الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمية.. آفة تهدد مستقبل القرويات في المغرب

الأمية.. آفة تهدد مستقبل القرويات في المغرب
27 يناير 2014 22:36
سكينة اصنيب (الرباط) - تشير الإحصاءات والأرقام إلى انتشار كبير لآفة الأمية في المغرب؛ حيث تقدر نسبتها اليوم وحسب أحدث إحصاءات الرسمية بـ 28% من السكان الذين تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، بعد أن تراجعت بنسبة 8% خلال السبع سنوات الماضية. بينما تقدرها منظمات المجتمع المدني بنحو 38%، ويشكل الوسط القروي اكبر محتضن لهذه الآفة حيث تنتشر الأمية بنسبة 60? بين القرويين ولدى الفتيات القرويات على الخصوص إذ توجد 80? منهن خارج المدرسة. وقد دفعت هذه الأرقام‏ منظمات المجتمع المدني إلى التنبيه لخطورة الوضع وحث مختلف الأطراف على مواصلة الجهود لخفض نسبة الأمية، واستفادة الجميع من التعليم بشكل غير متساوٍ بين الجنسين. تحسين الأوضاع تتفاقم المعاناة في العالم القروي حيث تظل النساء القرويات أكثر المتضررات من الأمية في المغرب، سواء بين بنات جنسهن أو حتى بالمقارنة مع الرجال، وتشير إحصاءات إلى أن تسعا من بين كل عشر قرويات لا يزلن يعانين من الأمية، وهو ما يمثل نسبة جد مرتفعة تتجاوز 80? بين النساء القرويات، فيما انحصر تقليص الأمية النسائية في العالم القروي خلال الأربعين سنة الماضية في نسبة ضئيلة لا تتجاوز 16? مقابل تقليص للأمية بين الرجال تجاوز نسبة 40?. لم تتجاوز نسبة استفادة مجموع النساء من محو الأمية والتمدرس سوى 35?. ويشكل محو الأمية عاملاً مهماً في تحفيز المرأة على تحسين وضعها وخوض تحديات جديدة في مجتمع لا يستفيد كثيراً من مجهود وإمكانات نصفه الثاني بسبب وطأة الجهل الجاثم على عقول ملايين المغربيات. إلى ذلك، تقول الباحثة الاجتماعية مريم الغربي إن عدم مشاركة المرأة في تسيير الشأن المحلي بالقرى مرده إلى الأمية المتفشّية في صفوف النساء، لاسيما في المناطق الريفية النائية ما يسبب غياب الوعي النسائي بدور المرأة وحقوقها وواجباتها الحقيقيّة كندّ للرجل. وتضيف أن أوضاع النساء المغربيات في مجالات أساسية كالأمية والفقر والتهميش تعكس واقعاً متردياً وبعيداً عن كل التطلعات، وإذا كان صدور مدونة الأسرة قد شكل خطوة جبارة نحو إحقاق الإنصاف تجاه المرأة المغربية، فإن الحدث على أهميته لا يكفي لينقل المغربيات من أوضاعهن المتردية نتيجة الأمية وضعف الإمكانات الاقتصادية، التي تمثل في الوقت نفسه سبباً ونتيجة للأمية. وتشير إلى أن الأمية المنتشرة في صفوف النساء تظلم المرأة، وتغذي الشعور بعدم المساواة بين النساء والرجال، كما تنمي مجموعة من السلوكات التقليدية المتحجرة، وتعيق تقدم المجتمع. وتضيف الغربي: “تتعدى تأثيرات الأمية النسائية الموروث الاجتماعي ليصل تأثيرها إلى الواقع المعيش، حيث تبرز الأرقام أن البطالة كانت دوما أكثر ارتفاعاً لدى النساء مقارنة بالرجال، وهو ما يعكس هشاشة وضع المرأة لأسباب متعددة، أهمها عدم استفادة المرأة من سلاح التعليم القادر على أن يفتح المجال أمام المرأة للعمل في مجالات مختلفة، كما أن للأمية تأثيراً مباشراً على الوضع الصحي للمرأة والأسرة، حيث يشكل محو الأمية النسائية عاملاً أساسياً وحاسماً لخفض نسب الوفيات لدى الأطفال ولتحسين شروط قواعد الصحة العامة، فقد أثبتت أكثر من دراسة عالمية تمت في بلدان أفريقية وآسيوية عدة أن لتعليم الأمهات أثراً مباشراً على صحة أبنائهن ومستقبلهم الدراسي وإنتاجهم في المجتمع فيما بعد، كما كشفت دراسة أخرى قام بها البنك الدولي في أفريقيا أن النساء اللواتي تعلّمن خمسة أعوام مدرسية، يقدمن لأولادهن فترة حياة أطول بنسبة (40?)