الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفتاء لمصلحة الأهواء الشخصية فتنة وتلاعب بقيم الدين

الإفتاء لمصلحة الأهواء الشخصية فتنة وتلاعب بقيم الدين
29 أغسطس 2013 20:21
رفض علماء الشريعة الإسلامية توظيف الفتوي في العمل العام واعتبروها تلاعباً بقيم الدين لمصلحة الأهواء الشخصية وتحقيق منافع دنيوية تؤدي إلى بث الفتن والتنازع والاختلافات بين الناس وإثارة البلبلة في المجتمعات والوقيعة بين أطيافها وفئاتها وتمزيقها بالإشكاليات الدينية، لذا حددت الشريعة الإسلامية الضوابط التي تضمن وصول المعلومة الصحيحة إلى طالبيها بعيداً عن الأغراض والأهواء. حذر الإسلام من نشر المفاهيم المغلوطة والفتاوى المتشددة التي تحكم بجهل على من يخالفها في الرأي بالخروج من الملة والحكم بغير ما أنزل الله وتحرض على إهدار الدم والعبث بالثوابت والمقدسات، حيث حذر الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية من استخدام الفتاوى الدينية وتسخيرها في تعميق الخلاف والشقاق بين المسلمين وأبناء الوطن الواحد وإلصاق التهم بالناس من غير وجه حق والقدح في دينهم لمجرد خلاف، مؤكدا أنه أمر ممقوت ومحرم شرعا نظرا لاثارها الخطيرة وما يترتب عليها من زيادة الشقاق بين أبناء الوطن الواحد وإزهاق الأرواح. تقدم المجتمعات وقال إن الكلمة أمانة ويجب على الجميع أن يراقب الله فيما يقول وأن يكون التثبت هو المنهج الذي يتبعه الجميع في التعاطي مع الأحداث والوقائع وليكن شعارنا جميعا «فليقل خيرا أو ليصمت»، موضحا أن التطرف والتشدد والعنف والإرهاب أمور حرمها الإسلام تحريماً قاطعاً، وعلينا أن نلتزم بأحكام القانون ونعمل على تقدم المجتمعات بالعلم النافع والإيجابية والمشاركة. وأوضح الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، أن الفتاوى التكفيرية والتحريضية تؤدي إلى خراب المجتمعات وتهديد استقرارها بما تحدثه من فتن كبيرة تأكل الأخضر واليابس، مضيفا أن الإسلام يرفض الفكر النفعي الانتهازي والمتطرف الذي يحكم على الأفراد بالكفر والخروج من الملة لتحقيق أغراض سياسية. جوهر الدين وقال إن البعض يتقول على الإسلام وينسب إليه الفكر المتشدد والمفاهيم المغلوطة التي تبتعد عن جوهر الدين القائم على الوسطية والرحمة والاعتدال، مشيراً إلى خطورة توظيف الدين لتحقيق مآرب سياسية بإصدار فتاوي دينية هدفها الكيل للخصوم والتحريض عليهم وإهدار دمهم. وأشار إلى أن الأمة تعيش أزمة تصدر بعض ادعياء العلم والعمل الدعوي والتساهل في الإفتاء والاجتراء على شرع الله، مؤكدا ضرورة تضافر جهود المؤسسات الدعوية الرسمية في التصدي لأصحاب الفكر التكفيري وادعياء العلم ونشر صحيح الدين وتفنيد المفاهيم المغلوطة ووضع ضوابط وشروط للإفتاء، بحيث لا يفتي إلا من لديه مقومات الإفتاء، ويعرف جيدا ضوابطه وشروطه. ويوضح أن التحديات إلى تعترض سبيل الأمة تفرض انفراد الجهات المختصة مثل دار الإفتاء ومجامع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف وهيئات كبار العلماء ببحث القضايا الشائكة والمستحدثة والمستجدة وبيان الحكم الشرعي فيها ونشره على أوسع نطاق حتى لا يبادر الادعياء بإثارة الفتن بأقوالهم غير المسؤولة التي لا تستند إلى علم أو اجتهاد. فقه الأولويات ونبه إلى أن مجتمعاتنا في أمس الحاجة لتغيير واقعها الفكري والأخذ بمنهج فقه الأولويات والانشغال بهموم الأمة وقضاياها الكبري المصيرية التي تمس وجودها ومستقبلها، وقال إن واجب العلماء والفقهاء والمفكرين العمل على الارتقاء بوعي الأمة وإشاعة