الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمن المطارات... وإزعاج تفتيش «الماسحات»

26 نوفمبر 2010 21:28
في نقاش ما فتئ يزداد احتداماً حول عمليات التفتيش اليدوي لأجسام المسافرين وإخضاعهم لعمليات التفتيش باستعمال الماسحات الضوئية، بات من الصعب إيجاد مكان معقول ليسافر منه المرء. ولكن، هل يصب ذلك في مصلحتنا حقّاً؟ أم أننا نقايض ما تبقى من كرامتنا الإنسانية بـ"حلول" تنتهك الخصوصية وتقوض الحقوق الفردية؟ الواقع أنه منذ أن شرعت إدارة أمن النقل في تطبيق إجراءات التفتيش الجديدة باستعمال أجهزة المسح الضوئي قبل حوالي ثلاثة أسابيع، احتج مئات الأشخاص على هذه الإجراءات الجديدة؛ حيث اشتكى بعضهم إلى جمعيات حماية المستهلكين والاتحاد الأميركي للحريات الفردية وبلَّغوا عن حالات لمس وتحسس لمناطق حساسة من أجسادهم؛ بينما اشتكى مسافرون آخرون من تعليقات غير لائقة أطلقت حول بنياتهم البدنية. وبالتالي، أصبح السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل الأمر يستحق كل هذا فعلاً؟ وما هو الثمن من حيث الكرامة والخصوصية الذي نحن مستعدون لدفعه مقابل وهْم الأمن؟ وعشية عيد الشكر (الخميس الأخير من شهر نوفمبر)، يعتزم عدد من المسافرين المستائين إظهار اعتراضهم على توسيع صلاحيات "إدارة أمن النقل" عبر الاحتجاج في نقاط التفتيش الأمني أو عبر مقاطعة السفر أصلاً. وفي غضون ذلك، تبدو التطمينات الصادرة عن إدارة أمن النقل غير مطمئنة في الواقع. فهم يقولون: صحيح، على رغم أن عملية المسح الضوئي تكشف عن الصدرية والسروال الداخلي بالخصوص، إلا أن المفتشين يجلسون في مكان آخر ولا يعرفون هوية الجسد الذي يرونه معروضاً على الشاشة. كما أنهم لا يكترثون لذلك كثيراً. بيد أن الأشخاص الذين لا يرغبون في الخضوع لعمليات التفتيش باستعمال أجهزة المسح لضوئي، سواء من باب التواضع والاحتشام أو خوفاً من التعرض لأشعة ضارة، يمكن أن يخضعوا بدلاً من ذلك لعمليات تفتيش الجسم عن طريق التلمس والتحسس باليد، إن شاءوا. أما الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً، فيُمنحون عملية تفتيش يدوية معدلة خاصة بهم. ويقولون إن تلمس فتى أو فتاة في الثالثة عشرة، وهو ربما أكثر كائن حساسية على كوكب الأرض، يفترض أن يكون بدون مشاكل. شخصياً، حين راجعت مخططات سفري، تذكرتُ أنني أثناء رحلة عودتي إلى المنزل جوّاً من أجل قضاء "عيد الشكر" مع العائلة، سأخضع لعملية التفتيش بالماسح الضوئي أو يدويّاً ذهاباً وإياباً. فقررتُ وأنا أكتب هذه السطور أنه يمكنني أن أستغني هذا العام عن لحم الديك الرومي الذي تعمر به موائد عيد الشكر عادة. قررت هذا ليس من باب التواضع والاحتشام، وإن كان ذلك ربما أحد العوامل؛ ولكنني لا أستسيغ فكرة أن يقوم شخص غريب -بغض النظر عما إن كان يستطيع رؤية وجهي أم لا- بالتفرس في أخص خصوصيات جسمي من دون إذني. أما بشأن البديل، فلا يمكن أن أقبل به هو أيضاً؛ ذلك أن فكرة أن يقوم شخص غريب، حتى وإن كان من الجنس ذاته، بتفتيش جسمي تفتيشاً ذاتيّاً وحسيّاً، هو بكل بساطة أمر غير مقبول. انسوا عامل الانزعاج والتقزز ، وهو كافٍ، وتأملوا المبدأ -بسرعة، قبل أن تعتادوا على فكرة أن الحكومة لديها الحق في القيام "بما يلزم لحمايتكم". ولكن، حمايتكم من ماذا.. إذا لم يكن من هذا الأمر؟ ثم إن من غير الواضح تماماً ما إن كانت عمليات التفتيش من هذا القبيل ستضمن قدراً أكبر من الأمن والسلامة أصلاً. نظريّاً، تتمثل الفكرة في حمايتنا من انتحاريين ممكنين على غرار الشاب النيجيري الذي حاول تفجير طائرة عبر إشعال مواد متفجرة في ثيابه الداخلية. والحقيقة أنني أتمنى ألا يأتي يوم -لا قدر الله- يقوم فيه إرهابي أخرق بإخفاء مواد متفجرة في النصف السفلي من جسمه، وذلك حتى لا يخرج علينا المسؤولون ويطلبوا الشروع في خلع ملابسنا الداخلية حتى نتأكد من أن النظام ناجح. ثم إنه من المفيد هنا أن نتذكر أن انتحاري عيد الميلاد المذكور إنما فُضح أمره عندما أوقفه مسافر آخر ومنعه مما كان سيقوم به. ومع ذلك، فقد خرجت علينا وزيرة الأمن الداخلي "جانيت نابوليتانو" لتعلن أن التوقيف إنما هو دليل على أن "النظام" ناجح. ثم ماذا سيحل بصور المواطنين الأميركيين الذين تنتزع منهم إنسانيتهم بعدما يتم تصوير أجسادهم بالماسحات الضوئية؟ وكم من الوقت سيمر قبل أن نرى مونتاجاً للأشخاص الذين تمت تعريتهم رقميّاً على أحد مواقع الإنترنت؟ الواقع أنه على رغم الوعود الحكومية التي تعِد بالعكس، إلا أن الصور قد يتم الاحتفاظ بها، وقد تقع بين أيدٍ غير أمينة. كيف لا، وقد اعترف المسؤولون الأمنيون الفيدراليون هذا العام بأن نحو 35 ألف صورة من جهاز مسح ضوئي بنقطة تفتيش أمنية في إحدى محاكم ولاية فلوريدا قد تم حفظها؛ وإن كانت إدارة أمن النقل تشدد على أنه رغم أن تخزين الصور ممكن، إلا أن ميزة التخزين لا يتم تفعيلها عندما يتم تركيب الأجهزة في المطارات. ويا له من تطمين غير كافٍ... أليس كذلك؟! كاثلين باركر محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©