الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أولمبياد بكين··· ضحية التسييس

أولمبياد بكين··· ضحية التسييس
20 فبراير 2008 00:22
تصر الحكومة الصينية من جانبها على نفي أن تكون للأولمبياد الدولية التي ستنظم فيها الصيف المقبل أي صبغة سياسية، غير أن للسيد ''يانج شولين'' من الأسباب ما يدعم اختلافه مع هذا الرأي، و''شولين'' ناشط اجتماعي كان قد اعتقل قريباً بسبب توزيعه لعريضة توقيعات دعا فيها المواطنين إلى مساندة المطلب الذي حوته العريضة، ''نحن لا نريد الأولمبياد·· بل نطالب بحقوق الإنسان''، ومن المتوقع أن يقدم السيد ''شولين'' للمحاكمة خلال الأسبوع المقبل، بتهمة ذات طبيعة سياسية هي الحض على تقويض سلطة الدولـــة، وفيمــا لـــو تمــــت إدانتـــه فــــإن المتوقع أن يحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات· في واقع الأمر فقد غزت السياسة هذه الأولمبياد طولاً وعرضاً، مضفية بذلك تعقيدات جدية على أمل الحزب الحاكم في الخروج ''نظيفاً'' من كل سوء أو عيب بحلول شهر أغسطس المقبل، وأحد مظاهر السمة السياسية لأولمبياد بكين، تقديم المخرج ''ستيفن سبيلبرج'' لاستقالته من منصب المستشار الفني للأولمبياد في الأسبوع الماضي، احتجاجاً منه على السياسات التي تتبعها ''بكين'' إزاء أزمة إقليم ''دارفور'' السوداني، واتهم الحكومة الصينية بعدم ممارستها ما يكفي من الضغوط على حليفتها الحكومة السودانية، بما يفضي إلى وضع حد للأزمة الإنسانية في الإقليم، وقال المخرج في بيان وزعه عقب استقالته مباشرة: ''لا يسمح لي ضميري بالاستمرار في هذه الوظيفة والتعامل معها كما لو كانت مجرد أي وظيفة عادية''، غير أن ''ليو جيانشاو'' -الناطق باسم وزير الخارجية الصيني- رد عليه يوم الخميس الماضي بقوله: ''إن هذا الربط بين الأولمبياد والقضايا السياسية، لا ينسجم وروح الأولمبياد نفسها''· مهما يكن من نفي المسؤولين الصينيين المتكرر لوجود أي صلة للأولمبياد بالقضايا السياسية، إلا أن الواقع أن هذا الربط ظل قائماً، والسبب هو تسييس كافة جوانب الحياة الصينية طالما أن البلاد لا تزال محكومة من قبل حزب سياسي واحد، وفي خارج الصين، فما أكثر المجموعات الدولية الناشطة التي تنتقد هذا الملمح أو ذاك من ملامح أداء الحكومة الصينية· فعلى حـــد قول ''ديفيد زفايج'' -رئيس مركز العلاقات القومية الصينية بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا- فإن الصين بصفة خاصة تظل عرضة للانتقادات التي تبدي حكومتها حساسية عالية إزاءها· وسواء أرادت بكين أم لم ترد، فإن الانتقادات الموجهة إليها فيما يتعلق بسياساتها الخارجية كثيرة، وتشمل عدة قضايا في وقت واحد: مواقفها من استقلال تايوان، سياساتها إزاء إقليم التبت، سياساتها الدارفورية، وصولاً إلى ما يؤخذ عليها في مجال حرية الصحافة والرأي، وعليه فكثيراً ما يستخدم الناشطون ضدها كل هذه القضايا ويربطونها بالأولمبياد، وإذا كان قد نجح هؤلاء في الترويج الواسع لحملتهم ضدها، فقد كان نصيب المواطنين الصينيين منها في الداخل القمع والبطش، على نحو ما حدث للسيد ''يانج شولين''· من جانبهم يقول المسؤولون إنهم على استعداد للتعامل مع خصومهم السياسيين، ''فقد سمعنا أصواتاً كهذه من مختلف الاتجاهات''، ذلك هو ما قاله ''جيانج خياويو'' -نائب رئيس اللجنة التنظيمية لأولمبياد بكين-، واستطرد قائلا: ''من المتوقع أن نستمع إلى المزيد من هذه الأصوات التي ربما يزداد تعاليها، غير أننا على استعداد ذهني لسماعها والتعامل معها''، ولكن الملاحظ أن وزارة الخارجية الصينية قد استغرقت يومين كاملين قبل استجابتها للقنبلة التي فجّرها المخرج ''سبيلبرج'' ما يشير إلى تدني مستوى الاستعداد، على عكس ما أوحى به ''جيانج خياويو''· أما من الناحية التاريخية، فطالما أحاطت السياسة بالأولمبياد الدولية عموماً، ابتداء من عام 1906 حين تسلق لاعب أيرلندي فاز بإحدى الميداليات، سارية العلم البريطاني المرفوع تشريفاً له ليمزقه قبيل إعلان استقلال أيرلندا بأيام فحسب· وكذلك نظر العالم إلى أولمبياد برلين التي جرت في عام 1936 خلال العهد النازي، باعتبارها مناسبة رياضية أرادت الدولة النازية المضيفة استثمارها للترويج لأجندتها السياسية لا أكثر· وفي عام 1976 قاطعت الأمم الأفريقية الأولمبياد التي جرت في ذلك العام، بينما تعمدت الولايات المتحدة وبعض حلفائها مقاطعة أولمبياد موسكو في عام 1980 احتجاجاً منها على الغزو السوفييتي لأفغانستان· وفي المقابل قاطع الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي أولمبياد لوس أنجلوس التي نظمت في عام 1984 رداً على المقاطعة الأميركية· لكن وعلى رغم ذلك التاريخ، ظلت الأولمبياد في منأى تام عن السياسة طوال السنوات الخمس والعشرين الماضية، وعلى حد قول المؤرخ الأولمبي ''ديفيد والشينسكي''، فقد كان ممكناً تنظيم الأولمبياد دون إثارة خلافات سياسية تذكر، لأنها لم تكن ساحة للتعبير عن الخصومات السياسية أياً كان نوعها· غير أن ''زفايج'' يرى أن بكين تريد أن تجعل من أولمبيادها المرتقبة مناسبة لبروز الصين الملحوظ في الساحة الدولية، وهذا بحد ذاته يتسم بدرجة عالية من السياسة، والمشكلة أن سياسات بكين تتعرض لهجوم وانتقادات عنيفة، لا سيما سياساتها الخاصة بأزمة إقليم دارفور السوداني· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: بكين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©