الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخشخاش الأفغاني... طفرة الغلاء والجفاف!

22 يناير 2011 21:33
يحذر المراقبون من أن عام 2011 قد يشهد طفرة في إنتاج الخشخاش الأفغاني لأن ارتفاع أسعار شرائه، والجفاف الذي ضرب أجزاء من البلاد وأثر تأثيراً كبيراً على إنتاج القمح، يغريان المزارعين بالتحول لزراعة هذا النبات المحرم قانوناً. وفي حين أن زراعة الخشخاش توفر للأفغان نوعاً من شبكات الأمان التي تعينهم على مواجهة تداعيات الحرب والجفاف، فإن الأموال التي يجنيها بعضهم من التهريب تستغل كذلك في تمويل المتمردين، وتغذية الفساد المتفشي في الحكومة. وكان المزارعون الأفغان قد زرعوا نفس كمية الخشخاش التي زرعوها في العام الماضي، بيد أن الأمم المتحدة أعربت عن مخاوفها هذا الأسبوع، من أن تؤدي أسعار الخشخاش المتصاعدة، إلى زيادة إنتاج هذه المادة في العام الجاري. ويشار إلى أن سعر تسليم المزرعة قد ارتفع بنسبة 164 في المئة خلال العام المنصرم. على ضوء هذه المستجدات يقول "يوري فيدوتوف"، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، في بيان له، ترافق مع قيام المكتب في العشرين من يناير بنشر مسح عن أوضاع زراعة الخشخاش في أفغانستان: "إننا لا نستطيع الاستمرار في عملنا كالمعتاد، وإذا ما استمر مهرجان ارتفاع الأسعار هذا، فإنه يمكن أن يقوض المكاسب التي حققناها خلال السنوات الأخيرة". وكانت زراعة الأفيون قد انخفضت بمقدار الثلث من أعلى نقطة كانت قد وصلت إليها عام 2007، بسبب انخفاض أسعاره خلال الفترة بين 2005 و2009. وشهدت تلك السنوات تزايد الإنفاق الدولي من أجل دعم زراعة المحاصيل المشروعة، وتنشيط أسواقها، كما شهدت تحسناً في المناخ الأمني وارتفاعاً مؤقتاً في جهود اقتلاع زراعات هذا المحصول خلال عامي 2006 و2007. وكنتيجة لذلك تناقص نصيب أفغانستان كمورد للأفيون إلى الأسواق العالمية من 90 في المئة عام 2008 إلى 80 في المئة عام 2009. ويدعي "محمد إبراهيم أزهر"، نائب وزير مكافحة المخدرات الأفغاني في تصريح له لوكالة أنباء باجهوك الأفغانية، أن المتمردين كسبوا 602 مليون دولار من التجارة في هذه المادة عام 2010 مقارنة بـ 430 مليون دولار في عام 2009. والحال أنه لا أحد يعرف على وجه الدقة مقدار المكاسب التي يحققها المتمردون من وراء التجارة في المخدرات، وذلك لما يقوله "بيير ارنود شوفي"، مؤلف كتاب "الأفيون: كشف النقاب عن سياسات الخشخاش" الصادر عن مطبعة جامعة هارفارد. وكان تقرير صادر عن الكونجرس الأميركي قد ألمح إلى أخطاء حسابية في الأرقام التي أعلنها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، وأن مصادر الاستخبارات الأميركية تقدر عوائد تجارة الأفيون بـ 70 مليون دولار فقط في العام. وعلى ضوء ذلك كله يمكن القول إن الأمر المنطقي أن تكون أسعار بيع الخشخاش وتسليم المزرعة هي التي ارتفعت بسرعة، وليست أسعاره عبر الحدود. ويوضح "شوفي" هذه النقطة بقوله: "إن زيادة أسعار منتجات الأفيون خارج أفغانستان تتطلب بعض الوقت، كما أن ارتفاع أسعار بيع الخشخاش تسليم المزرعة لا ينتقل بشكل كامل إلى سوق الجملة أو سوق التجزئة". ويقول المراقبون إنه إذا ما اندفع المزارعون الأفغان هذا العام لزراعة مساحات أكبر بالخشخاش للاستفادة من الارتفاع الكبير في سعر بيعه (تسليم المزرعة)، فإن ذلك سوف يؤدي تلقائياً إلى زيادة الكميات المعروضة منه، وانخفاض سعره بالتالي. وهذا ما سيفعله المزارعون -كما يتوقع "أزهر"- مدفوعين في ذلك بعاملين: ارتفاع سعر بيع الخشخاش، والقحط الذي ضرب أجزاء من أفغانستان وقلص الكميات المنتجة من القمح. ويضيف أزهر: "عندما يقوم المزارعون بشراء الماء أو جلبه من مناطق بعيدة لري أراضيهم، فإن زراعة المحاصيل التقليدية لا تغدو مربحة بسبب التكلفة الباهظة لشراء الماء وجلبه، وهو ما لا يشجع السكان على الاتجاه لزراعة هذا النوع من المحاصيل". ومن المعروف أن زراعة الخشخاش لا تحقق أرباحاً فاحشةً فحسب، بل إنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء. ويقول "شوفي" إن هناك أسباباً أخرى تدفع المزارعين الأفغان إلى زراعة الخشخاش، على رأسها استخدام حصيلة بيعه لتأمين احتياجاتهم من المحاصيل الغذائية الأخرى، خصوصاً على ضوء حالة عدم الاستقرار الغذائي السائدة ليس في أفغانستان فحسب، وإنما في معظم أنحاء العالم، وهو ما يتسبب في ارتفاع أسعار تلك المواد، وعلى وجه الخصوص القمح، مما يدفع المزارعين بالتالي لزراعة المزيد من مساحاتهم بالخشخاش لتوفير المال اللازم لتأمين تلك الاحتياجات. ومن جهته حث " فيدوتوف" من "مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة"، حثّ المجتمع الدولي على الاستمرار في الاستثمار في البرامج البديلة لكسب العيش، وكذلك في الجهود الرامية لتوفير الأمن ومكافحة الفساد في أفغانستان. وهذا ما توافقه عليه "أليسون بروان"، الخبيرة الزراعية في أفغانستان التي تقول: "إن أفضل طريقة للقضاء على زراعة الخشخاش هي توفير وظائف للأفغان الفقراء وخصوصاً المزارعين". وتقول "بروان" أيضاً إن قرارات المزارعين بزراعة، أو الامتناع عن، زراعة الخشخاش تتأثر بالتغيرات الموسمية المناخية ودينامكيات السوق. وتنهي كلامها بالقول: "لو كان الخشخاش هو ذلك المحصول المؤكد الربح، لكان الأفغان قد زرعوه على مدار العام... وهم لا يفعلون ذلك في الواقع، لأن ثمة محاصيل أخرى تحقق أرباحاً أكبر خلال فصل الصيف". بن أرنولدي - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©