شنت الشرطة الألمانية مداهمات على منازل عدد من الألمان الأثرياء أمس الأول الاثنين بحثا عن أدلة تثبت تهربهم الضريبي·
كما أعلنت برلين حصولها على قائمة سرية بأسماء المتهربين من إمارة ليختنشتاين التي تعد ملاذا آمنا من الضرائب مقابل عدة ملايين يورو دفعتها الحكومة لمقدمي هذه القائمة·
ومن المقرر أن تتواصل الحملة طوال الأسبوع الحالي ويشارك فيها رجال شرطة ومسؤولون من إدارة الضرائب وممثلو الادعاء العام في الوقت الذي رفض فيه المسؤولون الكشف عن أسماء الشخصيات المستهدفة بهذه الحملة· وقد أثارت هذه القضية غضباً واسعاً في صفوف الطبقة السياسية ووسائل الإعلام بألمانيا بعد أن ظهر عدم كفاءة نظام الضرائب في ألمانيا مما سمح لأصحاب الدخول المرتفعة بالتهرب من الضرائب·
وقال جوزيف أكيرمان السويسري المولد ورئيس دويتشه بنك أكبر بنوك ألمانيا لصحيفة بيلد واسعة الانتشار في ألمانيا تعليقا على هذه القضية إن ''الأشخاص الذين لا يشكلون نموذجاً جيداً لا يستطيعون القيادة''·
من ناحيته قال تورشيتن ألبيج المتحدث باسم وزارة المالية الألمانية إن الحكومة الاتحادية قدمت ما بين 4 و5 ملايين يورو (حوالي 7,25 مليون دولار) للحصول على هذه القائمة·
في حين طالبت المعارضة البرلمانية في ألمانيا بإجراء تحقيق لمعرفة كيف تدفع الحكومة أموالا عامة مقابل الحصول على معلومات سرية مسروقة·
وقال ألبيج إن الفائدة التي ستجنيها الحكومة من هذه المعلومات تتجاوز كثيرا قيمة الأموال المدفوعة·
كان كريستيان شميدت زومرفيلد المتحدث باسم الادعاء في العاصمة البافارية ميونيخ قد قال إنه تلقى اتصالاً ودياً من مسؤولي الضرائب ومحققي التهرب الضريبي يفيد بأنهم يجرون حملة مداهمات في منطقة ميونيخ الكبرى، لكنه رفض الخوض في التفاصيل·
ويقوم ممثلو ادعاء من مدينة بوخوم الواقعة في غرب البلاد بحملة مداهمات، وأفادت صحيفة ''هاندلسبلات'' على موقعها الالكتروني بأن حملات مداهمة مشابهة تجرى الآن في منطقة فرانكفورت· ويقول مسؤولون في برلين إنه تم الحصول من أحد الأشخاص على أسماء حوالي ألف من المتهربين من الضرائب بعد أن تلقى مبلغا من وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية ''بي إن دي''·
وتجدر الإشارة إلى أن قطاع الخدمات المالية في إمارة ليختنشتاين الصغيرة يساعد الألمان الأثرياء على استثمار أموالهم هناك بعيدا عن الضرائب·
وكان أول من تعرض للتحقيق هو كلاوس تسومفينكل الرئيس التنفيذي لشركة البريد الألمانية ''دويتشه بوست''· ودعا وزراء برلين المتهربين إلى تسليم أنفسهم قبل أن يتعرضوا هم أيضا لمداهمات الشرطة·
وقالت مجلة ''دير شبيجل'' إنه تم الكشف عن عملية التحايل بعد أن دفعت وكالة الاستخبارات الألمانية خمسة ملايين يورو لمرشد لديه معلومات من أجل الحصول على قرص مدمج يحتوي على معلومات مهمة· وفي برلين طالب السياسيون في المعارضة بإجراء تحقيق عما إذا كان من الملائم لوكالة الاستخبارات المسؤولة عادة عن الأسرار العسكرية والسياسية بمساعدة النظام الضريبي في البلاد·
من ناحيته أعرب برنتس شتيفان سفير إمارة ليختنشتاين في ألمانيا أمس الأول عن تفهمه لردود أفعال السياسيين في ألمانيا إزاء المخالفات الضريبية التي تم الكشف عنها مؤخراً·
وداهمت الشرطة الألمانية يوم الخميس الماضي مكتب الرئيس التنفيذي الحالي لشركة البريد الألمانية ''دويتشه بوست'' كلاوس تسومفينكل ومنزله وذلك في إطار سلسلة مداهمات مفاجئة على خلفية الاشتباه في وجود مخالفات ضريبية· ورضخ تسومفينكل (64 عاما) للضغوط السياسية وقدم استقالته من منصبه بعد يوم من عثور مدعين على أدلة تفيد بأنه متورط في فضيحة تهرب ضريبي بقيمة مليون يورو من خلال استخدام منظمات خيرية في إمارة ليختنشتاين الصغيرة التي تشتهر بأنها ملاذ ضريبي آمن في وسط أوروبا·
وأشارت التحريات إلى أن ''عدة مئات'' من المواطنين الألمان يستخدمون المنظمات الخيرية في إمارة ليختنشتاين التي ''يبدو أنها أنشئت بغرض واحد هو التهرب الضريبي''·
في الوقت نفسه دافع سفير ليختنشتاين عن النظام الضريبي في بلاده، مؤكدا أن بلاده لا تتواطأ بأي طريقة مع المتهربين من الضرائب من خارج الإمارة رافضا بشدة الاتهام الموجه لإمارته بأنها تعد ملاذا ضريبيا آمنا·
وكانت نقابة العاملين في قطاع تحصيل الضرائب بألمانيا قد طالبت ليختنشتاين بالتعاون مع السلطات الألمانية في التحقيق في فضيحة التهرب الضريبي المتهم فيها تسومفينكل كما طالبتها بسد جميع الثغرات في نظامها الضريبي·
وطالب حزب الخضر في ألمانيا الرئيس السابق لشركة البريد الألمانية كلاوس تسومفينكل برد وسام الاستحقاق الذي حصل عليه من رئيس ألمانيا ووسام الاستحقاق الذي حصل عليه من ولاية شمال الراين فستفاليا وذلك بعد تورطه في جريمة تهرب ضريبي، وقالت دانيلا شنيكنبورجر رئيسة حزب الخضر في ولاية شمال الراين وستفاليا أمس الأول ''إن تسومفينكل لم يكن يستحق هذه الأوسمة''·
وأهابت شنيكنبورجر بصناع القرار في ألمانيا التدخل في حالة رفض تسومفينكل التخلي عن هذه الأوسمة ودعت إلى سحب هذه الأوسمة بحكم قضائي ضد الرئيس المستقيل لـ''دويتشه بوست'' في حالة إدانته رسميا في قضية التهرب الضريبي·
عدد اليوم
