الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استثمار الغيبوبة

استثمار الغيبوبة
28 أغسطس 2013 20:10
ويني ماديكيلا مانديلا الزوجة السابقة للزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا هي اليوم امرأة في الواحدة من السبعين من العمر وقد حصل الطلاق بينها وبين الزعيم الأفريقي عام 1996، بعد زواج استمر 39 عاماً، فقد تزوجا عام 1957 وكان عمر المحامي والمناضل مانديلا يناهز الأربعين عاماً وكانت ويني تصغره بستة عشر عاماً، وتزوجا عن حب بعد طلاق نيلسون من زوجته الأولى. وقد اختارت “أم الشعب” ـ كما تسمى في جنوب أفريقيا ـ هذه الأيام بالذات التي يرقد فيها طليقها في المستشفى لتصدر هذا الكتاب في عاصمة البلاد جوهانزبورج، حتى إن بعض المعلقين المتابعين للشأن الأفريقي رأوا في ذلك انتهازية مفضوحة لخطف الأضواء وجلب الانتباه في ظرف تتجه فيه أنظار العالم إلى نيلسون مانديلا طريح السرير الأبيض منذ قرابة الأشهر الثلاثة وهو في غيبوبة بين الحياة والموت، وقد اغتنمت الفرصة التي كان فيه الوضع الصحي لمانديلا يتصدر اهتمام العالم بأسره فأكثرت من إعطاء الأحاديث الصحفية وكثفت من زياراتها للمستشفى ثم سارعت بإصدار هذا الكتاب باللغة الإنجليزية وعنوانه: 491 days, prisoner،number 1323/6 491 يوماً/ السجينة رقم 69/1323، وهي يوميات كتبتها وسجلتها على ورقات عند سجنها في فترة الكفاح ضد التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، كما ضمنت كتابها الرسائل المتبادلة بينها وبين زوجها السابق نيلسون مانديلا الذي تزوجها بعد أن تعرّف عليها عند انضمامها إلى الحزب الذي أسسه، ولم يعش معها بعد الزواج إلا فترة أعوام فقط، أنجب منها خلالها ابنتين، إذ سرعان ما اعتقلته السلطات العنصرية في نظام بريتوريا عام 1962 وبقي سجيناً إلى عام 1990، أي ثمانية وعشرين عاماً بأكملها، وتم وضع زوجته ويني تحت الإقامة الجبرية لفترة من الزمن قبل سجنها، ولم يكن يسمح لها بزيارة زوجها في السجن إلا مرة واحدة كل ستة أشهر. وتروي ويني مانديلا ظروف اعتقالها مؤكدة في هذا الكتاب أن تلك الفترة التي تم فيها حبسها هي أحلك فترة في حياتها علماً وإن مدة اعتقالها كانت كما جاء في عنوان كتابها 491 يوماً. والجدير بالذكر أن ويني برزت عند خروج زوجها من السجن عام 1990، وكانت تظهر دائماً إلى جانبه في كل تحركاته وتنقلاته داخل أفريقيا الجنوبية وخارجها، إلى أن حصل الطلاق بينهما، أعقبتها فترة جفاء وصل حد العداء والكراهية، حتى إنها صرحت مرة: “ليس نيلسون مانديلا وحده من تعذب”، لكنها أنكرت تصريحها هذا الذي أدلت به لجريدة إنجليزية بعد أن قامت ضدها موجة من النقد اللاذع، كما أنها انتقدت سياسته عند توليه منصب رئيس جنوب أفريقيا واتهمته بعد طلاقها بأنه تنازل عن الكثير من مبادئه التي دافع عنها أثناء فترة النضال. وساعية إلى إظهار نفسها بأنها أشد تمسكاً بالمبادئ وأكثر تشدداً في الدفاع عنها في حين أن العالم بأسره شهد بنجاح مانديلا عندما اعتلى منصب الرئاسة في إحلال السلم الاجتماعي والمصالحة بين السود والبيض بعيداً عن مشاعر الانتقام والثأر رغم المعاناة الطويلة للسود على امتداد فترة طويلة من سياسة التمييز العنصري. وقد تزوج مانديلا بعد طلاقه من ويني بأرملة رئيس الموزمبيق وهي التي ترعاه اليوم وتقف إلى جانبه في محنة المرض ولا تكثر من الظهور ولا تسعى إلى البروز. وبالنظر إلى تلهف وسائل الإعلام لالتقاط أي معلومة مهما كانت عن الوضع الصحي لنيلسون مانديلا فإن ويني كانت تسمح لنفسها ودون حتى استشارة الأطباء بنقل معلومات إلى الصحفيين كإعلانها مثلاً: أنه يتنفس بشكل طبيعي وقد نجح الأطباء في احتواء الحالة، وغير ذلك من المعلومات. وهي من وراء كل هذه العملية الاتصالية تريد أن تظهر في صورة المرأة الوفية لوالد ابنتيها في حين أن الجميع يعلم أنها أثارت حوله زوبعة وكالت له الكثير من التهم عندما أراد تطليقها ورفضت الطلاق بالتراضي وتقدمت بشكوى مطالبة بغرامة مالية خيالية تعويضاً لها عن الضرر المادي والمعنوي، الذي قالت إنه سيلحقها بسبب الطلاق، إلا أن المحكمة لم تسايرها بعد أن قدم نيلسون مانديلا الأسباب التي دفعته إلى الطلاق. فقد تورطت ويني في قضايا فساد وقضايا كثيرة مشبوهة، وصلت حتى التورط في اغتيالات نفذتها جماعات تعمل تحت إمرتها، كما أنها أساءت التصرف في ميزانية وزارة الثقافة عندما تولتها، وكان زوجها هو رئيس الدولة وقتها، مما سبب له إحراجاً كبيراً وهو الزعيم المعروف بنظافة اليد والنزاهة. وأصبحت ويني امرأة مسرفة في حياتها الخاصة ومبذرة للمال العام، ترتدي أغلى الملابس وتنفق أموالاً طائلة على زينتها وحراسها، وما لم يعلن عنه مانديلا وكشفت عنه بعض المصادر أنها كانت على علاقة مشبوهة مع أحد حراسها الشخصيين. ولكنها اليوم وعندما صمت نيلسون مانديلا بسبب مرضه فإنها تريد أن تقدم نفسها كامرأة شريكة لزوجها السابق في نضاله، مؤكدة في كتابها أن السجن الانفرادي الذي تم اعتقالها به هو “أشد قسوة من الأشغال الشاقة، فعندما تطلق يديك وتلمس جدران الزنزانة تشعر أنك أقل من لا شيء”، حسبما جاء في وصفها علماً بأنه سيعرض للناس قريباً فيلم يروي سيرتها وقصة حياتها جسدت فيه شخصيتها الممثلة الأميركية الزنجية جينيفير هودسن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©