«الحياة الرقمية» ترسم خارطة استخدام الشعوب للشبكة العنكبوتية

تقاطعت عدة دراسات وتقارير لرسم ما يشبه خارطة جديدة لانتشار واستخدام الإنترنت في العالم في السنوات المقبلة حاملة معها مؤشرات على عمليات نمو جديدة في دول ومناطق يتوقع بروزها في العالم الرقمي. وعلى صعيد الوقت الذي يستغرقه المستخدمون في استخدام الإنترنت والمواقع الاجتماعية بينت دراسة “الحياة الرقمية” حول عادات العالم على الإنترنت أن شعوب الصين والشرق الأوسط هي من الدول الأكثر استخداما وإشغالا للإنترنت في العالم، فيما جاء الصينيون من بين الشعوب الأكثر اهتماما بالإعلانات التجارية وإعلانات المواقع الاجتماعية على الشبكة. أظهرت الدراسة وفق صحيفة “الفاينانشيل تايمز” مدى تفوق الأسواق الناشئة على أميركا الشمالية وغرب أوروبا في استخدام الشبكات الاجتماعية كما كشف عن فروقات إقليمية عديدة في نماذج السلوك، والدراسة التي أجرتها شركة الأبحاث “تي إن إس” (TNS)، التي تمتلكها مجموعة “واي بي بي” (WPP)، استندت إلى استطلاع بحثي شمل نحو 50 ألف شخص من 46 بلدا في العالم جرى على أساسه ترتيب الشعوب الأكثر استخداما للإنترنت من خلال الوقت الذي يستغرقه المستخدمون على الإنترنت ومواقفهم وعاداتهم حيال التكنولوجيا. وتصدرت كل من مصر والمملكة العربية السعودية والصين قائمة الدول الأكثر استخداما للإنترنت إذ تعتبر من الدول “ذات الاستخدام العالي جدا” للشبكة. وكان من اللافت أن تركيا كانت الدولة الثالثة الأكثر استخداما لموقع الفيسبوك بين الدول المشمولة بالدراسة، وصنفتها الدارسة “البلد الأوروبي الوحيد” من بين أول عشر دول في القائمة. وذكرت الدراسة أيضا أن وكالات الدعاية والإعلان شهدت نموا سريعا في التوسع السوقي للزبائن في الصين والبرازيل إلى جانب نمو هذه الوكالات في القنوات الرقمية عموما. مواقع اجتماعية قال السير مارتين سورييل، الرئيس التنفيذي لـ”واي بي بي” الشركة الأكبر من حيث العائد من بين شركات في عالم شركات التسويق والاتصال، إن النمو في صناعة الإعلان سيكون في المستقبل القريب بقيادة الصين والإنترنت، معتبراً أن ذلك من أهم نتائج الدراسة التي تبين صلة مهمة بين الاثنين. وبحسب الدراسة، فإن الناس في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط والصين يمضون مزيدا من الوقت على المواقع الاجتماعية أكثر مما يفعلون على البريد الإلكتروني وخاصة مع إتاحة الوصول إلى هذه المواقع عبر الهاتف المحمول. ويبدو الناس في هذه الأقاليم أكثر ميلا لكتابة المدونات والتعليقات ووضع الصور والفيديو على الإنترنت. وفي موازاة ذلك فإن نحو 42% من مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كانوا يعتبرون حسب “تي أن سي” من ذوي المستوى العالي جدا في استخدام الويب. ولا يزال الناس في الأسواق والأقاليم التي تعتبر الأسبق في توفير النطاق العريض يفضلون بشكل واسع استخدام الإيميل الإلكتروني والرسائل عبر المحمول والمواقع الاجتماعية. ووجدت الدراسة أن 61% من الذين يرتبطون بالإنترنت يستخدمونه يوميا، وأن 54% من الناس يشاهدون التلفزيون يوميا و36% يستمعون إلى الإذاعة و32% يقرأون الصحف. مفارقة أوروبية كشفت دراسة بحثية أخرى أن حوالي نصف الأسر الأوروبية لا توجد لديها وصلات إنترنت منزلية. وقالت الدراسة التي أجراها “يوروربارومتر” التابع لمفوضية الاتحاد الأوروبي إن 43% من من الأوروبيين غير متصلين بالإنترنت إلا أن التسجيل والاشتراك في النطاق العريض ذي الكلفة الثابتة وحزمة خدمات التلفزيون زاد بنسبة 9% منذ 2007. وذكر 38% من المتجاوبين مع الاستطلاع البحثي أنهم يدفعون رسوما مقابل