الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخُنزوانة

14 نوفمبر 2006 23:47
هل في أنفك خُنزوانة؟ إذا كنت كذلك فثق تماماً أن الناس ستنفر منك، وتبتعد عنك، وتدعو الله عليك بقولها: جدع الله أنفك!· إن أصحاب الأنوف الخنزوانية - إذا صح التعبير - كثيرون هذه الأيام، ولعلنا نراهم كل يوم بكرة وعشياً، فما هو المقصود بالخنزوانة؟ ومن هم أصحاب أنوفها؟ يجيبنا على ذلك الجاحظ فيقول في وصف العرب لهم: ''وإذا ذكروا إنساناً بالكبر قالوا: (في أنفه خنزوانة)'' وهكذا يصبح معنى الخنزوانة واضحاً· إن الذين يُتهمون بأنهم خنزوانيون دونما حجة أو دليل حري بأن يُتعاطف معهم، كونهم اتهموا بالكبر وهو بريء منهم، وقع عليهم حكم جائر ممن لا يعرفهم ليبتليهم، أو ليحط من أقدارهم ويقلل من شأنهم، وليس كل من حكم أو نعق يؤخذ برأيه على أنه حقيقة لا جدال فيها، فكفى بالمرء كذباً أن يُصدق كل ما يسمع أو يُحدث به، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت وحسبه أن يُلزم لسانه فمه· نعم إن الكبر أمر عظيم، وهو أول ذنب عُصي به الله عز وجل حينما أبا أبليس الذي خلق من نار أن يسجد لأبينا آدم عليه السلام الذي خلق من طين، فكانت عليه اللعنة الى يوم الدين· وقد سمع رجل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) فهاله ما سمع وخشي على نفسه أن يكون في أنفه خنزوانة، فما كان منه إلا أن قال: (يا رسول الله، إن الرجل يُحب أن يكون ثوبه حسن ونعله حسن) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال) وأوضح له معلم البشرية معنى الكبر الحقيقي فقال: (الكبر بَطَرُ الحق وغمط الناس)· فبطر الحق معناه رفض الحق، أما غمط الناس فهو احتقارهم والازدراء بهم، هذا هو الكبر بمعناه الحقيقي كما ورد عن معلم العالمين صلى الله عليه وسلم لا بالمعنى الذي افتعلته الناس هذه الأيام في اتهامهم وحكمهم الباطل على الآخرين، فيرون من عدم مخالطتهم لأشخاصهم مجانبة للحق والصواب، وبعدم الحفاوة بهم والإجابة على كل أسئلتهم واستفساراتهم السخيفة احتقاراً لشأنهم، هلا عادوا الى أنفسهم وسألوها: ''العيب فينا أم فيهم؟'' ولو أنهم ابتلوا بأحد أصحاب الأنوف الخنزوانية حقاً لعلموا أن هناك فرقاً بين من يسألون الله جدع أنفه والراحة من خنزوانته وبين من هو يقبل الحق ولو على نفسه ويتقي الله في أن يحط من قدر عباده مخافة من سخطه وشديد عقابه، فأعز الله مقامكم، ورفع من أقداركم، وجعل أنوفكم شماء عالية دونماً خنزوانة! منصور محمد المهيري
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©