الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس... جدل دستوري حول المرأة

22 أغسطس 2012
أدى نزاع حول وصف دستوري مقترح للنساء في تونس، يشير إلى دور المرأة التونسية على أنه يعتبر مكملاً لدور الرجل في حياة الأسرة، إلى تعميق الانقسامات القائمة في تونس بين الإسلاميين والمعارضة العلمانية التي جاهدت من أجل جعل تلك الدولة الشمال أفريقية حصناً من حصون المساواة بين الجنسين. وقد قَصُر ذلك الوصف عن الاعتراف بأن المرأة والرجل متساويان، كما يقول الناشطون الذي يخشون من أن يؤدي التوجه الذي تبناه قادة الإسلام السياسي لإدخال تعديلات دستورية، إلى تبديد اتجاه استمر طوال عقود من التقدم في تلك الدولة التي كانت تعتبر أكثر الدول العربية ليبرالية. "المرأة التونسية تعادل مرأة ونصف" كان هذا هو الهتاف الذي رددته آلاف التونسيات هذا الأسبوع خلال تظاهرة احتجاجية في شارع "الحبيب بورقيبة"، الذي يعتبر الشارع الرئيسي في العاصمة التونسية، والذي يحمل اسم أول رئيس لجمهورية تونس في مرحلة ما بعد الاستقلال، والذي عرُف بمواقفه المؤيدة للمرأة ودفاعه عن حقوقها. ورددت التونسيات نداء آخر خلال المظاهرة الاحتجاجية المذكورة هو"لقد تمردنا سوياً وسوف نعيد بناء تونس سوياً". ومشروع الدستور الذي صاغته جمعية دستورية يهيمن عليها الإسلاميون، ينتظر الموافقة عليه واعتماده من خلال استفتاء العام المقبل. وفي الوقت الراهن، يدور جدل حول الصياغة الدقيقة للبنود الخاصة بدور المرأة بين الحكومة التي يهيمن عليها حزب النهضة الإسلامي - والتي تم انتخابها عقب الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي العام الماضي – وبين الناشطين السياسيين العلمانيين. تقول "بشرى بلحاج" المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان في العاصمة تونس في معرض إشارتها إلى المادة المقترحة في الدستور والتي تحدد دور المرأة بأنه مكمل لدور الرجل:"إنها صياغة مهينة وغير عادلة بالنسبة للمرأة في تونس... لقد وضعوا المرأة في فئة معينة وهي فئة الزوجات اللائي يعتبر دورهن مكملاً لدور الرجل في حياة الأسرة، ولا شيء غير ذلك". ويخشى الناشطون من أن تكون صياغة المادة المتعلقة بدور المرأة في الدستور على هذا النحو نذيراً بتآكل تدريجي في حقوق النساء التي تشتهر بها تونس. فتونس من دون البلاد العربية جميعاً تبيح حق الإجهاض، كما تلعب النساء من مختلف الطبقات الاجتماعية دوراً مهماً في الحياة العامة والاقتصاد بما في ذلك العمل كسائقات للحافلات العامة وفي وظائف الشرطة. وفي تونس عادة ما ترسم المرأة مسارها المهني وتتخذ القرارات الخاصة بأنماط معيشتها بمفردها، كما أن النساء التونسيات تصدرن الصفوف خلال الانتفاضة ضد حكم زين العابدين بن علي، والتي دشنت عهداً جديداً من الحرية السياسية، وعدم اليقين في الآن ذاته. وعلى الرغم من أن التونسيين من مختلف ألوان الطيف السياسي قد ثاروا على بن علي، إلا أن حزب النهضة الإسلامي هيمن على الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر الماضي لانتخاب برلمان وجمعية تأسيسية. من جانبهم رفض مسؤولو" النهضة الاتهامات القائلة بأنهم يسعون لتقليص حقوق المرأة باسم الإسلام. ولتأكيد ذلك استجاب الحزب مؤخراً لطلبات العلمانيين باستبعاد أي إشارة للشريعة الإسلامية من مقدمة الدستور، كما يشير مسؤولوه إلى أن الفقرتين الأخريين في مشروع الدستور اللتين تناولتا وضع المرأة قد نصتا على المساواة بينها وبين الرجل. حول هذا الشأن تقول"فريدة العبيدي" عضو الجمعية التأسيسية عن حزب "النهضة" لم يكن المقصود أبداً بالمادة 28 حرمان المرأة من حقوقها... وعبارة أن دور المرأة مكمل لدور الرجل، لم تحل محل كلمة المساواة كما يعتقد البعض... فنحن في حزب النهضة نتبع الإسلام الذي ينص على المساواة بين الرجال والنساء". ومن المعروف- في هذا السياق- أن "حزب النهضة" يواجه ضغوطاً من قاعدته الانتخابية المحافظة اجتماعياً، وكذلك من أحزاب التيار السلفي المتطرفة في تشددها، التي تذهب في مجال معارضتها للحزب إلى التشكيك في أوراق اعتماده الإسلامية. وهناك أصوات أخرى تسعى من إجل إيصال أصواتها بالإضافة إلى أصوات الستين أمرأة العلمانية الأعضاء في الجمعية التأسيسية للدستور، بيد أن المشكلة هي أن كل واحدة من هؤلاء النسوة لها مدركاتها ومفاهيمها الخاصة عن دور المرأة في المجال المدني والحياة الأسرية- كما كتب عضو بحزب النهضة في مقال نشر مؤخراً في صحيفة الشروق التونسية. على الرغم من ذلك لا يزال هناك قدر كبير من الشك بين الإسلاميين والنشطاء العلمانيين. في هذا الإطار تقول "سناء بلحبش" العضو بجمعية حقوق المرأة في تونس:" حتى لو كانت نوايا لجنة الدستور طيبة، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعرف ذلك، أما نحن فليس بمقدورنا قبول النص على ما هو عليه". وتضيف قائلة" النص بصيغته الحالية مهين للنساء ويجعلهن ناقصات وغير متساويات مع الرجال". واتهمت" العبيدي" من حزب النهضة- والمشار إليها آنفاً- أن الناشطين يحاولون جاهدين تشوية سمعة الحزب. وقالت في هذا الخصوص:"نحن نشجع الناس على التعبير عما يجيش في صدورهم وخصوصاً بعد الثورة... ولكن الشيء غير المقبول هو إثارة مثل هذه الضجة الهائلة حول أمور صغيرة خصوصاً وأن النية لم تكن أبداً إهانة النساء من خلال ذلك النص". بورزو داراجاهي القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©