الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا والحلفاء... شراكة الحد الأدنى

ليبيا والحلفاء... شراكة الحد الأدنى
3 سبتمبر 2011 00:05
على رغم ظهور بعض المؤشرات التي رأى مراقبون أنها قد تؤثر على وحدة الثوار الليبيين الذين نجحوا في الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، فقد استبعدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أي دور لهما في عملية إعادة الإعمار، أو تقديم مساعدات مالية مهمة إلى حكومة طرابلس ما بعد الحرب، وهذه الخطوات الغربية نحو فك الارتباط بليبيا بعد مرور خمسة أشهر ونصف على انطلاق الحملة الجوية لحلف شمال الأطلسي التي ألقت بأعباء ثقيلة على جيوش الدول الأعضاء في الحلف وعرضت قادتها لانتقادات الرأي العام الداخلي، تعكس رغبة الحلفاء في تقليص دورهم في ليبيا ما بعد القذافي. ومع أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة كانت هي أهم الدول المشاركة في الحملة الجوية التي ساعدت الثوار على دخول طرابلس ودحر كتائب القذافي، إلا أن الرئيس الفرنسي ساركوزي ونظيره الأميركي، أوباما، يبدوان متعطشين لإنهاء الحرب وطي صفحتها استعداداً للاستحقاقات الانتخابية التي تنتظرهما. ولكن الأمر ينطوي على بعض الخطورة في رأي بعض المراقبين للشأن الليبي الذين يتخوفون من انسحاب متعجل من ليبيا بعد انتصار ثوار المجلس الوطني الانتقالي، ويرون أن الوضع لم يتضح بعد في ليبيا خلال المرحلة الحالية، مشيرين إلى أن النظام والأمن لم يستتبا بعد في البلاد، لاسيما في ظل الواقع القبلي لليبيا وتعدد مليشيات الثوار المسلحة التي تتنافس على النفوذ والسيطرة ولم تتوحد بعد تحت قيادة عسكرية موحدة. وعن الرغبة التي يبديها الحلفاء في فك ارتباطهم بليبيا يقول "روبرت دانين"، الدبلوماسي الأميركي المتقاعد الذي اشتغل طويلاً في الشرق الأوسط: "ما يقوم به الحلفاء هو إعلان النصر ثم الانصراف إلى حال سبيلهم، لكن الأمور قد تسوء بسرعة وربما يجدون أنفسهم بعد فترة أمام صورة مختلفة تماماً في ليبيا". ولكن مع ذلك يؤكد الحلفاء على الأقل في الوقت الحالي أن حكومة ما بعد القذافي قادرة على بناء البلد المدمر بأموالها الخاصة، حتى وإن كان النفط والغاز اللذان تعتمد عليهما ليبيا في تلبية احتياجاتها وتمويل مشاريعها، قد لا يستأنف تصديرهما إلا بعد سنتين لما لحق ببنيتهما التحتية من أضرار بسبب المعارك. وهذا الموقف عبرت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، "فيكتوريا نولاند" حين رددت عبارة "ليبيا بلد غني" في إشارة إلى قدرتها على مساعدة نفسها دون تدخل الدول الغربية. وكان من المتوقع منذ أيام أن تتضح مقاربة دول الحلفاء في الاجتماع الذي عقد يوم الخميس الماضي في باريس بين الدول الغربية والعربية التي شكلت ما عرف بمجموعة الاتصال حول ليبيا التي أشرفت على تنظيم العمليات الجوية لحلف شمال الأطلسي. وبدلاً من وضع الخطط لتقديم الدعم المالي وإرسال قوات لحفظ السلام ركز الدبلوماسيون في مناقشاتهم على إسداء النصح للثوار ومساعدتهم على إقامة المؤسسات الديمقراطية التي تحتاجها ليبيا الجديدة، بالإضافة إلى آفاق إحياء المبادلات التجارية مع طرابلس وإعادة النظام المالي المتداعي إلى العمل. وفي أحسن الحالات توقع بعض المراقبين أن يتم الحديث عن تدريب قوات الشرطة. وفي مؤشر آخر على دور أقل أهمية في ليبيا اختارت دول الحلفاء تغيير اسم "مجموعة الاتصال" واستعاضت عنه باسم آخر دال هو "أصدقاء ليبيا". وعلى رغم حديث المسؤولين الأميركيين والأوروبيين عن تقديم بعض الدعم لليبيا، إلا أن ذلك سيكون أقل بكثير مقارنة بنزاعات أخرى، وهو ما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة، "بان كي مون"، إلى المطالبة بدعم أكبر بعدما حذر تقرير صادر عن المنظمة من "محدودية الدعم المالي" لما يعتقد من أن ليبيا دولة غنية قادرة على توفير الموارد الضرورية ذاتيّاً لإعادة البناء. وحسب بعض التقديرات يصل حجم الأرصدة الليبية المجمدة في أنحاء العالم إلى 110 مليارات دولار أغلبها سيعود إلى الحكومة الجديدة بعدما يتم الاتفاق في الأمم المتحدة على طريقة الإفراج عن تلك الأموال. ولكن التوجه الجديد للدول الغربية في الابتعاد عن ليبيا بعد إعلان النصر وتركها تتدبر أمورها مرهون بالاعتقاد بأن الأمور هناك ستتجه نحو التهدئة، وستتجنب الصدامات الدامية والفوضى العشائرية التي اجتاحت العراق وأفغانستان بعد الغزو الأميركي لهما. ويبقى السؤال الحقيقي الذي يشغل بال الأوروبيين والأميركيين في حال برزت الحاجة إلى قوات لحفظ السلام حول الجهة التي سترسل الجنود، وهنا ظهرت ألمانيا التي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب رفضها الانضمام إلى حملة "الناتو" على ليبيا لتؤكد على لسان مستشارتها، أنجيلا ميركل، خلال زيارة لها إلى واشنطن أنها مستعدة لتوفير قوات لفرض الاستقرار في ليبيا إذا لزم الأمر، ولكن الأمر لا يعتمد فقط على استعداد الأوروبيين ونظرائهم الأميركيين، بل يستند بالأساس إلى موقف الثوار الليبيين أنفسهم الذين عبروا حتى اللحظة عن رفضهم القاطع لأي تواجد أجنبي فوق أراضيهم، وهو ما عبر عنه "علي الأوجلي"، السفير الليبي لدى الولايات المتحدة قائلاً "الأمر ينطوي على حساسية بالغة بالنظر إلى ما جرى في العراق بعد دخول القوات الأميركية إليه". وعندما سئل مسؤول أوروبي كبير عن مدى استعداد الحكومات الأوروبية لإرسال قوات إلى ليبيا في حال برزت الحاجة إلى ذلك نوه إلى أنه لا يستطيع القطع بمثل هذا الأمر، قائلاً "يكفي الإشارة إلى أننا نأمل حقيقة ألا تتدهور الأمور في ليبيا وتنجرف إلى العنف"، وهو الموقف ذاته السائد في إدارة أوباما كما أوضح ذلك "خورخي بينيتز" من معهد "المجلس الأطلسي" بواشنطن قائلاً: "إن الأمل كان دائماً جزءاً كبيراً من استراتيجية إدارة أوباما في ليبيا". بول ريتشر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©