الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حشد الجهود لمعرفة الفرق بين بني إسرائيل واليهود!

حشد الجهود لمعرفة الفرق بين بني إسرائيل واليهود!
16 سبتمبر 2014 23:12
محمد أبو كريشة كاتب صحفي عود على بدء.. أراني أعود مرّة أخرى إلى قضية الألفاظ المنقولة من معنى إلى آخر مما يؤدي إلى اللبس والخلط في أذهاننا، ويؤدي أيضاً إلى الخلافات التي لا حل لها. كما يقود إلى اختلاف التفاسير للنصوص الدينية فترى كل امرئ أو كل فريق يفسر على هواه.. ثم ندخل في معضلة التأويل.. ويقال إن التفسير جائز لكن التأويل في النصوص القرآنية غير جائز. والتفسير كما أرى متعلق باللفظ، لكن التأويل متعلق بالمعنى - والله عز وجل ربط في القرآن الكريم بين الفتنة والتأويل، وحذر الذين يبتغون الفتنة ويبتغون التأويل. وقال سبحانه وتعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ)، أي أن التأويل شأن الله عز وجل وحده. أما الراسخون في العلم فلا علم لهم بالتأويل وهم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا. حتى التفسير المتعلق باللفظ ينبغي التعامل معه بحذر شديد إذا اختص الأمر بالقرآن والسُنة. فالقاعدة التي ينبغي الانطلاق منها أن اللغة العربية ليس فيها كما يشاع ألفاظ مترادفة تؤدي نفس المعنى.. فاللغة العربية ثرية وليست ثرثارة - فإذا قلنا إنها مليئة بالمترادفات التي تؤدي نفس المعنى فإن هذا اتهام لها بأنها لغة ثرثارة وإذا اقتنعنا بأن كل لفظ يؤدي معنى مختلفاًَ عن ذلك الذي يقال إنه مرادف له فإن هذا يعني أنها لغة ثرية.. وهي حقاً ثرية لأن كل لفظ له معنى مختلف، فهمه من فهمه، وجهله من جهله.. هذا يعني أن تفسير اللفظ بمرادفه ونحن نتلو القرآن الكريم خطأ كبير وقصور في الفهم - فلا يجوز مثلاً أن نتلو (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ) - ونقول: جاءوا أي أتوا.. لأن الإتيان ليس مرادفاً للمجيء.. وجاء مختلفة تماماً عن أتى - والوضع الذي يقال فيه: جاء لا يصح أن يقال فيه: أتى - ولا ينبغي أن نتلو: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ...).. ونقول: أتى أمر الله أي جاء أمر الله.. هذا تبسيط مخل لا ينبغي أن نقع فيه ونحن نتعامل مع القرآن والسنة. وأحيلكم إلى آية قرآنية نفهمها دائماً فهماً مقلوباً وهي آية: (... إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ...).. نحن نستشهد بهذه الآية في سياق مختلف تماماً عن معناها - إذ نرى أن التغيير مقصود به التغيير إلى الأفضل ونعني أن الله عز وجل لن يغيرنا إلى الأفضل إلا إذا غيرنا ما بأنفسنا أو غيرنا أنفسنا - لكن المقصود بالآية على حد علمي هو التغيير للأسوأ - بمعنى أن الله عز وجل لا يغيرنا إلى الأسوأ وإنما نحن نغير أنفسنا إلى الأسوأ - لأن الله عز وجل يريد لنا الخير ولا يريد لنا الشر - يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر.. وهناك وضوح أكثر للمعنى في آية أخرى: (وما كان الله مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). والتغير دائماً أو غالباً في اللغة العربية وفي النصوص الدينية يكون معناه التغير إلى الأسوأ.. وأهل الجنة ينعمون فيها بشراب لم يتغير طعمه، أي لم يفسد، والشيطان الرجيم كما ورد في القرآن الكريم