الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيناء... تحديات جديدة لقوات حفظ السلام

سيناء... تحديات جديدة لقوات حفظ السلام
22 أغسطس 2012
تجد قوات حفظ السلام في شبه جزيرة سيناء المصرية البالغ عددها 1650 مراقباً، غالبيتهم العظمى من المسؤولين الأميركيين نفسها واقعة بين القبائل البدوية المتذمرة وبين هجوم الجيش المصري المتصاعد ضد المتمردين. وتشير تقارير إلى أن هناك جماعة متمردة واحدة على الأقل من الجماعات العاملة في سيناء قد طالبت بطرد القوات الأميركية من شبه الجزيرة، الأمر الذي زاد من احتمالات أن تجد قوات مهمة حفظ السلام- التي أنشئت منذ ثلاثة عقود على الأقل كي تكون بمثابة قوة فصل عازلة بين مصر وإسرائيل- نفسها يوماً وقد باتت هدفاً جراء العنف المتصاعد. وقد عبر"أوجستين إيبينوسا" سفير أوروجواي في القاهرة والذي تشارك بلاده برابع أكبر مفرزة من حيث الحجم في القوة المعروفة باسم" القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين "(MFO) في سيناء عن تلك المخاوف بقوله:" إننا نواجه الآن بسكان كانوا سلبيين وهادئين فيما سبق، وتحولوا الآن إلى محاربين" وأضاف "إيبينوسا":" وبالنسبة لقوة لم تستخدم من قبل لمواجهة هذه الأنواع من الضغوط الخارجية، ولم يتم تشكيلها كي تكون قوة ضاربة، فإن هذا قد أدى إلى طائفة جديدة من التحديات". والانفلات الأمني المتزايد في شمال سيناء وضع تلك القوة موضع الدفاع، وأثار أسئلة عما إذا كانت تمتلك المعدات الكافية والمناسبة التي تمكنها من الوفاء بمهمة حفظ السلام وسط القتال الدائر حالياً. ومن المعروف أن القوة- التي تساهم فيها أميركا بـ800 مراقب- قد شكلت بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لضمان التزام الدولتين ببنود المعاهدة بما في ذلك تلك المتعلقة بنزع سلاح الجزيرة. في الشهور الأخيرة، اعتاد رجال القبائل البدوية في شبه جزيرة سيناء اتباع تكتيك جديد- أثبت نجاحه- يتمثل في احتجاز قوافل القوات الدولية ومنع مرورها عبر الطرق، ما لم تفرج السلطات المصرية عن أقاربهم المحتجزين. ففي شهر مارس على سبيل المثال، وضع رجال القبائل إحدى القاعدتين اللتين تحتلهما قوات حفظ السلام في سيناء تحت الحصار لمدة أسبوع تقريباً، رافضين السماح للقوات بالخروج أو للإمدادات بالدخول للقاعدة. وفي شهر مايو الماضي اُحتجز 10 جنود من فيجي كرهائن ليومين متتاليين. وتفاقم خطر الجماعات المسلحة في سيناء المتاخمة لإسرائيل، والتي تحولت إلى قاعدة انطلاق للهجمات عبر الحدود، أثار مخاوف المسؤولين الأميركيين لحد كبير. وقد تبدى حجم التهديد الذي تشكله تلك الجماعات بشكل شديد الوضوح، في الخامس من أغسطس الماضي عندما قام أفراد من تلك الجماعات بمهاجمة نقطة مراقبة مصرية وقتلوا 16 ضابطاً وجندياً واستولوا على عربتين مدرعتين مصريتين، واقتحموا معبراً حدودياً مع إسرائيل. عقب ذلك الهجوم الخطير، عرض المسؤولون الأميركيون توسيع نطاق المساعدات العسكرية المقدمة لمصر. وفي هذا السياق أدلى وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا خلال مقابلة أجرتها معه مؤخراً وكالة أسوشيتد برس بتصريح قال فيه إن البنتاجون قد نشر نظام تعقب مثبت على مركبة في سيناء يسمح للقوات الأميركية بمراقبة انتشار القوات المسلحة المصرية. وقال بانيتا أيضاً إن واشنطن لم تستبعد نشر أعداد إضافية من القوات في سيناء لتعزيز الوحدة الأميركية العاملة هناك. وكان من بين ما قاله بانيتا في هذه المقابلة: "إننا نريد فحسب أن نتأكد من أننا سنكون قادرين على معرفة كيفية نشر هذه القوات، من أجل ضمان أننا سنكون أكثر فعالية وقدرة على تعقب الإرهابيين الذين سيحاولون ارتكاب حادث أو القيام بعمل إرهابي". وكانت مهمة تلك القوات منذ إنشائها عقب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، قد مضت بسلاسة ومن دون عقبات لعقود" لأن الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وهو