خدمتين أو أكثر من خدمات الاتصال هذه. وفسر مراقبون النسبة المنخفضة لانتشار الإنترنت في المنازل بأنه يمثل معدلا ناتجا عن التفاوت الملحوظ بين انتشار الشبكة بين دول أوروبا الغربية من جهة وباقي الدول الأوروبية الشرقية التي انضمت لاحقا للاتحاد الأوروبي. وطبقا للبحث الذي نشرت نتائجه على موقع “في 3 دوت كوم” (v3.co) فإن التكلفة، والحرص على أمن المعلومات الخاصة ونوعية النطاق العريض هي الأسباب الرئيسية وراء بقاء نسبة كبيرة من الأسر بدون وصلات إنترنت. وقالت شريحة كبيرة من هؤلاء إن التكلفة هي أهم سبب لعدم الحصول على اتصال بالإنترنت بالمنزل. وذكر ثلث المشاركين في استطلاع “يوروباروميتر” لعام 2010 أن مشكلة سرعات النطاق العريض مشكلة عامة. وقال حوالي 36 في المائة منهم إنهم تعرضوا لمشاكل انقطاع وأعطال في الاتصال، ورأى 24 في المائة أن الأداء لم يطابق الشروط المنصوص عليها في العقد مع مزودي الخدمة. تعزيز المنافسة أعلنت اللجنة الأوروبية المعنية بالدراسة أن تعزيز المنافسة لخفض الأسعار سيشجع المزيد من الناس للحصول على اتصال بالإنترنت وهو ما يمثل هدفا مهما من “الأجندة الرقمية” لدول الاتحاد الأوروبي. كما تستهدف الأجندة الرقمية مواجهة مشاكل الاتصال عن طريق توفير سرعة اتصال تبلغ 30 ميجابايت/بالثانية بحلول عام 2020. ومن المتوقع أيضا أن يحصل ما لا يقل عن 50 في المائة من منازل الأسر الأوروبية ذات النطاق العريض على سرعة إنترنت مقدارها 100 ميجابايت/ بالثانية في العام نفسه. وقال نحو 21 في المائة من المتجاوبين مع الاستطلاع إن الوصول إلى بعض محتويات الإنترنت وتطبيقاتها قد تم حجبه أو وقفه من قبل مزودي خدمة الإنترنت، وهو ما ذكره أيضا خمس مستخدمي الإنترنت النقال، إلا أن ثلث هؤلاء عزا ذلك إلى محدودية قدرة هواتفهم. وقامت المفوضية الأوروبية بالتدقيق في هذه التفاصيل من أجل تحديد الإجراءات المتوجب اتخاذها في هذا المجال. واستمرت شعبية مواقع الشبكات الاجتماعية بالنمو حيث أن 35 في المائة من الأوروبيين يستخدمون مواقع مثل فيسبوك وتويتر. في المقابل، لم يفاجأ معدو الدراسة من قول 84 في المائة من المتجاوبين مع الاستطلاع إنهم يريدون أن يتم إعلامهم إذا تم فقدان بياناتهم الشخصية أو سرقتها أو تعديلها ولا من قول 45 في المائة إنهم يشعرون بالقلق إزاء إساءة استخدام المعلومات الشخصية، وخاصة على مواقع الشبكات الاجتماعية. ووجد الاستطلاع البحثي أيضا أن 98 في المائة من الأسر في دول الاتحاد الأوروبي لديهم إمكانية الوصول للهاتف وأن 87 في المائة لديهم قدرة الوصول إلى هاتف نقال. بروز خمس دول كان تقرير سابق ذكر أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم سيتضاعف في كل من البرازيل وروسيا والهند والصين واندونيسيا إلى 1,2 مليار مستخدم في عام 2015. وقال التقرير الذي أعدته مجموعة “بوسطن كونسلتيننج” إن ذلك سيؤدي إلى نمو سريع في مهن شركات الإعلام والاتصال. وأضاف أن البلاد المذكورة ستعرف عدد مستخدمي إنترنت يبلغ ثلاثة أضعاف مستخدمي الولايات المتحدة واليابان مجتمعين بعد أن كان بلغ الضعفين في عام 2009، وأن عدد أجهزة الكمبيوتر الشخصية سيصل في الدول الخمس إلى 920 مليون جهاز كما أن انتشار الهاتف المحمول الموصول بالإنترنت سيساعد أكثر على هذا النمو. وقال جاك لي، محلل شؤون الإنترنت في شركة “جتواي جونان سيكوريتز” الصينية، إن النمو السريع لأسواق الإنترنت سيكون في الدول التي تتميز برسوم وكلفة قليلة وباقتصاديات قوية والدول الخمس هي من هذه الفئة، كما أن فرص الإعلانات عبر الشبكة العنكبوتية والتجارة الإلكترونية في هذه الأسواق ستكون ضخمة”.