الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في العطلة الصيفية.. أبناء يشبون عن طوق النظام وآباء يعلقون الآمال على عودة المدارس

في العطلة الصيفية.. أبناء يشبون عن طوق النظام وآباء يعلقون الآمال على عودة المدارس
31 أغسطس 2013 12:34
ينتظر الأهل انتهاء العطلة الصيفية بفارغ الصبر، ليرجع النظام إلى البيت بعد إعلان العودة إلى المدارس، حيث اشتكى أولياء أمور من أن الإجازة الطويلة أحدثت خلالاً في نظام حياة الأسر، إذ انقلبت دورة الحياة، وأصبح الليل نهاراً والنهار ليلاً لدى الأبناء، وبات السهر ملاذهم، إذ يجدون فيه ما يملأ فراغهم، ما سبب التوتر والانزعاج للآباء والأمهات، الذين أصبحوا غير قادرين على ضبط أطفالها والمراهقين منهم على وأصبح وتقييدهم بنظام معين. إذا كان الأهل يشتكون من سهر الليل، وانفلات زمام الأمور من أيديهم أثناء العطلة الصيفية نتيجة المؤثرات الخارجية كاستعمال وسائل التكنولوجيا في الترفيه، فإن للأطفال والمراهقين رأياً آخر، حيث يرون أن من حقهم التحرر من قيود النوم بعد عام دراسي طويل، في حين يؤكد خبراء ضرورة ضبط الأمور قبل الدخول المدرسي بأسبوعين على الأقل عن طريق التقليل من ساعات السهر تدريجيا حتى لا يؤثر السهر وما يسببه من إنهاك جسدي على الطلبة مع بداية السنة الدراسية. راحة تامة العطلة الصيفية بالنسبة لسامية الشريف (16 سنة) هي الراحة التامة بعد سنة كاملة من المجهود النفسي والبدني، مؤكدة أنها تستيقظ يوميا أثناء الدراسة على الساعة 6 صباحا، ما يزيد من عنائها، وبالتالي يدفعها لاستغلال العطلة الصيفية أفضل استغلال، وحسب رأيها فإن أفضل استغلال هو عدم التقيد بقيود والشعور بالحرية التامة، موضحة أنها تحب جدا أن تسهر ليلا، وتفتح قنوات اتصال مع صديقاتها عبر الفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وعما تشارك صديقاتها به عبر هذا التواصل تشير إلى أنه لا يتعلق بمواضيع معينة كالثقافية أو الفنية أو الاجتماعية، بل أوضحت أنه يتعلق بكل ما هو ترفيهي، كتبادل الأخبار والنكت. من جهتها، أشارت نهى حسين (13 سنة) إلى أنها تشارك خلال الدراسة في عدة أنشطة، ما يجعل وقتها ضيقا وغير قابل لاستغلاله بشكل أكبر في أنشطة أخرى، وهي تمضي العطلة الصيفية في ممارسة بعض الألعاب ومشاهدة التلفزيون براحة تامة والتواصل مع صديقاتها وبنات عائلتها ممن هن في سنها، مشيرة إلى أنها تقضي ما يقارب 10 ساعات بين مشاهدة التلفاز واللعب من خلال الهاتف الذكي. وهي تسهر ليلا وتستيقظ نهارا، موضحة أنها تستمتع بإجازتها التي لا تربطها بأوقات محددة. وعن تقديمها يد العون لأمها في المنزل، أوضحت أن الخادمة تقوم بكل هذه المهام فهي تستفيق من النوم لتجد المنزل نظيفا ومرتبا. وإذا كان هذا رأي بعض البنات في السهر والعطلة الصيفية فإن الشباب لهم رأي آخر، لكنه يصب في الاتجاه نفسه، قال سلطان علي (12 سنة) إن العطلة الصيفية تسهم في استرجاع الأنفاس والعيش خارج الضغط اليومي أثناء الدراسة، موضحا أنه يقسم يومه في العطلة الصيفية إلى قسمين، بحيث يخرج في آخر النهار للقاء أصدقائه وممارسة نشاطه الرياضي، بينما يستغل الليل في مشاهدة التلفزيون واللعب بـ»البلاي ستايشن». من جهته، لفت محمد أحمد (17 سنة) إلى أن العطلة الصيفية فرصة للراحة