حليف قوي للولايات المتحدة، حرص على المحافظة على السلام مع إسرائيل. وبعد الإطاحة به في فبراير2011 قام المتظاهرون في سيناء بإحراق أقسام الشرطة، وطرد قوات الأمن من أجزاء واسعة من شبه جزيرة سيناء- وهي أعمال قاموا بتنفيذها انتقاماً من سلسلة من الحملات الأمنية ضد الإسلاميين في تلك المنطقة المحافظة للغاية. بعد الثورة عاد مئات من الإسلاميين الذين كانوا محتجزين من قبل جهاز مبارك الأمني إلى الجزيرة بعد الإفراج عنهم، أوهروبهم من السجن أثناء أجواء الفلتان الأمني التي سادت أثناء تلك الثورة. وشهدت شبه جزيرة سيناء زيادة كبيرة في أنشطة تهريب المهاجرين وتجارة الأعضاء والأسلحة غير المشروعة، بسبب انشغال الحكومة بمواجهة سيل من الأزمات في القاهرة وعدم قدرتها لحد كبير على متابعة أحوال تلك المنطقة الفقيرة. وفي تلك الأجواء المتوترة والمنفلتة، أقامت خلايا صغيرة من المسلحين معسكرات تدريب بالقرب من الحدود الإسرائيلية وبدأت في استخدام المنطقة كقاعدة لشن هجمات على الدولة المجاورة(إسرائيل). يقول"إسحاق ليفانون" الذي شغل منصب سفير إسرائيل في القاهرة:" لقد أوضحنا للمسؤولين الإسرائيليين أنهم يجب أن يفعلوا شيئاً حيال ذلك، لأن هؤلاء الناس كانوا يسعون لتخريب العلاقات المستقبلية بين مصر وبيننا ولكنهم آثروا -على الرغم من ذلك- عدم التصرف بقوة"، وعند تعرضها للمزيد من الأعمال العدائية، قامت قوة المراقبين المتعددة الجنسيات في سيناء بتعزيز إجراءاتها الأمنية- وفقاً لما جاء في تقرير القوة السنوي لعام 2011. وتمثلت تلك الإجراءات في الحصول على المزيد من العربات المدرعة وتعزيز أسوار الحماية المحيطة بقواعدهم. وقد امتنع مسؤولو القوة عن تلبية طلبنا بإجراء مقابلة معهم بحجة أن القوة تفضل عدم لفت الأنظار إليها.. ولكن الميجور جنرال(لواء) "وارين وايتنج" قائد قوة المهمة النيوزلاندي أكد أن القوة تضطلع بمهمة حيوية على الرغم من التحديات المتنامية. وكان"وايتنج" قد أدلى بتصريح في مايو الماضي احتفالاً بالذكرى الثلاثين لعمل القوة:"مع حالة عدم اليقين السائدة حالياً في الشرق الأوسط بات دور القوة المتعددة الجنسيات أكثر أهمية لاستقرار المنطقة". وأضاف "وايتنج" في ذلك التصريح أيضاً:"منذ الثورة أصبح الطرفان- مصر وإسرائيل- يتحدثان أكثر بكثير جداً مما كان عليه الأمر في السابق، وباتت قناة الاتصال الرئيسية بينهما تتم عبر القوة المتعددة الجنسيات". ليس هناك سوى القليل من المعلومات عن قوة وهوية حفنة من الجماعات المسلحة التي رسخت جذورها في سيناء، ولكن إحدى تلك الجماعات وتطلق على نفسها اسم"جنود الشريعة الإسلامية"، دعت إلى طرد القوات الأميركية من سيناء وحثت قوات الأمن المصرية على الامتناع عن"التدخل في القتال بينها وبين اليهود". وهناك جماعة أخرى أصدرت بياناً الأسبوع الماضي قالت فيه إن قوات الأمن المصرية لا يجب أن تضع نفسها في موضع يجعل منها واقعة في مجرى النيران المتقاطعة في القتال بين الجماعة وبين إسرائيل. وجاء في نص البيان المنسوب لجماعة "السلفية الجهادية"، والذي تمت ترجمته على الموقع الإلكتروني للجماعة: "نحن لا نريد أن نوجه قوتنا نحوكم لأي سبب من الأسباب". وقال"إجار سيلي نانيز"، السفير الكولومبي في القاهرة، الذي تمتلك بلاده ثاني أكبر مفارز القوة حجماً، وهو عسكري سابق ذو خبرة عريضه مشيراً إلى الحادث الأخيرة الذي قتل فيه 16 جندياً مصرياً:" نحن نخشى من أي حادثة قد تشكل أدنى تهديداً لرجالنا في سيناء". ولكن"سيلي" أكد أن التهديد حتى الآن كان من النوع الممكن التعامل معه، كما أن الدول التي تحتفظ بجنود لها في قوة حفظ السلام مازالت ملتزمة بتعهداتها بشأن تلك المهمة. وأضاف "سيلي" :"من المفيد للدولتين- مصر وإسرائيل- أن تكون هناك قوة تحذرهم بشأن أي موقف قد يكون له تداعياته فيما بعد". إرنستو لوندونو القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©