الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والهند.. أفق تطوير العلاقات

16 سبتمبر 2014 23:13
شاندراهاس شودري محلل سياسي وقاص هندي ما الذي يعكّر صفو العلاقة بين الهند والولايات المتحدة؟ والجواب هو «لا شيء» إن كنت تصدق القادة والسياسيين المكلفين بالإبقاء على الطريق بين نيودلهي وواشنطن مفتوحاً ومضاءً بقوة وخالياً من المطبّات. وعلى أن العلاقة بين أميركا والهند تربط بين أقدم وأضخم ديمقراطيتين في العالم، وبين أضخم منارة للديمقراطية تقع في الغرب، وأخرى في تقع الشرق. وكان التواصل بين الشعبين الهندي والأميركي ينمو على الدوام من خلال نشاطات اجتماعية واقتصادية متنوعة مثل الهجرة والسياحة والتعليم والثقافة. ولكل واحد من هذه القطاعات مكانته المهمة في هذه القصة. ونحن نتشارك مع الأميركيين في نسخة مطابقة من أشكال الديمقراطية، ونهتم بالحفاظ على نظام الدولة المدنية العلمانية التي تعمل على إطلاق وتحرير الطاقات الوطنية وتضمن الحقوق الأساسية لمجتمعها ذي الإثنيات والثقافات والمعتقدات المتعددة. وباعتبارنا دولتين ديمقراطيتين، فإن لنا نظرة مشتركة لمفهوم العالم المستقر الذي يسوده السلام. ولقد تزايد حجم التجارة الهندية- الأميركية بمقدار أربعة أمثال منذ نهاية القرن الماضي. وهذا مؤشر يلقى كل الترحيب في الدولتين. ولا يوجد حتى الآن ما يمكنه أن يعكّر صفو العلاقة الهندية- الأميركية، إلا أننا لو نظرنا إلى حجم المشاركة التجارية بين الدولتين لاستنتجنا أن في وسعهما تطويرها إلى الأفضل. وتلخص قصة العلاقة بينهما خلال العقود الستة الماضية، حكاية شعب كان يحرص على عدم تفويت أي فرصة لتمتينها فيما كانت حكومتا البلدين تفشلان في التوصل إلى تفاهم حقيقي. ويعود ذلك لعدة أسباب منها الحرب الباردة، والخلاف على تابعية ولاية كشمير، والحرب في أفغانستان. وكانتا في العديد من المرات تفوتان على بعضهما فرصة إعادة العلاقات إلى طبيعتها بسبب انعدام الثقة وعدم الالتفات للحوافز الكامنة والعوائد المشتركة وراء إنجاح هذا المسعى. ويمكنني أن أقول بكل صراحة إنني لم أكن أرى أن آراء السيناتور «الجمهوري» جون ماكين تنطوي على أية مصداقية فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية. وخاصة أن تلك الآراء تركز على الضربات الجوية بأكثر من المناقشة والحوار. ولكن، في بداية هذا الأسبوع سمعته وهو يتناول موضوع العلاقات الأميركية- الهندية في منحة «كارنيجي» في واشنطن، وظننت عندئذٍ أنني بدأت أسمع كلاماً له معنى ومغزى، وخاصة عندما استخدم كلمة «استراتيجية» في وصفه للعلاقة مع الهند. وأنا أعلم كغيري أن هذه الكلمة أصبحت تعني الشيء الكثير. وقال ماكين: «غالباً ما كانت علاقتنا تفشل في الماضي وكأنها من صنع مبتدئين. وكثيراً ما كنّا نتأثر بالسياسات المحلية. وكان كل منا ينتظر من الآخر إزالة أجواء التوتر بدلاً من أن يسعى الطرفان معاً للاستفادة من نجاح بعضهما البعض وتحديد الأولويات التي يمكنها أن تجلب الصفاء السياسي والتفاهم على الأهداف والمصالح المشتركة. ويمكنني القول باختصار إن علاقتنا الاستراتيجية تطورت لسوء الحظ إلى علاقة لعقد الصفقات التجارية ليس إلا». وأضاف ماكين قوله: «ويغلبني الشعور بأن رئيس الوزراء «مودي» يريد أن تضطلع الهند بدورها في تغيير هذا الواقع، وبأنه يريد أن تطلق الهند والولايات المتحدة رؤيتهما المشتركة مرة أخرى من أجل تنفيذ المهمات الكبرى معاً. وأنا من جهتي أوافق على هذا، وأرى في زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، فرصة لإعادة تجديد الشراكة والتركيز على القضايا الاستراتيجية». وتحدث «ماكين» أيضاً عن الطرف الهندي عندما قال: «إن الكثير من الهنود الذين التقيتهم، أظهروا حيرتهم من سياسة الولايات المتحدة وعدم مصداقيتها وخاصة فيما يتعلق بعلاقتها مع الهند». وأنا أرى أنه أصاب الحقيقة في قوله هذا. ولعل ما هو أسوأ من كل ذلك، هو أن الحروب الخارجية الأميركية ومحاباة باكستان، كانت تحمّل الهند التكاليف والأعباء المادية والسياسية الباهظة، وهي التي أوجدت نقاط الخلاف الصعبة في المحادثات التي كانت تدور بين الطرفين. وبالعودة بالتاريخ إلى الوراء، فلقد شهدت العلاقات الأميركية- الهندية أوقاتها الرومانسية أيام حكم الرئيس الراحل جون كينيدي (بداية ستينيات القرن الماضي)، والذي عبر عن اهتمامه الكبير بالمشاكل، التي تعاني منها الهند التي كانت قد حصلت على استقلالها حديثاً، وخصّها بكم ضخم من المساعدات، وأرسل إلى نيودلهي سفيراً هو أعظم أميركي يشغل هذا المنصب على الإطلاق، وهو الاقتصادي البارع «جون كينيث جالبريث». وحتى تلك اللحظة العابرة من الوفاق والانسجام لم يُكتب لها أن تدوم. وحدث بعد ذلك أن قام رئيس الوزراء الهندي لما بعد الاستقلال جواهر لال نهرو بزيارة إلى كينيدي عام 1961 إلا أن الرجلين لم يتفقا على أي من النقاط التي دار البحث حولها، حتى أن نهرو وصف تلك الزيارة بقوله: «إنها الزيارة الأسوأ التي أقوم بها منذ انتخابي على رأس الدولة». وفي أواخر الشهر الجاري، سوف يقوم «مودي» بأول زيارة إلى الولايات المتحدة. ولم يخفِ رغبته في العمل على حجز مكان الهند المرموق في منظومة العلاقات السياسية الدولية. وسيكون الجزء المهم من أجندته هو الارتقاء بالعلاقة مع الولايات المتحدة إلى ذرى جديدة. ومن المنتظر أن يتجاوب أوباما مع هذه الخطوة بشكل فعال. ويكون من المهم أن يفكر بالهند لأول مرة ليس على أساس أنها تمثل ظلاً لمصالح الولايات المتحدة في باكستان والصين. وعلى أقل تقدير، يجب أن تكون العلاقة بين البلدين مبنية على أساس احترام تطلعات وطموحات 1.2 مليار هندي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©