السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فياض... أربك الإسرائيليين والفلسطينيين!

22 يناير 2011 21:34
يبدو أن لا أحد يعرف كيف يقرأ مؤشراته. فالإسرائيليون حائرون بشأن هذا التكنوقراطي الذي ينبذ العنف؛ والفلسطينيون يرون فيه غريباً يخوض تجربته الأولى في شوارع الانتفاضة التي تملؤها الغازات المسيلة للدموع. واليوم، يأمل رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض في إرباك التوقعات أكثر من خلال سعيه إلى تحقيق ما يعتبره هدفاً مثالياً، في إشارة إلى إرساء أسس ودعائم بلد مستقل بحلول شهر أغسطس. فمهما تمت المماطلة بشأن محادثات السلام، إلا أنه يرى أنه إذا قام الفلسطينيون ببناء هياكل ومؤسسات الدولة، فإن دولة حقيقة ستتلو ذلك بالضرورة. وفي هذا السياق، قال في حوار أجري في مكتبه برام الله: "إن الوصول إلى الهدف الذي يجب أن نصل إليه يقتضي جزئياً نقل هذا الأمر من مفهوم مجرد إلى حيز الممكن"، مضيفاً "وإحدى نقاط القوة الرئيسية هي إعطاء إحساس بطابعه الحتمي". خلال العام الماضي، عمل الاقتصادي السابق بالبنك الدولي على تلميع صورته بين الفلسطينيين المتشككين – حيث قام بجني الزيتون مع المزارعين، وشارك في مظاهرات احتجاجاً على جدار الفصل الإسرائيلي، ونظم حملات مقاطعة للمنتجات المصنوعة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. ونتيجة لذلك، ارتفع معدل التأييد الشعبي لحكومته من 34 في المئة في 2008 إلى 43 في المئة الشهر الماضي، حسب أحد استطلاعات الرأي. وخلال زيارة إلى أريحا الخريف الماضي، لم يستطع فياض إخفاء سعادته عندما تحلق حوله الأطفال كبطل عائد من الحرب؛ وراحوا، في مظهر من مظاهر الإعجاب التي قلما رآها، يهتفون هتافاً فلسطينياً حول استعدادهم لافتدائه بـ"بروحهم ودمهم". الإسرائيليون أيضاً انتبهوا إلى فياض؛ ويبدو أنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع هذا الزعيم الفلسطيني ذي الأسلوب الجديد والمحبوب من قبل المجتمع الدولي، والذي ما فتئ يظهر غرائز سياسية قوية. ففي ضربة علاقات عامة في نوفمبر الماضي، أحرج فياض المسؤولين الإسرائيليين عندما أعلن أن السلطة الفلسطينية محدودة الموارد أنفقت 5 ملايين دولار على تجديد وترميم المدارس والطرق المهملة في القدس الشرقية. وفي هذا السياق، قال "يوسي ساريد"، كاتب العمود بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية والعضو السابق في الكنيسيت، الذي وصف فياض نصف مازح بأنه "العدو الأول لإسرائيل": "إنه سيقتلنا باعتداله... لأنه يتحدى بهدوء التوصيف الإسرائيلي المعتاد للفلسطينيين كمتطرفين وعنيفين". ومن جانبه، وصف الرئيس الإسرائيلي فياض بأنه "بن جوريون الفلسطينيين"، في إشارة إلى الأب المؤسس لإسرائيل. فياض، 58 عاماً، ينفي أن تكون لديه أي طموحات سياسية، ولكن الكثيرين يعتقدون أنه يطمح إلى شغل منصب الرئاسة يوماً ما؛ فالزعيم الفلسطيني الحالي، محمود عباس، في الخامسة والسبعين من عمره وسبق أن هدد في مناسبات مختلفة بالتنحي عن السلطة بسبب تعثر مفاوضات السلام. ورغم أن احتمالات وصول فياض إلى السلطة ضئيلة لأنه ليس عضواً في حركة "فتح" القوية، فإن قائمة المرشحين الممكنين لخلافة الرئيس قصيرة، وخاصة في ظل تهميش الرجل القوي الفلسطيني محمد دحلان مؤخراً، بعد أن أغضب عباس على ما يبدو من خلال ما بدا أنه توق شديد من جانبه للوصول لمنصب الرئاسة. وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري: "إن فياض سيصبح لاعباً سياسياً جدياً لأنه الوحيد الذي يستطيع لعب هذه اللعبة"؛ وليس لدى "فتح" شخص لخلافة عباس حين يحين وقت مغادرته. وبالتالي، فإن خيارهم الوحيد سيكون هو فياض". وفي الوقت نفسه، يقول المصري، قد يضطر فياض، الذي تعهد بأن يظل مستقلاً سياسياً، لخوض صراع على المنصب إذ يقول: "هناك أشخاص داخل "فتح" يكرهون فياض وينتقدونه بشدة"؛ إذ يشتكي البعض داخل "فتح" من أن نزعته السلمية المهادنة لن تنجح أبدا أمام الإسرائيلي، ومن أن جهوده الرامية إلى إرساء أسس الدولة لا تعمل سوى على "تجميل" الاحتلال. ولكن فياض يشدد على أن لا طموحات سياسية لديه غير تطبيق مخططه الممتد على عامين لإخراج المؤسسات الفلسطينية إلى حيز الوجود حتى تكون جاهزة لقيام الدولة بحلول الصيف. ويقول: "إنها حملة تتعلق برؤية الدولة، وليست حملة سياسية من أجل منصب ما"، مضيفاً "ما الذي سيدفع شخصاً جد مشغول بهذا النوع من المهمات (مثلي) إلى أن تكون لديه تطلعات أخرى؟ إنها وظيفة بدوام كامل". كما رفض تكهنات بين الإسرائيليين تذهب إلى أن هدفه السري هو إعلان الدولة بشكل أحادي والاستقلال عن إسرائيل، وليس التوصل لاتفاق حول الحدود والأراضي. ويذكر هنا أن الإسرائيليين شعروا بقلق كبير خلال الأسابيع الأخيرة بعد نجاح الفلسطينيين في الفوز باعتراف دبلوماسي رسمي كدولة من عدد من دول أميركا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين والشيلي والإيكوادور وبوليفيا. ولكن فياض يقول إن دولة حقيقية وفعالة بشكل كامل لا يمكن أن تخرج إلى حيز الوجود إلا عبر عملية سياسية، وأن هدفه هو الاستعداد لذلك عندما يتم التوصل لاتفاق بهذا الشأن. وقال إنه متفاجئ لكون مقاربته "أربكت" الإسرائيليين على ما يبدو، وذلك على اعتبار أنه استلهم أشياء من تجربتهم الخاصة إذ قال: "إن الإسرائيليين يقولون إنهم يريدون السلام وحل الدولتين، وهو ما نقوم به. ليس ثمة مخطط خفي أو سري؛ وأنا واثق من أن الإسرائيليين يستطيعون التفاعل والتجاوب مع ذلك وربطه بتجربتهم. لقد نجح ذلك بالنسبة لهم، فلماذا لا ينجح بالنسبة لنا؟" إدموند ساندرز- رام الله ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©