الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ناخبو أميركا يبحثون عن بطل!

28 أغسطس 2015 22:27
السياسة ليس بها أشرار واضحون وأعمال حاسمة. السياسة خوض في مياه تبادل المصالح الشخصية والأيديولوجيات التلفيقية والتمسك الحرفي بالإجراءات، التي تقتل الروح والحشد الممل لجماعات المصالح. لكن الانتخابات تخبر المرء بكثير عما يعتقده الناخبون. فالناخبون يحتشدون لانتخاب مرشح ثم يطالبون هذا السياسي بالتصدي للتغير التكنولوجي كي لا يدمر الاقتصاد المحلي أو يقدم لهم رعاية صحية أكثر سخاء بنصف الكلفة الحالية أو يقلص الضرائب دون المساس بالتأمين الاجتماعي أو الرعاية الصحية، لأنها مزايا اكتسبوها أو يصلح نظام التعليم حتى يكون كل التلاميذ فوق المتوسط أو يريدون منه أن يفض نزاعاً في الشرق الأوسط. والوقت يمر، ويلاحظ هؤلاء الناخبون أن هذه المطالب لم تنفذ. ويتضح أنهم انتخبوا البطل الخاطئ. فما يحتاج إليه الناخبون ليس سياسياً يتبنى تنفيذ حلول وسط بغير إيمان حقيقي من خلال مساومات مع جماعات المصالح المختلفة، بل يحتاجون إلى بطل لديه الإرادة لينجز ما يريدونه بدعم وجداني من المواطنين الذين يقفون خلفه ويدعمونه بقلوبهم. ولسوء الحظ فإن هذا ليس تصوراً قابلاً للتحقق. وعندما لا يتحقق ما يريده الناخبون يبدؤون في الحديث بشكل جنوني. ويواجههم واقع غير سعيد لا يمكن فيه ببساطة تحقيق النتائج، التي كانوا يرغبون فيها في ظل الخريطة السياسية الحالية. وهذا لأن الناخبين يريدون إجراءات متطرفة ومدمرة لا سبيل إلى نجاحها. والشيء الوحيد الذي يمكن الدفاع به عن كثير من هذه الأفكار أنها لم تجد فرصة لتجربتها. وهذا تماماً ما يدعيه الآن أنصار «دونالد ترامب»، ولنأخذ مثال الهجرة. فأنا افترض أن معتقداتهم بشأن الأضرار الاقتصادية للهجرة غير صحيحة بحكم التجربة. فالمهاجرون يؤثرون قليلاً أو لا يؤثرون بالمرة في انخفاض أجور الذكور المولودين في أميركا من أصحاب المهارات المنخفضة. وحتى دور التجارة هامشي مقارنة بتأثير نشر الأنظمة الآلية. لكن دعنا ننظر فيما يتجاوز ما يحفز هؤلاء الناخبين فيما يبدو. فأهدافهم ليست غير مشروعة. ولا عيب في أن يطالبوا بأن تفتح آسيا أسواقها أمام بضائعنا مثل أن أسواقنا مفتوحة أمام بضائع آسيا أو التفكير في أنه يجب بذل المزيد من الجهد لمنع الناس من دخول البلاد بشكل غير قانوني. وأنصار «ترامب» يعتقدون فيما يبدو أن مرشحهم سيتجاوز فيما يبدو القيود التي منعت سياسيين آخرين من معالجة هذه الأولويات، لأن لدينا أخيراً هنا مرشحاً لديه ما يكفي والإرادة والخيال. إنه يدعوا إلى إنهاء حق الجنسية بالميلاد! وأن تدفع المكسيك ثمناً لبناء جدار عازل على حدودها! وأن تُبقي الشركات الأميركية نشاطها هنا! وكيف هذا؟ لا تسألوا عن التفاصيل. وهذا قد يجدي في الانتخابات، لكن السياسة كلها تفاصيل. وكل تفصيلة صغيرة يتعين التفاوض فيها إلى ما لا نهاية، لأن النظام قائم تحديداً ليحبط أي شخص قوي النفوذ صاحب أفكار كبيرة. ولا يوجد طريق أقصر بديلاً عن الأيام الطوال التي تنفق في الجدل بشأن نسبة الضرائب إلى الدخل يجب أن تكون 3.45 في المئة أم 3.65 في المئة أو في إعداد مسودات عن تشريع يعدل فقرة ثانوية غامضة لقانون الهجرة لكتابة كلمة مكان أخرى أو الانتهاء من برنامج يكلف أكثر بكثير مما وعد به أنصاره ولا يحقق إلا أقل القليل مما وعدوا به. الحكم لا يشبه إقامة مبنى ولا إدارة نشاط اقتصادي، أنه مثل محاولة ترويض ثلاثة فروع من الحكومة لتسير في نفس الاتجاه تقريباً. وهذه الفروع مؤلفة من آلاف الأشخاص كل واحد منهم لديه قائمة أولوياته، ويمثلون ملايين آخرين كل منهم لديه قائمة أولوياته أيضاً، وسوف يطاردون أي شخص من المنصب يشذ بعيداً عن هذه الأولويات. هذه طريقة مملة للغاية وغير كفؤ لفعل أي شيء. لكن في ديمقراطية نيابية هذا هو ما لدينا. ولا يوجد بطل خارق بما يكفي للتغلب على الشرير ولا يوجد في الواقع شرير لإلحاق الهزيمة به. بل تكتل هلامي لا يمكن حز رقبته مؤلف من 300 مليون مواطن أصحاب مصالح ذاتية عمياء. ميجان ماكاردل * كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©