الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رفقا بالقوارير

16 سبتمبر 2014 23:12
ولدت وليس في فمي ملعقة من ذهب، فقد تربيت في عائلة قاموسها لا يحتوي على مترادفات: المشكلات، الشجار، الألم، القهر، فرأيت أمي تلك الأم المكلومة التي دائماً تقول كلمة حاضر لأب متعصب إلى رأيه، وإخوة وأخوات يعاملونني بقسوة لأنني لست شقيقتهم من طرف الأم، عشت في كآبة لا يعلم بها سوى ربي جل وعلا، باتت نظرات من حولي تقتلني، فواقع حالي مرير، وأصبحت لافتة للنظر والشفقة، وفجأة طرق باب منزلنا زوج المستقبل الذي رأيت فيه المنقذ، وباب الفرج لكل مشكلاتي وهمومي، وافقت عليه فورا من دون أن نسأل عنه، فالعبء على زوج أمي سيقل، وسيتخلص مني حتماً، وسأتخلص أنا بدوري من نظرات الشفقة وكلام الناس، وفعلاً تم الزواج، ورحت أعيش في عالم الخيال وفي قصص الحب الخرافية، إلا أنني صدمت وفوجئت بواقع مر وأليم، يا إلهي هل هذه هي الحياة الزوجية التي كنت أريدها؟ وهل هذه هي الوجبة التي صمت من أجلها دهراً لأفطر على بصلة الذل والهوان؟، فزوجي لا يصرف عليَّ، ويهينني ويضربني، ويجعلني أنا التي تصرف، وتتحمل ثقل المسؤولية على كتفها، نعم لقد جنيت على نفسي ودمرت حياتي، وكل ذلك بسبب المجتمع، أردت الهروب من واقعي المرير لأقع فيما جنته يداي!... هذا هو حال المرأة في كثير من المجتمعات .. تولد فيقال فلانة قد رزقت ببنت، فتكبر هذه البنت، ولكن بنيتها ضعيفة أو سمينة، فيقولون فلانة «ضعيفة البنية أو سمينة»، فتصبح البنت خجولة، تكتم تعابيرها وخلجات نفسها، وتغلق الأبواب كي لا تستمع إلى التعليقات، وعندما تكبر، وتكون بعمر الزهور، وتصبح في سن الزواج، تلاحقها النظرات والتمتمات، ويسألونها بكل استهزاء: لماذا لم تتزوجي إلى الآن لا بد أن فيك عيباً، فتتهرب البنت من الناس، وتقول أي شخص يتقدم إليَّ سأوافق عليه، فأنا في نظر البعض من الناس بعد أن وصلت إلى سن الـ(27) يلقبونني «بالعانس»، ولا أمل بتقدم العرسان إليَّ، وحتى إن تقدم أي شاب يوافقون على الفور، ويُبلغ الجميع كي يتم إعلامهم بأنها تخلصت من قيود العنوسة، تتزوج البنت التي لم تحسن الاختيار، فتقع في شر ما اختارته، فقد يكون سيئ الخلق والعشرة، وتبدأ رحلة معاناة أخرى، فهي لم تنجب إلى الآن، حتى وإن أكملت الشهور القليلة في الزواج، في نظرهم «عاقراً»، وهكذا تمضي حياة بعض الفتيات، متعلقة فقط بمصطلحات مجتمعية هابطة، تقتل روح الأنوثة فيها، وتدمر مراحلها التي يجب على كل فتاة الاستمتاع بها، هذا واقع مرير تعشنه العديدات على مضض، لأنهن فقط لتلبية طلبات المجتمع من دون النظر إلى طلباتهن واحتياجاتهن. نصيحتي في كلمات: «استمتعوا يا قرائي بحياتكم، فالحياة قصيرة، وما نحن إلا عابرو سبيل، جددوا الثقة بأنفسكم، ولا تدعوا اليأس يقتلكم ولا كلام الناس يأسركم، دعوا الخلق للخالق، فرضاء الناس غاية لا تدرك، ونظرات المرضى من الأفراد لن تنتهي، واللسان ليس فيه لسان يضبطهم، ولكن حبكم لنفسكم هو الضابط الوحيد الذي يدلكم على دروب السعادة والاستقرار»، وأنتم لها يا قرائي.. ريا المحمودي – رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©