الثقافة والاستنارة الحقيقية والفقه الشرعي بين الناس وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال والسعي لتحرير عقلية الإنسان المسلم من المذهبية الضيقة أو الاتجاهات أو الإقليمية التي لا تؤمن بالموضوعية وتتصادم من ثوابت الأمة ولا يقرها الإسلام. ويضيف أن تقديم حقائق الإسلام ونشر سماحته في المجتمعات والابتعاد عن الأمور التي تثير البلبلة والتناقض والفتن مهمة كل الغيورين على مستقبل الأمة والمهمومين بوجودها وحمايتها من المتربصين بها ولذلك يجب علينا جميعا رفض ومقاومة المقولات والآراء التي تثير البلبلة بين الناس وتجر المجتمعات نحو الأزمات التي تضر بمصالحهم وتهدد كيانهم. ويقول الدكتور زكي عثمان أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر إن بعض التيارات والجماعات استغلت الانفتاح الإعلامي وانتشار الفضائيات وشبكات المعلومات في تصدير الفتاوى والتساهل في إصدار الأحكام الشرعية وبثها إلى دول العالم خاصة الإسلامي، مضيفا أن بعض من ينتسبون إلى الدعوة يتعمدون نشر ما يصدرونه من اجتهادات وفتاوي عبر وسائل الإعلام المختلفة دون مراجعة أو تمحيص حتى لو كانت مجرد آراء فقهية تحتمل الجدل والاختلاف وتسبب بلبلة لدى المسلمين. استقرار المجتمع واعتبر أن تصدير الفتاوى عبر وسائل الإعلام يخرجها عن زمانها ومكانها المحددين ويجعل المجتمعات عرضة للوقوع فريسة للازمات والمشكلات المجتمعية التي تضر بتماسكها واستقرارها وتهدد كيانها ووحدتها، موضحاً أن اخطر الآفات التي أصابت الأمة هي الاجتراء على الإفتاء بغير علم والجمود على الآراء الفقهية القديمة وعدم مراعاة منهج الوسطية وإتباع الأهواء وتبني فكر التشدد الذي يميل إلي تكفير المجتمعات ومحاولة تسييس الفتاوى لخدمة مواقف معينة وصبغها بالادعاءات الشرعية وإلباسها عباءة الدين حتي لو كانت تتعارض مع ما تؤكده الشريعة من قيم ومبادئ وأصول. وأضاف أن الفتاوى المتضاربة التي تطلق لخدمة تيارات معينة وتروج لفكر وافد متطرف يترتب عليها تداعيات وأخطار جسيمة تصيب الأمة في أعظم ما لديها وأهم ما يجب أن يسود فيها وهو الوحدة والتماسك والتآلف، حيث تجلب التمزق والتقاتل والتناحر باسم الدين والله تعالي حذر من هذا وقال: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون»، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار». حياة الناس ويقول إن عدم اهتمام البعض عند الإفتاء بعلم المقاصد الذي بذل الفقهاء والعلماء مجهودات كبيرة لتأصيله، والذي يعني بمراعاة أحوال الناس في الواقع الذي يعيشونه لأن الأحكام تدور مع مصالح الناس مشكلة خطيرة، مبينا أن الفارق كبير بين الفتوى التي يصدرها مركز معتمد في الدولة، والرأي الفردي لعالم أيا كان علمه ومكانته فكثير من الفتاوى التي يصدرها بعض العلماء تؤدي إلى تعطيل حياة الناس وإحداث كوارث اجتماعية خطيرة خاصة لدى الشباب الذي يمتلئ بالحماسة الدينية لأن فتواهم تؤثر في واقع المجتمعات وتحدث الكثير من الحرج والدخول في مزايدات سياسية لا تحمد عواقبها. أدب الاختلاف أوضح الدكتور زكي عثمان أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر أنه يجب على أبناء الأمة التمسك بقيم الخلاف وأدب الاختلاف والابتعاد عن استخدام عبارات الطعن والإساءة والتشكيك في المواقف والنوايا والاجتهاد لإحياء دور المساجد في المجتمعات وتحويلها لمدارس ومنارات دعوية وفكرية وثقافية تنشر وسطية وتسامح الإسلام وقيم المحبة والألفة بين الناس.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©