والاستمتاع ، مؤكدا أنه يسهر الليل كثيرا ولا يمارس أي نشاط حركي أو رياضي، ما جعله يشعر بملل كبير نتيجة الفراغ. وأضاف: «أفضل الإبحار في عوالم التواصل الاجتماعي بدل الجلوس أمام التلفاز»، مؤكدا أنه يرغب بشدة في ممارسة بعض الرياضات، لكن ظروفه لا تسمح لأن أصدقاءه في إجازات خارج الدولة. وسائل التسلية يؤمن بعض الشباب والأطفال أيضا أن حقهم في الراحة يمتد إلى السهر الليلي، واستغلال كل وسائل التسلية لمحاربة الضجر، بينما يسبب ذلك الضجر والتوتر لبعض الأهل، الذين يحاولون بكل الوسائل إرجاع النظام للبيت وضبط ساعات النوم قبل العودة للمدرسة، خاصة أنها على الأبواب. إلى ذلك، قالت روان أحمد (أم لثلاث أطفال) إنها تعاني من سهر أولادها خلال العطلة الصيفية، موضحة أنها فقدت السيطرة عليهم. ولفتت إلى أن الشكوى كانت في السابق تتعلق بارتباطهم بالتلفاز، أما اليوم فالأمر اختلف، حيث باتت الهواتف الذكية والآيباد تغزو البيوت وتحدث خللا بها. وأضافت: «أنتظر العودة للمدرسة بشغف كبير، نظراً لما نعانيه من مشاكل في البيت بسبب السهر، وقد حاولت مراراً أن أعاقبهم بسلب هذه الوسائل منهم، لكني أتراجع تحت ضغطهم، وما أفكر فيه اليوم هو كيفية السيطرة على نومهم ليوافق ذلك الدخول المدرسي، ولا أخفي تخوفي من هذا الموضوع، خاصة أن العودة تفصلنا عنها أيام وهم لا يزالون على نفس الوتيرة يسهرون لغاية الصبح». من جانبها، أبدت صابرينة محمود رأيها في الموضوع، قائلة: إن العطلة اليومية شكلت لها مشكلة كبيرة في البيت، في ظل سيطرة وسائل التكنولوجيا التي ارتبط بها الأطفال، وباتوا ملازمين لها ليل نهار. وأضافت: «عندي أربعة أولاد، منهم بنتين في سن المراهقة، هؤلاء أضربتا تماماً عن مساعدتي في البيت، زاد وزنهما خلال العطلة الصيفية، وانشغلتا عن العلاقات الاجتماعية بالتواصل عبر الهاتف والفيس بوك، وفسحتا المجال للنوم في النهار، وهذا سبب لي توتراً وقلقاً، وأحاول الآن تغيير سياستي مع الجميع، لكني أفتقد إلى منهجية وخطة لذلك». تغير المنهجية حول كيفية تعامل الأهل مع أبنائهم لتحضيرهم لاستقبال المدارس، قالت الدكتورة فدوى المغيربي، أخصائية علم نفس بيولوجي، وعلم أعصاب سلوكي، إن الأطفال خلال العطلة الصيفية يحتاجون إلى نظام وإلى جدول يومي يتبعونه، وألقت باللائمة على الأهل، موضحة أن الأسرة تقع عليها مسؤولية ضبط البيت، ولا يجب ترك الأمور لهم بكاملها من دون تدخل ووضع قواعد لا يلزم تجاوزها. وأضافت: إن الوقت قد حان لضبط ساعاتهم البيولوجية لاستقبال المدرسة بصحة نفسية وبدنية جيدة، لافتة إلى أن الأهل يجب أن يتوفروا على مهارات للتعامل مع الأبناء بكل حسم، وعدم التراجع في حالة نص العقاب ليتعلموا أن كل أمر بحساب. وقالت المغيربي: «في العطلة الصيفية يصعب الإمساك بزمور أمور الأطفال، حيث يتعودون على السهر ليلا، ومنهم من ينام على وجه الصبح، وقد اشتكى الكثير من الآباء من هذا الموضوع، وهناك من الأهل من يبدي قلقاً وتوتراً حيال هذا الأمر، وفي نظري فإن الطفل يجب ضبط مواعيد نومه قبل شهر عن موعد المدرسة، بحيث يجب تخفيض ساعات السهر تدريجياً، فإذا كان ينام على الساعة الرابعة صباحاً ويصحو على الساعة الثانية ليلاً، فمن المفروض النقص من الجهتين، فالحل يجب أن يتخذ تدريجياً، وإذا لم