الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الدين: تفكر العباد فى آيات الله الكونية عبادة

علماء الدين: تفكر العباد فى آيات الله الكونية عبادة
29 أغسطس 2013 20:26
شدد علماء الدين على أن الإسلام الحنيف دعا إلى إعمال العقل والفكر في أرجاء الكون بسمائه وأرضه، وحث على ذلك كثيراً، وفي الوقت ذاته عاب على الذين يعطلون قواهم العقلية والحسية عن أداء وظيفتها، وجعلهم في مرتبة أحطَّ من مرتبة الحيوانات، مؤكدين أن دعوة القرآن الكريم إلى التفكر والتدبر دفعت بعض العلماء والفقهاء إلى اعتبارهما فريضة. أحمد مراد (القاهرة) - أوضح علماء الدين أن آيات القرآن الكريم دعت بطريق مباشر وغير مباشر إلى تعظيم العقل والرجوع إليه واستخدامه في التفكير، ويحرص القرآن على تأكيد هذا المعنى، حتى إنه يكرر هذه الدعوة بشكل يلفت النظر ويثير الاهتمام، حيث يشير القرآن إلى العقل ومعانيه المختلفة ومشتقاته ومرادفاته في نحو ثلاثمئة وخمسين آية، مستخدماً لذلك كل الألفاظ التي تدل عليه أو تشير إليه من قريب أو بعيد مثل التفكر والفؤاد واللب والنظر والعلم. إعمال العقل ويقول الداعية الإسلامي الدكتور راغب السرجاني عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن الإسلام كفل حرية التفكير، وعمل على رعايتها والحضارة الإسلامية شاهدة على ذلك، وقد جاء ذلك واضحاً جلياً، حين دعا الإسلام إلى إعمال العقل والفكر في أرجاء الكون كلِه بسمائه وأرضه، وحث على ذلك كثيراً، ومن ذلك قول الله: «قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا» «سبأ: 46»، وقوله سبحانه: «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» الحج: 46، وقد عاب الإسلام على الذين يعطلون قواهم العقلية والحسية عن أداء وظيفتها، وجعلهم في مرتبة أحطَّ من مرتبة الحيوانات، فقال الله تعالى: «لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ» الأعراف: 174، واعتمد الإسلام في إثبات العقيدة الإسلامية على الأدلة العقلية، ولهذا قال علماء الإسلام إن العقل أساس النقل، فقضية وجود الله قامت بإثبات العقل، وقضية نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت أيضاً عن طريق العقل أولاً، ثم دلَّت المعجزات على صحة نبوته مما يؤكد احترام الإسلام للعقل ولقيمة التفكير. الخرافات وحول أهمية احترام العقل والتفكير، قال إنه يتمثل في الدعوة إلى النظر والتدبر في آيات الله الكونية في الأنفس والآفاق وآيات الله التنزيلية في القرآن، وتكوين العقلية العلمية التي ترفض الخرافات، ولا تقبل دعوى إلا ببرهان، وهي العقلية التي أنشاها القرآن بتعاليمه ومقاومة الجمود والتقليد الأعمى. ويؤكد الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن دعوة القرآن الكريم إلى التفكير والتدبر والبحث في مظاهر الخلق والموجودات في السماء والأرض بصورة مكثفة دفعت بعض الباحثين والعلماء والفقهاء إلى اعتبار التفكير فريضة إسلامية، مشيراً إلى أن الإسلام لم يكتف بالدعوة إلى التفكير والتدبر، بل دعا إلى تهيئة المناخ لانطلاق العقل البشري وإزالة كل العوائق أمام التقدم العلمي وغيره من صور التقدم الإنساني، وقد كان التعامل مع آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أُولى ممارسات العقل الإسلامي في مجال الفكر، ووضع أُولى لبنات حضارته، وأفضى ذلك إلى تحقيق نتائج باهرة منها ظاهرة التدوين العلمي، وظاهرة زخم وثراء المعطيات القرآنية والسنة النبوية، وتعدد مناهج البحث بتعدد علوم القرآن والسنة، وتطبيق بعض مناهج هذه العلوم في ميدان العلم التجريبي كمنهاج التبويب والتصنيف والتعديل، وتنقية التراث الإنساني وصهر إيجابياته في بوتقة الفكر الإسلامي العلمي المستنير. المبادئ العلمية ويقول الدكتور كريمة: تنقسم مخلوقات الله تعالى إلى قسمين، الأول ما لا يعرف أصلها ولا نعلمها، فلا يمكننا التفكر فيها لقول الله تعالى: «سبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون»، والثانية ما يعرف أصلها ولا يعرف تفصيلها، وهذه يمكننا أن نتفكر فيها، وهي نوعان، الأول ما أدركناه بالبصر، وهو مجال الفكر، والثاني ما لا ندركه بالبصر مثل