الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محلل وخبير

محلل وخبير
30 أغسطس 2013 20:32
(1) في الثواني الأولى التي أصحو خلالها من النوم غير الطويل، أتذكر آخر عتبات الحلم الذي خرجت منه إلى عالم الواقع- الذي قد نسميه واقعاً ذلك الخروج منه والولوج في عتبات الحالم، داخلين إليه- في هذه الثواني يفقد الزمان والمكان واللون والصوت والضوء تراتبيته التقليدية، وأشعر أن وسائل تعبير أخرى يستخدمها الدماغ لا تأبه للوسائل التقليدية التي أفهمها. بدأتم تملّون وتتململون من هذه المقدمة نصف المفهومة – حتى بالنسبة لي- ، لكنني أصحو من النوم عشرات المرات يومياً، وأتعرض لمثل هذه التداخلات الأسطورية عشرات المرات، إذ أن فترات النوم التي أحظى بها حتى الصباح قليلة جداً، ولا أحظى بأكثر من ثماني مرات نوم حتى الصباح سنوياً، تأتي معظمها في فصل الشتاء. قبل الشروع في كتابة هذا المقال، كنت قد صحوت ساحباً نفسي من شاشة الحلم، وقد كنت في الحلم، أجلس خلف آلة طباعة كبيرة، تشبه آلات الطباعة الكهربائية التي لم تعمر طويلاً، وألغاها وصول الكمبيوتر، فانقصف عمرها قبل الأوان، وسكنت المخازن، قبل أن تتحول إلى خردة. في تلك الآلة التي كنت أجلس خلفها في الحلم، وكما في الحقيقة، شريط محو مرافق، يمكّن الطابع من العودة إلى الكلمات ومحو الأخطاء، وكتابة كلمات أو أحرف جديدة مكانها. الغريب أنني كنت – في الحلم - أمحو أحداثاً حصلت وأعيد تغيير الماضي، لكأن الماضي قصة مخطوطة، ما زالت قيد التعديل من المؤلف .. كنت أنا المؤلف في الحلم. أعجبتني هذه الفكرة ، فكرة تعديل الماضي وتغييره- التي قد تعبر رمزياً عن رغبتي في تغيير الواقع بأقل قدر من الجهد، ومن دون تضحيات تذكر. وتمنيت خلال صحوي، بأن أحصل على مثل هذه الممحاة لأعيد تشكيل الواقع، ولا أنوي الولوج إلى ماضينا القديم، بل أسعى لتغيير بعض الأحداث في مسار الحياة. حتى لو كان الوقت خريفاً.. فالخريف هو تساقط للقديم، وعري كامل، ثم شتاء ودموع.. تمهدان للربيع المقبل. (2) يمتاز شجر التين عن غيره من الأشـجار بأن درنات الثمر تظهر عليه كل عام قبل بزوغ الورق، أما إذا ما تأخرت الدرنات عن التوالد وامتلأت الشجرة بالورق، فإن الفلاح يعرف أن هذه الشجرة بالذات لن تثمر هذا العام، فيعالجها أو يقطعها أو يحرقها. هناك تقارب عضوي بين الطبيعة والإنسان .. وكثرة الأوراق المنثورة في وجوهنا من دون ظهور لأي ثمار.. يعني أن شجرة الحياة الفكرية والسياسية غير مثمرة.. حتى وإن اختبأت بعض الدرنات المثمرة تحت عاصفة الأوراق، فهذا لا يكفي، لأننا نريد ونتمنى أشجاراً حبلى بالتين. تاجران متنافسان، كتب الأول، على باب دكانه (كيلو التين بثلاثة دنانير). فكتب التاجر الثاني: - كيلو التين بدينارين ونصف الدينار. كتب الأول: الكيلو بدينارين كتب الثاني: بدينار ونصف الدينار كتب الأول: بدينار كتب الثاني: بنصف دينار التاجر الأول اندهش من حجم الحسومات التي يقدمها جاره.. فذهب إليه وقال: - لكن يا جار، التين يباع بسعر الجملة في الحسبة بحوالي الدينار فكيف تبيعه بالمفرق بنصف دينار؟؟؟ فقال له التاجر الثاني: - ومين قالك انه عندي تين أصلاً!!! للأسف فإن الكثير من الذين يدلون بدلائهم في المواقف الفكرية والسياسية.. يزاودون ويضاربون.. وما عندهم تين!! بالمناسبة صار أسهل لقب يستطيع المواطن العربي أن يحصل عليه، وبعد أن تتقطع به السبل ولا يجد عملاً.. هو لقب (محلل وخبير استراتيجي) يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©