السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند … الصادرات أهم من إنقاذ «الروبية»

28 أغسطس 2013 23:39
عبثاً يحاول وزير المالية الهندي «بالانيابان تشيدامباران» منذ شهرين تصحيح وضعية أسواق المال عندما سعى إلى اجتثاث أسباب ظاهرة السقوط الحرّ لقيمة «الروبيّة» من 55 مقابل الدولار في شهر مايو الماضي إلى 65 هذا الأسبوع (من 15 إلى 17.7 روبية مقابل الدرهم الإماراتي). ولقد فوجىء بأن التحكم بأسواق العملات أصعب من التحكم بأمواج المحيط العاتية. ونقول له باختصار: عليك أن تتوقف عن المحاولة. ذلك لأن «الروبيّة الضعيفة» لا ينبغي أن تكون مدعاة خوفك. وبدلاً من أن تصل بها إلى برّ الأمان، عليك أن تتلمّس الخلل التركيبي الحقيقي الذي يعتري الاقتصاد الهندي برمته، وهو الذي أدّى إلى افتقاد المستثمرين الهنود والأجانب للشعور بطعم النجاح في قصة صعود الهند التي كانت مشرقة ذات مرة. ويجب الانتباه إلى أن سقوط «الروبيّة» قضية سياسية، ولا يمثل كارثة اقتصادية. وهو الذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الواردات وتفاقم مشكلة التضخم في فترة عصيبة تشهد الاستعداد للانتخابات العامة التي ستُجرى بعد ثمانية أشهر. وفي محاولة لدعم العملة المحلية، زادت الحكومة الضرائب المفروضة على وارداتها من الذهب والسلع الاستهلاكية غير الضرورية، ورفعت سعر الفائدة على القروض قصيرة الأجل من أجل الحدّ من قوة المضاربة على عملتها. ويعاني الاقتصاد الهندي من عجز قياسي في الحساب الجاري للخزينة وصل إلى 4.8 بالمئة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي. ويجب الانتباه إلى أن انخفاض قيمة «الروبية» يزيد الصادرات ويخفض الواردات. وسوف يتقلص التضخم من خلال استغلال هاتين الفائدتين المتلازمتين. ولكن، وبالرغم من أن قيمة «الروبيّة» انخفضت مقابل الدولار الأميركي من 45 إلى 60 بين عامي 2011 و2013، إلا أن ذلك لم يؤدِّ إلى زيادة الصادرات على الإطلاق لأن التضخم العالي والمناخ الكئيب للأسواق التجارية كانا كافيين لإلغاء الأثر الكامن في الفائدتين المذكورتين آنفاً. إلا أن الصادرات عادت للارتفاع بنسبة 12 بالمئة في شهر يوليو الماضي، وبما قد يوحي بأن «الروبيّة» ربما تكون قد بلغت نهاية رحلة انخفاضها. ويكمن الخطر الكبير الماثل الآن في أن أي تباطؤ جديد في الاقتصاد الهندي من شأنه أن يُجهض الطفرة التصديرية المنتظرة وهي في مهدها. وسجل الناتج المحلي الإجمالي تباطؤاً بلغ 5 بالمئة السنة الماضية بالمقارنة مع عام 2011 بعد أن سجل ارتفاعاً مثيراً للإعجاب بلغ 8.5 بالمئة سنوياً خلال العقد الماضي كله. وما لبث القطاع الصناعي والصادرات أن شهدا معاً جموداً كبيراً فيما قفز معدل التضخم إلى مستويات قياسية. وما هو أشدّ من ذلك وأنكى أن العجز في الحساب الجاري للخزينة تضاعف عن القيمة العظمى المستدامة التي سبق للبنك المركزي أن حددها. وقبل عام، بدأت الشركات الكبرى تستشعر خطر الغرق في المستنقع الهندي. وتم استدعاء «تشيدامباران» إلى وزارة المالية للتصدي لهذا الوضع الصعب. وتمكن من تخفيض العجز المالي في الميزانية من 5.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.9 بالمئة، ووعد بتحقيق المزيد من التخفيض في قيمة العجز خلال العام الجاري. وأتبع ذلك بإطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية بما فيها فتح أبواب الدخول لشركات عالمية للبيع بالتجزئة مثل «مخازن - وولمارت». وكان الأمل المعقود على هذه الإجراءات يتلخص في أن الحوافز المادية والإصلاحات الاقتصادية لا بدّ لها أن تستثير النوازع الحيوانية المتوحشة للمستثمرين الأجانب لجني الأرباح، وسيؤدي ذلك بالتالي إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود قبل حلول موعد الاستحقاق الانتخابي. وبدا للوهلة الأولى وكأن الخطة كانت تعمل على النحو المطلوب حتى شهر مايو الماضي عندما انخفض معدل التضخم بنحو ثلاث مرات عما كان عليه قبل إطلاقها، وتدفقت إلى البلاد رساميل استثمار أجنبية بلغت 20 مليار دولار. إلا أن الأمور تغيرت كثيراً في أعقاب تصريح رئيس الخزينة الفيدرالية الأميركية «بن برنانكي» من أنه يعتزم إطلاق حزمة حوافز وتسهيلات للمستثمرين في الولايات المتحدة بما فيها رفع قيمة الفوائد. وانعكست جهة تدفق الأموال الاستثمارية وعادت أدراجها من الدول ذات الاقتصادات الناشئة إلى الولايات المتحدة ابتغاءً للفوز بعوائد ربحية أعلى. وكان من نتيجة ذلك أن هبطت القيم السوقية لكل عملات دول الأسواق الناشئة من دون استثناء بما فيها «الروبيّة». وقال مسؤولون في وزارة المالية الهندية إن القيمة الراهنة للعملة المحلية التي تبلغ 65 روبية مقابل الدولار غير مقبولة، وهي تتجاوز الحدود المعقولة بكثير. ويبلغ مجمل احتياطي الهند من النقد الأجنبي 280 مليار دولار، إلا أن القروض الأجنبية التي تنتظر التسديد خلال العام المقبل تزيد عن 170 مليار دولار، ولهذا يمكن القول إن المخاطرة بتخفيض هذا الاحتياطي لا يمثل الخيار المعقول. واستوجب هذا الوضع من «تشيدامباران» البحث عن وسائل أخرى لتعويض العجز الراهن في الميزانية منها: إصدار سندات شبه سياديّة، وتحرير الاقتراض المؤسساتي عبر البحار، وإصدار السندات الخاصة بالهنود المقيمين في ديار الاغتراب.إلا أن اجتذاب الدولارات لا يُعدّ حلاًّ كافياً لهذه المشاكل المتشابكة. وتمثل مشكلة التباطؤ الاقتصادي ضربة موجعة للمستثمرين الهنود الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في بيئة تجارية مرعبة. سواميناثان أنكليساريا آيار باحث في «معهد كاتو» ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©