، ويخففن من خطر موت الأولاد المبكر بنسبة تراوح بين (5 و10%). وتشير الباحثة إلى أنه اعتباراً لما للمرأة من دور في تربية وتنشئة الأجيال فإن محو الأمية في صفوف النساء يعني القضاء على عدم تمدرس الفتيات والتسرب المدرسي المبكر، وظاهرة تشغيل الأطفال التي تعانيها المغرب بشكل كبير، حيث يقدر عدد الأطفال المُشَغَّلين بالمغرب، الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 سنة (سن التمدرس)، نحو 600 ألف طفل، رغم أن هذا الرقم مرشح للارتفاع نظراً لأن الإحصاءات لا تشمل الأطفال، الذين يدرسون ويشتغلون في نفس الوقت، والأطفال الذين يقومون بأشغال لا يتم الإعلان عنها، كما أن هذا الرقم أغفل العدد الهائل من الفتيات اللاتي يعملن بالمنازل. مشاريع مدرة للدخل ترى الغربي أن طريقة التدريس وضعف الخطط والبرامج كلها عوامل تعيق القضاء على آفة الأمية، إلى جانب عوامل اخرى مهمة كغياب التعاون والتكامل بين عمل المنظمات الرسمية وجهود المنظمات الأهلية وعدم قدرة المسؤولين على ابتكار أفكار جديدة لجذب الدارسين والمستهدفين‏. وتضيف: “من أهم المعوقات التي تحول دون بلوغ محو الأمية أهدافه في المغرب طريقة التدريس داخل الفصل، التي لا تربط المناهج الدراسية بالحياة اليومية ولا تبسط لغة التعليم، حيث إن تعليم الكبار ليس معناه القراءة والكتابة فقط من خلال فصول تقليدية بل كيف ينعكس التعليم بشكل جيد على الحياة اليومية، وعلى المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي مما يفرض على المسؤولين أن يضمنوا برامج التعليم تدريباً تأهيليا‏ً لإكساب المستفيدين من برامج محو الأمية بعض المهارات الحياتية، التي تساهم في تحسين نوعية حياتهم‏ ودخلهم، حيث إن معرفة الشخص بما يعود عليه مادياً له تأثير على إقباله على محو الأمية‏ فالقراءة والكتابة ليست حافزاً في حد ذاتها بالنسبة للكثيرين”. وتؤكد أنه من الضروري ربط برامج محو الأمية بمشروعات مدرة للدخل، فالحصول على فرصة عمل قد يكون حافزاً على التعليم، كما أن الرغبة في قراءة القرآن أو متابعة الأبناء في الدراسة والتغلب على الفجوة المعرفية بين الآباء وأبنائهم المتعلمين كلها حوافز تشجع الكبار على ارتياد فصول محو الأمية، لذلك من الواجب على مؤسسات الدولة المختلفة المساهمة في إيجاد ما يحفز على التعليم مثل التأمين الصحي أو فرصة أفضل للترقي بالعمل والمساعدة العينية في حال الحصول على شهادة محو الأمية. وترى الغربي أن عدم متابعة المتحررين من الأمية بعد انتهاء المرحلة الأولى من محو الأمية يشكل عقبة كأداء في طريقة التعلم حيث أكدت الدراسات والأبحاث أن المتحرر من الأمية يرتد إليها في أقل من عام إذا لم تحدث متابعة‏، وهذه المتابعة تتمثل في بعض الأنشطة مثل الدورات التدريبية‏ وعقد اللقاءات وتوفير مواد قرائية مبسطة تتعلق باهتماماتهم وتمدهم ببرامج ومهارات حياتية أو مهنية مثل تطوير الحرفة أو اكتساب مهارات جديدة بها. 6 ملايين مستفيد وعياً منه بالتكلفة الاجتماعية والاقتصادية للأمية يسعى المغرب إلى محاربة الأمية لتقليص الفوارق الاجتماعية ومحاربة العزلة ومساعدة المنحدرين من الفئات الفقيرة، وقد مكنت الجهود المبذولة من طرف مختلف ذات العلاقة من خفض نسبة الأمية من 43% سنة 2004 لدى السكان الذين تزيد أعمارهم على 10 سنوات، حسب الإحصاء العام للسكان إلى 28% حسب البحث الوطني حول محو الأمية. وقد عرف عدد المستفيدين من برامج محو الأمية ارتفاعاً ملموساً من سنة إلى أخرى، حيث انتقل من 286 ألفاً سنة 2003 إلى نحو 763 ألف مستفيد ومستفيدة سنة 2013، وبذلك يرتفع العدد المتراكم للمستفيدين من برامج محو الأمية خلال السنوات العشر الماضية إلى أكثر من 6 ملايين ونصف المليون. وتمثل النساء أكثر من 88% من مجموع المستفيدين، بينما يستأثر الوسط القروي بـ 48% من هذا المجموع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©