الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات السيارات الأوروبية تغرق في «بحر» الخسارة

شركات السيارات الأوروبية تغرق في «بحر» الخسارة
21 أغسطس 2012
مع إعلان النتائج نصف السنوية لشركات صناعة السيارات، ظهر جلياً أن بعضها غارقة بشدة في الوحل، في وقت تجني فيه أخرى ثمار الأرباح. وتجد شركة “بيجو ـ سيتروين” الفرنسية التي تعاني من الخسائر الكبيرة، صعوبة في إقناع الحكومة الجديدة بضرورة عمليات الخفض. وأعلنت الشركة عن خسائر خلال النصف الأول بلغت نحو 819 مليون يورو (1,06 مليار دولار). وأبرزت أزمة ديون “منطقة اليورو” فائضا ضخما في السيارات بأوروبا وحرب أسعار محتدمة. وتتعرض شركة “بيجو” لخسارة بمعدل 200 مليون يورو شهرياً. وفي ظل تراجع أسعار أسهمها، يتساءل المستثمرون عن مدى مقدرتها على الصمود في غضون العام أو الاثنين المقبلين. وعندما أعلنت الشركة بداية يوليو الماضي عن خطتها القاضية بتسريح نحو 6,500 ألف من عامليها وإغلاق مصنع منطقة أليوناي القريبة من باريس، أصر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على عدم قبول ذلك. ومع ذلك، فإن الحزمة الاسعافية التي وعدت الحكومة الفرنسية بتقديمها لشركات صناعة السيارات الفرنسية والتي تتضمن مساعدات كبيرة للسيارات التي تعمل بالكهرباء والقروض لصغار الموردين، ضعيفة وغير قادرة على إحداث فرق يذكر. كما أعلنت في نفس الوقت شركة “فورد” عن خسائر في أوروبا خلال السنة الحالية من المتوقع أن تتجاوز مليار دولار. وما ساعد “فيات” التي أفصحت عن أرقامها نهاية يوليو الماضي على النجاة من الخسارة في أوروبا التي تراجعت مبيعاتها فيها 18% هذه السنة، الأرباح الكبيرة لتي حققتها “كرايزلر” في الخارج والتي تملك “فيات” 62% منها. ولا تبدو عمليات “فورد” في أوروبا بالأحسن حالاً، حيث من المتوقع أن تتعرض الشركة لخسارة تقدر بأكثر من مليار دولار في العام الحالي، إضافة إلى خسائر الشركة البالغة 14 مليار دولار منذ عام 1999. ومع ذلك، وفي حين أعلنت كل من “بيجو” و”فورد” عن خسائرهما، حققت “ديملر” الألمانية في النصف الأول ارتفاعاً طفيفاً في أرباحها إلى 2,9 مليار يورو، ما يكفي لاعتبارها واحدة من بين الشركات الأوروبية الرابحة. وذكرت “جاكوار ـ لاندروفر” المملوكة من قبل الهند والمستقرة في بريطانيا بعد جنيها لأرباح كبيرة، أنها بصدد تعيين 1,100 ألف عامل في مصنع بالقرب من برمنجهام، إضافة إلى تعيين عدد آخر مماثل في مصنع بالقرب من ليفربول. كما أعلنت “فولكس فاجن”، عن أرباح قياسية في النصف الأول بلغت نحو 6,5 مليار يورو، بزيادة قدرها 7% عن 2011. وعموماً، دخل سوق غرب أوروبا في سنته الخامسة على التوالي من تراجع المبيعات، لكن ارتفعت تلك المبيعات في بعض الأسواق الأوروبية مثل بريطانيا وألمانيا نسبياً خلال العام الحالي، في حين انخفضت في إيطاليا بنحو 20% وفي فرنسا 14%. وباستثناء شركة “فولكس فاجن”، تعرض سوق السيارات الشعبية لأكبر الخسائر، بينما حققت الموديلات الفاخرة مثل “بي أم دبليو” و”لاند روفر”، صادرات قوية إثر الطلب المتزايد من قبل الأسواق الناشئة. وتعاني “رينو” مواطنة “بيجو”، من تراجع في مبيعاتها هي الأخرى، على الرغم من سرعتها في نقل مرافق إنتاجها خارج فرنسا ذات التكلفة العالية. وبحقيقة حجم إعادة الهيكلة التي خضعت لها بقية القطاعات الصناعية في أوروبا بما في ذلك صناعة قطع غيار السيارات، من اللافت للنظر العدد القليل من مصانع السيارات التي تم إغلاقها. ولم تتعد حالات الإغلاق الواضحة منذ اندلاع الأزمة المالية واحدة لكل من “فيات” في صقلية و”أوبل” في بلجيكا. ومن المتوقع أن يكون مصنع “أليوناي” أول خط تجميع يتم إغلاقه منذ 20 عاماً. وتملك شركات صناعة السيارات الضعيفة كل أنواع الخطط التي تمكنها من خفض أو مشاركة تكاليفها. كما أنها تلتمس من حكوماتها خفض ضريبة الدخل. وترى شركة “أليكس وشركاه” العاملة في الاستشارات الخاصة بإعادة الهيكلة لشركات صناعة السيارات، أنه ومن دون عمليات خفض كبيرة وإغلاق ما لا يقل عن 12 خطا للتجميع، لن يكن في مقدور هذه الشركات استعادة أرباحها المفقودة، خاصة أن سوق سيارات غرب أوروبا ليس من المحتمل أن يعود لمستويات ما قبل الأزمة قبل حلول 2020. وعانى قطاع صناعة السيارات في بريطانيا وحتى وقت قريب في أميركا من تداعيات عمليات الخفض، لكنه بدأ في جني الأرباح والنمو الآن. وأشرف الرئيس الأميركي باراك أوباما على خطة لإعادة الهيكلة التي أعلنت بموجبها “كرايزلر” و”جنرال موتورز” إفلاسهما وأغلقت الشركات الأميركية الأخرى 18 مصنعاً. وتعتقد شركة “أليكس وشركاه” أن مصانع السيارات في بريطانيا وأميركا وألمانيا “باستثناء المشاكل التي تتعرض لها أوبل”، تعمل فوق المستوى المطلوب لتحقيق الأرباح، بينما تدخل نظيراتها في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، دائرة الخطر. وفي حين تعني مسألة إعلان الإفلاس في أميركا فرصة لبداية جديدة، إلا أنها ما زالت تمثل في أوروبا مدعاة للخجل وتستغرق الكثير من الوقت. ونادى المحللون في بنك “كريديت سويس” بضرورة القيام بهيكلة تشمل جميع أنحاء أوروبا بدعم من الحكومات الإقليمية والوطنية. وتعاني الحكومات في الوقت الراهن من شح السيولة لتمويل جولة أخرى من برامج “السيولة مقابل السيارات القديمة”، لإنعاش مبيعات السيارات. كما أُرغمت هذه الحكومات على رفع المعدلات الضريبية بدلاً من خفضها بإيعاز من شركات صناعة السيارات. ويترك ذلك خياراً واحداً لسياسيي القارة إذا أرادوا المساعدة، وهو ترك الشركات الضعيفة تقوم بعمليات الخفض التي تحتاجها حتى تكون قادرة على البقاء في القطاع. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©