الملائكة والجن والشياطين والعرش وغير ذلك، فليس للفكر فيها أي مجال، مع العلم أن الإسلام الحنيف يؤسس المنهج التجريبي الاستقرائي في حشد الأدلة والبراهين على صدق الإيمانيات، حتى يكون الإنسان على يقين واقتناع وتصديق، فلم تكن الإيمانيات مجرد تعاليم مجردة تلقى من دون دليل أو برهان، ومن ثم فإن التفكر والتدبر في عجائب المخلوقات تعد من المبادئ العلمية، وهو عبادة عقلية ووجدانية، قال الله تعالى: «إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب». التفكر فى المخلوقات ويضيف: مجالات التفكر فى مخلوقات الله كثيرة، ولكنها ليس فيها فكر في ذات الله عز وجل، ويستفاد من الفكر في خلق الله معرفة الخالق وعظمته وجلال قدرته، وكلما استكثر الإنسان من معرفة عجائب صنع الله تعالى كانت معرفته بجلاله وعظمته وقدرته أقرب، ومن نظر إلى عجائب خلق الله نظرة المغترين فهذا سبب هلاكه، أما من نظر إلى عجائب خلق الله ليرى فيها جلال الله وقدرته، كان ذلك سبباً في هدايته وسعادته، وقد أثنى الله تعالى على المتفكرين في خلق الله، فقال: «ويتفكرون فى خلق السموات والأرض»، وذم المعرضين عنها فقال تعالى: «وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون»، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تفكر ساعة فى خلق الله تعالى خير من عبادة ستين سنة»، وقال صلى الله عليه وسلم: «تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذات الله فإنه لا تحيط به الفكرة». الحياة الإنسانية وتقول الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان متميزاً عن سائر الخلق، حيث كرمه بالعقل، ليتمكن به من السيادة على الكون وفق منهج الله، ولما كان التفكير أرقى أشكال النشاط العقلي لدى الإنسان، وإحدى العمليات العقلية المعرفية العليا الكامنة وراء تطور الحياة الإنسانية، فقد عني الإسلام عناية فائقة بالتفكير، ففي القرآن الكريم نجد العديد من الآيات التي تحث على التفكير، ومن هنا كانت معظم الإنجازات العلمية التي حققتها البشرية مبنية على عملية التفكير، وقد علم الله الإنسان الكثير، واستطاع بتوفيقه أن يصل إلى علوم شتى، مستعيناً على ذلك بقدراته العقلية، وقدرته على التفكير، وحل العديد من مشكلاته، وتوصل إلى قوانين ونظريات ومخترعات سهلت له أمور معيشته، وفي مقابل ذلك حط الله تعالى من منزلة من لا يستخدم عقله وتفكيره وجعله في أدنى درجة من الحيوان قال تعالى: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ» الأنفال: 22 الوظائف العقلية وتشير إلى أن آيات القرآن الكريم دعت بطريق مباشر وغير مباشرة إلى تعظيم العقل والرجوع إليه واستخدامه في التفكير، ويحرص القرآن على تأكيد هذا المعنى، حتى إنه ليكرر هذه الدعوة بشكل يلفت النظر ويثير الاهتمام، ويشير القرآن إلى العقل ومعانيه المختلفة ومشتقاته ومرادفاته في نحو ثلاثمئة وخمسين آية، مستخدماً كل الألفاظ التي تدل عليه أو تشير إليه من قريب أو بعيد مثل التفكير والقلب والفؤاد واللب والنظر والعلم والتذكر والرشد والحكمة والرأي والفقه، إلى غير ذلك من الألفاظ التي تدور حول الوظائف العقلية على اختلاف معانيها وخصائصها وظلالها مما يعتبر إيحاءات قوية بدور العقل والتفكير وأهميتهما بالنسبة للإنسان. العقل في مقام التعظيم أوضحت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن القرآن الكريم لا يذكر العقل إلاّ في مقام التعظيم، والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتي الإشارة إليه عارضة، ولا مقتضبة في سياق الآية، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة، وتتكرر في كل موضع من مواضع الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله، أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه. وأشارت إلى أن التفكير في القرآن الكريم يشمل العقل الإنساني بكل ما احتواه من هذه الوظائف بجميع خصائصها ومدلولاتها، فهو يخاطب العقل الوازع والعقل المدرك والعقل الحكيم والعقل الرشيد، ولا يذكر العقل عرضاً مقتضياً بل يذكره مقصوداً مفصلاً على نحو لا نظير له.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©