الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف "الخفي" ليس صناعة فردية بل هو نتاج تضافر العديد من العوامل

27 نوفمبر 2010 20:02
عندما يسمع البعض عن العنف، فإنه يتبادر إلى ذهنه أنه يقتصر على الضرب والإيذاء والقتل، لكن العنف الذي بدأ يبرز، ولا يقل وطأة عن العنف الجسدي، هو العنف النفسي أو كما يطلق عليه «بالعنف الخفي». وكلا النوعين له آثار سلبية على أفراد الأسرة. والعنف له انعكاسات جمة على نفسية الطرف الآخر ويؤدي إلى شرخ العلاقة الزوجية من جذورها ويؤدي إلى المشاعر السلبية والتي يمكن أن تقود إلى الخوف المزمن والقلق والاكتئاب والأعراض النفسية والجسمية. كما أن لهذا النوع من العنف تأثيراً في الأسرة على المدى البعيد، والذي يتجلى بوضوح على النواحي النفسية والبدنية والاجتماعية. كشفت الدراسة التي أعدها رئيس المجلس الاستشاري الأسري خليفة المحرزي، أن أكثر أنواع العنف شيوعاً في المجتمع الخليجي هو «العنف اللفظي والنفسي» ثم العنف المادي، يليه العنف الجسدي، وأخيراً العنف الاجتماعي، ثم عنف الإهمال والحرمان، والعنف الصحي. وبينت الدراسة التي أجراها المحرزي على 160 حالة أسرية، أن أكثر الأفراد المشاركين في الدراسة أكدوا تعرضهم للعنف من قبل الأزواج الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم وأبنائهم. وأشار المحرزي إلى أنه نفذ الدراسة في إمارة دبي، وأنها استغرقت مدة 4 أشهر، واستهدفت أسراٍ من بينها أسر إماراتية، لافتاً إلى أن الفئة العمرية التي تعرضت للعنف اللفظي وفق الدراسة تراوحت أعمارهم ما بين 22 و 42 سنة. ممارسات سلبية يقول خليفة المحرزي «يتمثل العنف الخفي في صور وممارسات عدة، منها على سبيل المثال الشتم والقدح والسب، أو تشويه سمعة الشريك أو إطلاق النكات والسخرية للتقليل من قدراته ومكانته، وهو ينفذ بطريقة غير مباشرة، وهو نوع من أنواع العنف تتجرعه المرأة في صمت لا يقل خطورة عن سابقيه، إن لم يكن الأكثر إيذاء على نفسية الطرف المتضرر». ويضيف «تعاملنا مع عدد كبير من نساء يتحملن العنف الخفي من أزواجهن في صمت ولا يستطعن التظلم لعدم وجود دليل ملموس، وذلك حتى تعيش تحت سقف واحد مع أطفالها وللأسف لا يكتشف ذلك». ويتابع «صمت الزوجة هو السبب، لأنها تخاف من هدم استقرار أسرتها وتشتتها، لكن الصمت هنا يعتبر أكبر مساعد على استمرار هذا العنف، وكما أن هذا الصمت أكبر مانع للحصول على إحصائية دقيقة.? علماً بأن هذا النوع من العنف الخفي يعد إحدى المشكلات الشائعة في العصر الحديث، وحالات كثيرة من هذا العنف تظل قيد الكتمان ولا تتعدى حدود المنزل، ولا يعلم بها إلا الزوجين». شتم وإهانة تقول إحدى السيدات، التي رفضت ذكر اسمها، وعلامات الحزن واضحة على وجهها إنها تتعرض للشتم المستمر من زوجها، وتوضح «أسمع إهاناته وسبه دائماً». تصمت وتتابع «من شدة ألمي من هذا الموقف لا أتجرأ في الرد عليه أو حتى التحدث معه حول هذا الأمر، لأنه شديد العصبية ولا يتلفظ بألفاظ حسنة أبداً، فلو طلبت منه مثلاً أن يزيد درجة التكييف دعا عليّ بأسوأ الأمراض، وإن سمعني أتحدث لأحد أبنائي بصوت عال لأنهرهم عن أمر ما، أنهال علي بالسباب والشتائم أمامهم، ورغم ذلك فإنني أتغاضى عن هذه الكلمات والألفاظ البذيئة من أجل أبنائي». وفي حالة أخرى لا تقل ألما ويعتصر القلب لسماعها، تقول سيدة أخرى، فضلت عدم ذكر اسمها، إن زوجها منعها من أن تمتلك هاتفاً في المنزل بحجة إنها قد تستخدمه في أغراض أخرى. وتضيف «لكن بعد إصرار وتودد وتحايل ومحاولات إقناع طويلة وبعض منها ينتهي بسباب وبكاء ودموع رضخ زوجي ووافق على أن يضع هاتفاً في المنزل، بعدما قام ومن دون علمي بإلغاء هاتفي المتحرك، لكي لا أتواصل هاتفياً مع أهلي وزميلاتي، ولكن فرحتي لم تتم فقد بدأ يتدخل في اتصالاتي ومدتها ووقتها، ويتفقد الأرقام كافة المدونة في الفاتورة الشهرية». رجال معنفون لا يقتصر العنف الخفي على الزوجات بل يمتد ليطال الأزواج، في هذا السياق يقول أبو حمدان بخجل «زوجتي هي التي تمارس هذا العنف، عندما أختلف معها حول أي أمر تطردني خارج الغرفة ولا تسمح لي بالدخول». ويحكي أبو حمدان موقفاً تعرض له، فيقول «في إحدى المواقف تشاجرت معها حول موضوع يخص عائلتها، فكان عقابها لي أن قاطعتني شهرًا كاملًا ليصل الأمر أن آكل لوحدي وأنام بمفردي ولا أجد من يتحدث معي لأنها ترفض أن تعد الطعام أو تجلس معي في المنزل». وتقول ربا كمال «بعد أكثر من تسع سنوات ومنذ اليوم الأول من زواجي اكتشفت أن الرجل الذي فضلته على الجميع يعاني طول اللسان، اعتقدت أنني في بداية الأمر أستطيع تغيير طباعه، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل الذريع، بل إن حالته ازدادت سوءاً، فهو داخل المنزل يكون مثل الحمل الوديع، أما خارجه فيصبح إنساناً آخر ينفعل بسرعة ويسب كل من يعترض طريقه بألفاظ بذيئة ويبدأ في إطلاق قذائف من السب والشتائم حتى إنه في كثير من الأحيان يتعمد إهانتي عمداً أمام أبنائي بسبب ومن دون سبب فقط من أجل إحراجي وإذلالي». وتضيف «أشعر أن زوجي يعاني عقدة نقص أو يُحتمل أنه مريض نفسياً، حاولت معه مراراً للذهاب إلى معالج نفسي ليعالجه، لكنه يرفض». الكرامة الإنسانية يقول وليد حيدر إن «العنف الخفي اللفظي هو من أفظع ما يمكن أن يحدث بين أي طرفين، فما الحال إن كانوا زوجين! بالطبع ستتهدم من حولهما جسور الاحترام لبعضهما بعضاً، حيث يبدأ الرجل بالإهانة، وتردها المرأة سواء بكلامها أو تصرفاتها، ويفقدان أهم ما بني بينهما وهو الاحترام الذي مع الوقت يتطور سوءه حتى يصل لمرحلة فقدانهما حبهما لبعضهما البعض». ويتركز مفهوم العنف الخفي كما يؤكد المحرزي «في هدر الكرامة الإنسانية لتلك الزوجة الذي لها احترامها ومركزها الاجتماعي أو إنزال مكانة الزوج الذي له وقاره وسمعته أمام المجتمع، باتباع هذا الطرائق والأساليب من السلوك غير الأخلاقي يكون قد انتقل في معاملة الآخرين من اللطف إلى العنف،‏ ولا يقتصر العنف عند مستوى معين وإنما له درجات متنوعة». وعن تلك الأنواع يقول المحرزي «عادة ما تبدأ من السباب والشتائم والنظرات الدونية، والتي يسعى من خلالها الزوج إلى احتقار زوجته. أو يلجأ في بعض الأحيان إلى حرمانها من أبسط حقوقها الزوجية، ويصل الأمر للحرمان المادي الذي هو واجب الزوج كشحن شريحة الموبايل أو شراء مستلزماتها الشخصية إلى أن يتطور الموضوع ويصل إلى الحرمان الجنسي، والذي قد تطول مدته، وهو شائع الحدوث في الحياة الزوجية». أشكال العنف الخفي يذكر المحرزي أشكال العنف فيقول إنه يشمل «مناداة الزوجة بألفاظ مبتذلة، والتهديد بالوعيد، والتقليل من إنجارات الزوجة، وانتقاد الشكل الخارجي، والسخرية واللوم?، وإهمال الاحتياجات النفسية والبدنية، ومراقبة المكالمات الهاتفية، وإحراج الضحية أمام الآخرين». ويتابع «العنف الخفي ليس صناعة فردية، بل هو صناعة ثقافة بيئة وممارسة مجتمع لكن بعض الدراسات صنفت الفرد الذي يتبع مثل هكذا سلوك بالهمجي وبالأخص أسلوب العنف الخفي فهذه الشخصية مصابة بمرض نفسي، وهذا مما لا شك فيه». ويضيف «بل هو مصاب بأكثر من المرض النفسي ألا وهو فوضى الفكر وتبلد الشعور وتمزق الشخصية وفي الوقت نفسه، وتجد هذه الشخصية التي تهدر مكانة الآخرين تعاني سلوكاً آخر، حيث تركز مشاعرها في الإعجاب بجسمها وشكلها وهيئتها، لذلك يكثر نقده للآخرين ويتغافل عن سلوكياته تجاه المواقف وعدم الرغبة في انتقاد الذات، وتلعب الكحول والمواد المخدرة والإدمان دوراً في إذكاء العنف الخفي».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©