الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«موكادور»: الفن من أجل السلام

26 نوفمبر 2010 21:29
ستستقبل مدينة القدس هذا الأسبوع معرضاً فنيّاً متميزاً. ويجسد هذا المعرض، الذي يسمى "معرض الصويرة موكادور للتراث المغربي"، قيم السلام، مثل التآخي والتسامح بين الثقافات والديانات المتعددة من خلال إبداعات فنانين مغاربة وصناع تقليديين. وكانت جمعية "الصويرة موكادور" في مدينة الصويرة المغربية نظمت هذا المعرض الخاص بالتراث المغربي في شهر سبتمبر بقاعة الهلال الأحمر المغربي. وأهم ميزة للمعرض هي انتقاله من مدينة الصويرة إلى القدس الشريف منذ 18 نوفمبر تزامناً مع حلول ذكرى عيد استقلال المملكة المغربية. وبعد هذه المحطة الرئيسة، سيتم استقبال المعرض في عدة مدن بارزة أخرى في أنحاء الشرق الأوسط. وتحكي اللوحات الفنية والتحف والمنتجات من الفخار والحلي قصة راسخة ومشوقة تتعلق بقيم التآخي والتسامح والسلام بين الأعراق والديانات، بين المسلمين واليهود والمسيحيين. وهناك على سبيل المثال اللوحات التي تعبّر عن الوحدة من خلال رموز الأديان الثلاثة. وثمة بعض التحف المصنوعة من الفخار والخزف وأصلها من الطين الذي يعتبر ذا دلالة دينية في الإسلام ويذكّر بأصول الإنسان، حيث إن الله خلق آدم عليه السلام من طين. كما يضم المعرض قطعاً مطرزة بأشكال ذات معنى ودلالة، مثلاً ما يسمى عند المغاربة "الخميسة"، أي شكل اليد والأصابع الخمسة، والخنجر، وأشكال هندسية تختلف باختلاف مناطق المغرب. وهناك الأواني الفخارية بمختلف أنواعها ذات الأشكال والزخارف الملونة والأكسسوارات الفضية الخاصة بالنساء مثل الحلق والخواتم وغيرها المزخرفة بنقش مغربي أصيل، وأيضاً القطع الفنية من علب وأشكال هندسية وأوانٍ مصنوعة من خشب شجرة العرعار المميز برائحته الزكية وشكله الفريد الذي تختص به مدينة الصويرة. وأثناء تنقل المعرض من الصويرة إلى القدس ستكون الجالية المغربية بالقدس الشريف هي التي ستستقبله وتتكفل بتنظيمه بالكنيسة الشرقية، ثم سينتقل بعد ذلك للعرض في باقي المدن الفلسطينية مثل رام الله والخليل ونابلس وعكا وحيفا ليعود عقب هذه الجولة للاستقرار رسميّاً بالقدس. ومن المؤمل أن تصل رسالة المعرض حول التآخي والتسامح إلى أكبر عدد ممكن من الناس عبر الفن. إن الفن لغة مشتركة يفهمها الجميع وهكذا فإنه يساعد على بناء جسور التواصل ونقل معاني التسامح والتعايش. وقد اشتهر المغرب عبر تاريخه بممارسة هذا التسامح في تعامله مع أصحاب الديانات الأخرى. ولذا فإن معرض "الصويرة موكادور" للترات المغربي هو أكثر بكثير من مجرد معرض، بل إنه رسالة إلى العالم من بلد مسلم احتضن طوال قرون من الزمن في تعايش وسلام اليهود والمسيحيين. وقد اعتبرت الطائفة اليهودية من الطوائف الأساسية في المغرب وخصوصاً في مجتمع الصويرة، ويشترك اليهود والمسلمون في عادات متشابهة وعلاقة متحررة من كل أشكال الانزواء والانغلاق والتعصب العرقي والعقائدي. ويوجد الكثير من التقاليد المشتركة بين المسلمين واليهود في المغرب، من مراسم الزواج والاحتفالات العائلية إلى تقاليد استخدام الحناء. وللأسف، فقد غادر 98 في المئة من السكان اليهود المغرب بين أعوام 1948 و1960، مهاجرين بشكل خاص إلى إسرائيل. إلا أن اليهود في المغرب كانوا يتمتعون بامتيازات وفّرها لهم القانون، ومنها الحفاظ على دينهم وحمايتهم طوال حكم الملوك العلويين. وأقوى موقف كان للملك الراحل محمد الخامس في الحرب العالمية الثانية عندما لم يوافق على قوانين النازية لحكومة "فيشي" في فرنسا، السلطة الاستعمارية آنذاك في المغرب، ورفض تسليم الرعايا اليهود المغاربة لألمانيا، حيث قال: "أنا لست ملك المسلمين فقط، وإنما ملك لكل المغاربة". ولعل أبلغ رسالة إنسانية وسلام وتعايش يبعث بها المغرب إلى الآخرين كانت من خلال أعمال أندري أزولاي، رئيس جمعية "الصويرة موكادور" ومستشار للملك الراحل الحسن الثاني، وما زال مستشاراً للعاهل المغربي محمد السادس إلى اليوم. فقد كرّس أندري أزولاي حياته من أجل تعزيز التعايش بين اليهود والعرب في شمال إفريقيا، وهو تراث يُعتبر حالة استثنائية في العالم العربي والإسلامي. ويعتبر المغرب مثالاً للتسامح في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ونحن على أمل بأن يتمكن هذا المعرض المتنقل من إيصال رسالة عالمية من التنوع والقبول إلى مدينة القدس التي هي بأمس الحاجة إلى مثل هذه الرسالة. هند السباعي الإدريسي كاتبة ومدوِّنة مغربية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©