يتوافر الأهل على وعي كاف بهذه المسألة فإن الأولاد سيلتحقون بالمدارس متعبين ومرهقين جدا، إلى جانب عدم استيعابهم للمراجعات التي تنهجها المدارس بداية السنة الدراسية». الكلمة للأسرة أوضحت المغيربي أن الأسرة هي المسؤولة عن ضبط الأطفال والسيطرة على تصرفاتهم طوال السنة، وليس فقط خلال العطلة الصيفية، بحيث يكون هناك تفاهم بين الأب والأم على ساعات استعمال الأيباد والتلفون، وتخصيص وقت للمشاركة والقيام بأعمال البيت، وقت يخصص لاجتماع الأسرة، للنقاش واللعب والتواصل المباشر والخناق أيضا له إيجابيا، والاحتكاك مع أطفال آخرين. وأضافت «من الأخطاء الشائعة التي يسقط فيها الآباء هو تواجد تلفزيون في كل غرفة أو إتاحة الهاتف النقال والأيباد لكل أفراد الأسرة من دون تحديد مواعيد لذلك، وهذا بالفعل أحدث خللا في العلاقات الاجتماعية، بحيث أصبح الكل غريبا عن الكل، وأغلقت كل نوافذ التواصل المباشر عند بعض العائلات التي تتواجد تحت سقف واحد، وهنا لا ألوم الأطفال، بل ألوم الأهل فهم المسؤولون بالدرجة الأولى، حيث هناك من الآباء من يستسهل الأمور، أو يريد التخلص من مشاكل الأطفال فيتركهم مع هذه الأجهزة». وتابعت: «من هذا الباب أقول إنه على الآباء استدراك الأمور ومحاولة الرجوع إلى المعدل الطبيعي لتطبيق القوانين بصرامة، ليعرف الأبناء أن الآباء جادين، بحيث يفرض نظام في البيت وتحدد ساعات استعمالات هذه الأجهزة، واتخاذها وسيلة للعقاب كالحرمان في أوقات معينة من دون التراجع عن هذا القرار تحت الضغط، بحيث إذا اتفق الأب والأم على أسبوع أو ثلاثة أيام، لا يجب تراجع طرف منهم مهما كانت الظروف، لأن الطفل ذكي ويختبر أهله، ويبحث عن نقاط ضعفهم دائما ويستغلها، لهذا يجب أن تكون هناك آلية لضبط الأطفال وتعليمهم النظام في البيت ورسم خطوط حمراء لا يجب تجاوزها». بناء الثقة قالت الدكتورة فدوى المغيربي، أخصائية علم نفس بيولوجي، وعلم أعصاب سلوكي إنه لا يجب حرمان الطفل من متع الحياة، لكن بحدود ومقياس. وأضافت: «يتعرض الأهل أحياناً لضغوط من طرف أبنائهم، بحيث يحاكون أصدقائهم وأبناء عمومتهم، ويقولون إن الجميع يملك هذه الأدوات باستثنائهم، وفي جانب آخر هناك من الأهل من يتباهون من خلال توفير الأجهزة المتطورة ووضعها بين أيدي أبنائهم، وهذا بالطبع يضر بهم إلى درجة كبيرة، وهنا يجب على أولياء الأمور أن يكونوا واعين بطريقة محاورة أبنائهم وإقناعهم بعدم الانسياق وراء هذه المغريات، وإظهار مساوئ استعمالها المتكرر، وأنه يجب أن يكونوا نموذجا جيدا، كما يجب أن نبني ثقة بيننا وبين أبنائنا، بحيث إذا استعمل هذه الأجهزة يتجنب المشاهد الخليعة والتي يمكن أن تؤثر عليه نفسياً وأخلاقياً، وهذا ليس بالأمر الهين، حيث يلزمه جهد وحوار وتفاهم، إذ أعلمهم أن يحترموا رأيي ولا يخافون مني، وذلك لن يتم إلا بالنقاش البسيط والعميق في آن واحد، وربما تكون هذه هي الحلقة الأساسية في الموضوع لأن أغلب الآباء لا ينصتون لاحتياجات أبنائهم، ولا يملؤون فراغهم ولا يجيبون عن أسئلتهم، وغير واعين بالتحولات التي تحيط بهم، وإذا تم تأسيس الأولاد التأسيس الصحيح فإنه يمكن الغياب وأنا مرتاح البال ولا أخاف عليهم بعد أن أسسنا علاقة مبنية على الثقة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©