قال: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)، أي يفسدون خلق الله، فالتغير في الغالب بمعنى الإفساد أو الاتجاه إلى الأسوأ. لكننا نفهمه دائماً على أنه التغيير إلى الأفضل. أو نفهمه بمعنى التطوير والتحديث وهذا فهم خاطئ جداً. التغيير يعني التشويه، يعني أن يصبح الشيء أو المرء غيره لا نفسه. الغير والتغير أي الفساد والتشويه - ويقال: طالتها يد الغير بكسر الغين وفتح الياء - أي طالتها يد التشويه والعبث - ولا ترد غير أو التغيير أو التغير في اللغة إلا بمعنى الفساد والتشويه وكل طعام أو شراب يتغير طعمه أو لونه فهو فاسد.. وليس في اللغة ما قد يكون محموداً أحياناً سوى (الغيرة). هذا باب واسع جداً وموضوع صعب للغاية ولست قادراً وحدي على الولوج فيه، وأتمنى لو يساعدني فيه علماء اللغة والفقه والحديث لأنهم أقدر مني على معالجته، لكني قد أعود إليه مرة أخرى، وأنا أتحدث عن بني إسرائيل في القرآن. فقد تعاملنا وما زلنا نتعامل مع هذا المصطلح بغفلة شديدة، وربطنا ربطاً مغلوطاً بين بني إسرائيل واليهود خصوصاً بعدما نشأت دولة إسرائيل. فقد نسينا تماماً أن إسرائيل هو سيدنا يعقوب عليه السلام، وأن اليهود الذين احتلوا فلسطين سرقوا البنوة لإسرائيل غصباً كما سرقوا كل شيء. وانخدعنا نحن بذلك وسرنا على نهجهم وتوهمنا أن بني إسرائيل هم اليهود، بينما لم يكن لليهودية وجود في عهد إسرائيل (يعقوب عليه السلام). وأن اليهودية نزلت بعد إبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب بقرون طويلة. وعندما نتلو الآية القرآنية: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ...) إلى آخر الآية.. ينصرف ذهننا مباشرة إلى اليهود.. وهذا خطأ كبير.. والألفاظ القرآنية ربانية ولا يمكن أن يكون فيها خلل أو خلط أو عدم دقة، والله تعالى ذكر بني إسرائيل في مواضع وذكر اليهود في مواضع أخرى، (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا.. ولم يقل سبحانه في الآية الأولى: (وقضينا إلى اليهود في الكتاب)، ولم يقل في الثانية (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا بني إسرائيل)، لأن بني إسرائيل مصطلح عرقي - واليهود مصطلح ديني - بمعنى أنه ليس كل بني إسرائيل هوداً أو يهودا، وليس كل اليهود بني إسرائيل، أي أن بني إسرائيل منهم مسلمون ويهود ومسيحيون ومشركون وملحدون. وأكاد أقطع بأن اليهود الذين احتلوا فلسطين، ليسوا من بني إسرائيل، لأنهم في الغالب قادمون من الغرب، وأن يهود الشرق وحدهم هم بنو إسرائيل، بالإضافة إلى كثيرين جداً من سكان المنطقة العربية أو كثيرين جداً من العرب خصوصاً في مصر والشام. ولا أحد يعرف على وجه اليقين من هم بنو إسرائيل الذين سيفسدون في الأرض مرتين - ولا أحد يعرف من هم بنو إسرائيل الذين فضلهم الله على العالمين.. ربما تكون المنظمات الإرهابية التي تملأ المنطقة العربية مثل «داعش» و»النصرة» و»الإخوان» و»أنصار بيت المقدس»، هم الذين يقال إنهم بنو إسرائيل الذين يفسدون في الأرض، ويعلون علواً كبيراً وهم الآن أكثر نفيراً. الباب كما قلت لكم واسع جداً، ولا أحيط به وحدي خبراً. ولا بد من حشد الجهود في كل العهود ليعرف الناس الفرق بين بني إسرائيل واليهود، وبإذن الله سوف نعود.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©