكل. لكن الحكومة تقع تحت أسر ديون ثقيلة، وأن اقتصادها على قلة نموه سيستمر في الضعف، في ظل فرض الحكومة قيود على الاستثمارات التي تعتبر المحرك الأساسي لنمو الصادرات، في الوقت الذي عانى فيه الاقتصاد من خفض الأجور وزيادة الضرائب. والأسوأ من ذلك، أن الاقتصاد الألماني سيتأثر بمشاكل جيرانه حيث من المتوقع أن يتراجع بصورة ملحوظة نتيجة لمعدل الإنفاق الكبير الذي قامت به ألمانيا للمحافظة على بقاء اليورو. كما أن جيرانها وبافتقارهم إلى الأموال الكافية، لم يعد في مقدورهم شراء الصادرات الألمانية. وبعد النمو الذي حققته ألمانيا في فصلي الربيع والصيف الماضيين، ربما تهدأ وتيرة نموها عند 2% هذا العام، قبل أن تتراجع إلى 1,3% في 2015، وذلك حسبما ذكره الصندوق. وكانت ألمانيا، وحتى وقت قريب توصف بأنها “رجل أوروبا المريض”، لكنها حسنت من درجة منافستها بعدما قضت عقد من الزمان في تهيئة اقتصادها وتحويله إلى قوة صناعية تتجه نحوها أنظار العالم أجمع. وفي سبيل ذلك، أعادت تنظيم سوق عملها ونظامها الضريبي والمحافظة على مستوى الأجور، وهي المعايير الشبيهة التي انتهجتها دول مثل أيرلندا. ومع ذلك، ليس بإمكان كل دولة أن تصبح قوة صناعية كما فعلت ألمانيا، حيث تواجه تلك الدول الواقعة في جنوب أوروبا تحدي بعث روح جديدة في اقتصاداتها. وتحاول اليونان مثلاً تحويل نفسها إلى “اقتصاد أخضر” بتركيزها على تطوير الطاقة المتجددة وهي الخطة التي تأمل الحكومة في أن توفر لها نحو 200,000 وظيفة بحلول العام 2015. لكن يواجه السياسيين هناك مشكلة تأمين المليارات التي تحول الحلم إلى حقيقة. ودق ضعف أداء المنطقة أجراس الإنذار في مناطق أخرى من العالم. وجددت الصين مؤخراً التزامها القاضي بمساعدة أوروبا - التي حلت محل أميركا في الآونة الأخيرة كأكبر شريك تجاري للصين – للخروج من أزمة ديونها السيادية. كما استغلت الصين هذه الأزمة كفرصة لتأمين صفقات كبيرة في تلك البلدان التي تعاني من الأزمة مثل الحصول على عقد إيجار مدته 35 عاماً في ميناء بيرايوس اليوناني واحد من أكبر المنافذ إلى أوروبا. وتعتبر أوروبا من أكبر المستهلكين للبضائع المستوردة، خاصة من البلدان الناشئة الأقل تكلفة. وأعلنت اليابان مؤخراً مساندتها لأوروبا بالرغم من المعاناة التي يعيشها اقتصادها مما أدهش المراقبين. كما أنه من الممكن أن يؤدي التراجع الكبير في اقتصادات أوروبا إلى إعاقة عملية التعافي في اليابان نفسها نسبة لتأثير ذلك على صادراتها إلى المنطقة التي تعتبر ثالث أكبر سوق للصادرات اليابانية بعد الصين والولايات المتحدة. ومن الممكن أن تدخل الاقتصادات الأوروبية في كساد آخر في حالة دخول مصارفها في أزمة جديدة. وتحتاج أيرلندا لبرنامج إسعافي نتيجة لموافقة الحكومة على مساعدة مصارفها الضعيفة التي غمر ضعفها الخزانة الوطنية. ويتخوف العديد من المستثمرين من تعرض المصارف الاسبانية للانهيار في قطاع العقارات مما يقود مدريد للمطالبة ببرنامج انقاذ أيضاً. ويقول كارل وينبيرج كبير الاقتصاديين في “هاي فريكوانسي إيكونوميز” لتحليل البيانات الاقتصادية وتقييمها “كانت أيرلندا من البلدان الجيدة، لكن تسبب نظامها المصرفي في تدهورها، ويكمن الخطر في أن تنتشر هذه الظاهرة في بقية دول منطقة اليورو”. ومن المؤكد أن برامج التقشف التي تم تبنيها في أوروبا لن تقود إلى نمو الاقتصادات بين عشية وضحاها وسيذهب عدد كبير من الناس ضحايا لها، مما يجعلها تهدم قبل أن تبني. وعلى الحكومات خفض تكاليفها عبر خفض الأجور والتعويضات والدخول، في الوقت الذي تعمل فيه على خفض الإنفاق وزيادة الضرائب. وعززت الأزمة بالفعل الضغوط الواقعة على السياسيين في أوروبا ليتراجعوا عن شبكات السلامة الاجتماعية الخاوية التي أصبحت مرهقة وغير مستقرة مالياً، في الوقت الذي تتراجع فيه الاقتصادات، وتستنزف فيه البنية السكانية الأموال. ويقول جيمس كلاو كبير المحللين السياسيين في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” “وضح التأثير السلبي بالفعل وسيستمر في الجزء الأكثر ضعفاً من السكان. أما كيف سيتم ذلك، فمن يعش في السنوات القليلة المقبلة حتماً سيرى”. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©