الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سينمائيون يروون بالكاميرا مشاهد من ذاكرة الفرح

سينمائيون يروون بالكاميرا مشاهد من ذاكرة الفرح
31 أغسطس 2011 23:04
يسعى فن السينما من ضمن أطروحاته المتعددة إلى توثيق المشهديات المتسربة والغائبة من الذاكرة الجمعية، خصوصا تلك المتعلقة بمذاق الطفولة وانشغالاتها البريئة والموعودة بدهشة أكيدة ومتحققة، وتمثل مناسبات عامة ومعاشة كعيد الفطر أو عيد الأضحى كرنفالا بصريا متداخلا مع الحساسية الخاصة التي يتمتع بها الفنانون، وعلى وجه الخصوص السينمائيون، ذلك أن السينمائي ــ سواء كان كاتبا للسيناريو أو مخرجاــ يبحث وعلى الدوام عن التفاصيل المتداخلة مع وعيه الشخصي ومع ذاكرته البعيدة والمكونة لموهبته وقدرته على التقاط هذه التفاصيل وتوثيقها في بنية الحكاية السردية المبثوثة على الشاشة. وللتعرف إلى هذه العلاقة بين الاسترجاعات الشخصية والرغبة في تجسيدها من خلال وسيط بصري ملائم وهو الكاميرا، التقت “الاتحاد” بعدد من كتاب السيناريو والمخرجين السينمائيين الإماراتيين، والذين باتوا يمتلكون أدوات واثقة للتعبير عن رؤاهم واجتراحاتهم وخطاباتهم البصرية المتدفقة، خصوصا وأن مرور عشر سنوات على التجربة المفارقة والمتفردة للسينما الإماراتية في المنطقة، يعد زمنا مفتوحا على تجارب احترافية أقوى وأكثر انتباها لمستقبل السينما ولحضورها الصاخب في المكان. اجواء مبهجة يقول المخرج والمنتج السينمائي عبدالله حسن أحمد إن الأجواء المبهجة والمفرحة التي ارتبطت بالعيد، هي بلا شك منبع لا ينضب بالنسبة لذاكرته كطفل عاش وتفاعل مع أجوائها وتفاصيلها التي لا تتكرر في شهور السنة الأخرى، مضيفا أنه جسّد مثل هذه المشاهد المرتبطة بالعيد في أحد أفلامه القصيرة، والتي دشن بها ــ وقبل سنوات طويلة ــ دخوله الفعلي في مجال الإخراج السينمائي، وكان ذلك ــ كما أشار ــ في فيلم (الميرحانة) التي تعني في لهجتنا المحلية : “الأرجوحة”، وهي لعبة كانت منتشرة في الماضي، خصوصا في فترة الأعياد عندما يخرج الأطفال للاحتفال والتفاعل جماعيا مع هذه المناسبة ذات الخصوصية العالية والمميزة. مشهدية العيد وفي سؤال حول إمكانية توظيف مشهديات العيد المختلفة في أفلامه المقبلة، قال عبدالله حسن “هناك ثيمة محددة ومرتبطة بمخيلة العيد، وهي الصلاة الجماعية في مصلى العيد، والتي يمكن من خلالها استغلال الصورة السينمائية والحكاية المطروحة من أجل التقاط جماليات العيد وارتباطه بطفولتها جميعا، خصوصاً وأن مصلى العيد يعتبر مكانا ملائما لنقل ملامح الوجوه والانفعالات البشرية واستثمار القصص المختبئة وراء كل وجه”. البيئة الإماراتية أما المخرج وليد الشحي فيرى في العيد تلك الخصوصية التي تميز البيئية الإماراتية والفلكلور المحلي، نظرا لما تشتمل عليه من طقوس جماعية مرتبطة بالمكان. وحول إمكانية نقل هذه الطقوس إلى السينما، أشار الشحي إلى أن الشعرية التي يختزنها الإيقاع الحركي للأطفال وهم يترجمون وبشكل جماعي وعفوي فرحتهم بالعيد، يمكن استثمارها من خلال سيناريو محكم وشفاف أولا، ومن خلال كاميرا قارئة ومتناغمة مع هذه الشعرية ثانيا. الصدق والحميمية بدوره يشير كاتب السيناريو محمد حسن أحمد إلى أن مناسبة العيد تعتبر فرصة ذهبية للباحث عن الصدق والحميمية والأسى أيضا من فقد مباهج الطفولة الغاربة، مضيفا: “هذه الطفولة التي كونت على الرغم من الضباب المحيط بها شكلا زاهيا وملونا لخبراتنا وبصائرنا، خصوصا عندما نستذكر الأبواب المفتوحة والقلوب المضيافة والبيوت المتعانقة وعلاقتنا المقدسة مع جداتنا وتلك الدروب الرملية الأليفة في فرجاننا القديمة” ونوه محمد حسن إلى أن مثل الأجواء المفتقدة تلح عليه في أحيان كثيرة، كي يوثقها من خلال سيناريو يستطيع أن ينقل ــ بجانب البعد المشهدي ــ ذلك البعد النفسي والداخلي المفعم بالروحانيات والصدف والمفاجآت المدهشة. سلبيات التطور من جانبه يرى المخرج علي الجابري أن التفاصيل الخاصة بمناسبة العيد في فترة الطفولة البعيدة، أصبحت على وشك التلاشي الآن خصوصا مع ولادة ظواهر مربكة، مثل الشتات الاجتماعي الذي تسببت به النوازع الفردية وانتصار المدينة الحديثة للعزلة والانكماش وسط محيط مغلق. وعن رغبته في نقل سلبيات هذا التطور الاجتماعي المحير والمشوه لصورة الماضي وجمالياته، أجاب الجابري بأنه يميل للتعامل مع المواضيع الداخلية المقلقة التي تعكس بدورها قلق الواقع وجنون الأحداث المحيطة بنا، وهي مواضيع حققها في أفلام روائية قصيرة مثل : “الرزنامة” و”صولو”، وأكد الجابري أنه يمكن نقل صورة الشرخ المؤلم بين جماليات الماضي وصدمة الحاضر من خلال نص واعٍ لأثر هذا الشرخ والتغير. الطفولة والأعياد من جهة أخرى يرى المخرج حمد الحمادي أن السينما تعتبر وسيلة مثالية لنقل المعاني الداخلية الخفية التي تشتبك فيها الطفولة مع الأعياد، وأشار إلى أنه يستذكر دائما صورة الأشعة الذهبية للشمس، وهي تتسلل إلى داخل غرفته عندما كان يستيقظ صباح العيد كي يحتفل مع عائلته وأصدقائه بهذه المناسبة المميزة. خبرة الطفولة وأخيراً يرى المخرج علي جمال أن العيد مرتبط دائما بخبرة الطفولة في اللعب والاكتشاف وانتقاء ما هو جديد، لأن يوم العيد هو يوم مختلف عن بقية الأيام، ويسترجع جمال صورة الأماكن الأثيرة والمراجيح القديمة التي يمكن لها أن تستثير أي مخرج سينمائي كي يوثقها في سجل بصري متحرك وفائض بالسحر والحميمية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©