الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلانات تسهم في صنع مجتمع استهلاكي

الإعلانات تسهم في صنع مجتمع استهلاكي
3 سبتمبر 2011 23:14
دراسة ميدانية، أجراها باحث مواطن، تؤكد أن الجمهور متفق على أن الإعلانات تسهم في زيادة الاستهلاك، وأن النساء أكثر فئات المجتمع اهتماماً بالإعلان، وأن 50 في المائة من أفراد العينة لا يوافقون على أن الإعلان يقدم رسالة اجتماعية أو ثقافية أو فكرية، و52 في المائة يطالبون بوضع رقابة على الإعلان، إلا أن الدراسة أظهرت أن الإعلان وسيلة لتوحيد نسق السلعة والاستعراض وهو ينتج السلعة كما ينتج العمل، كما أنه ضروري للمستهلكين لتحديد ما يناسبهم. الوسائل التي تضع الأفكار من أجل محاربة الاستهلاك عن طريق البرامج التثقيفية والتحقيقات الصحفية والبرامج الإذاعية، هي ذاتها الوسائل التي تكرس لثقافة الاستهلاك لدي أفراد المجتمع، ويعتبر الإعلان أحد وسائل الاتصال غير المباشر أو ما يسمى بالاتصال الجماهيري، ويظن الكثير من الناس خطأ أن الإعلان قد ارتبط بالثورة الصناعية، والواقع أن الإنسان عرف الإعلان قبل مجيء الإسلام، منذ أن تعلم المقايضة كوسيلة لاستبدال فائض ما لديه من منتجات مع ما يحتاج من منتجات الآخرين. دور سلبي تركز النقد الموجه للإعلان خلال عقدين أو ثلاثة حول تعبيرات مثل تعبئة وتلاعب وغسيل مخ وغيره من التهكمات، وكل تلك الآراء عبارة عن نظريات تعكس الدور السلبي الذي تقوم به المؤسسة الإعلانية وينجم عن تلك الرؤية مفهوم تقصي للإعلان قد يصل في نظر البعض إلى حد الوعظ، بحيث يميز بين الإعلان الجيد والإعلان السيئ، وبين حسن استخدام وسوء استخدام تقنيات الإعلان. في هذا السياق، أجرى عبدالرحيم الحمادي، الحاصل على الماجستير في التدبير الإداري، وهو ملازم أول رئيس قسم تطوير الشراكات في إدارة الشراكات بالقيادة العامة لشرطة دبي، بحثا عن دور الإعلان في زيادة الاستهلاك لدي أفراد المجتمع، وقام من خلال هذا البحث بعمل استمارة وزعت على عينة عشوائية من مختلف شرائح المجتمع سواء كانوا إناثا أو ذكورا وموظفين أو أصحاب أعمال حرة. وعن أسباب اختياره لهذا الموضوع، قال الحمادي إن وسائل الإعلام تطالب من خلال برامجها أو صفحاتها بصنع مجتمع غير استهلاكي، وذات الوسائل تقدم الإعلانات بكثافة وبشكل مغر من أجل جذب المستهلك للمزيد من الاستهلاك، ولا يهم أن تذهب أصوات الدعاة أدراج الرياح من أجل المكسب المادي، وهناك شبه اتفاق على أن الإعلان التجاري وعلى اختلاف وسائله سواء كان تلفزيوني أو غيره من وسائل الإعلان، قد يؤدي إلى زيادة الاستهلاك في السلعة المعلن عنها لدى أفراد المجتمع، أي أن اتجاه العلاقة بين الإعلان والطلب واضح، والإعلان حاليا انطلق ليصبح أحد أهم مرتكزات العولمة، وتكفي عشرون ثانية فقط على شاشة التلفزيون، أن تكشف بسهولة عن حقيقة مجتمع بأكمله من حيث ذوقه وعاداته ونمط استهلاكه. وعن الأهداف التي من أجلها اختار موضوع البحث، قال الحمادي إنه أحب تعريف المستهلك بأهمية الإعلان وبخطورته في آن واحد، فالإعلان هو جزء لا يتجزأ من نظام الإنتاج والتسويق للسلع، وهذا النمط من الإعلام يفيد اقتصاديات الإنتاج، فهو ضروري للمستهلكين حتى يتمكنوا من تحديد ما يناسبهم من الاختيارات المعروضة عليهم، كما أنه وسيله لتمويل وسائل الإعلام، إلا أن كثيراً من الدول الأوروبية وضعت قرارات وزارية وقوانين لحماية وتثقيف المستهلك من خطورة بعض الإعلانات. من خلال البحث حاول الإطلاع على بعض النظريات الاقتصادية لمعرفة آثار الإعلان على المستهلك، سواء إن كانت الآثار إيجابية أو سلبية، غير أن كثير من الناس وخاصة الاقتصاديين يرون أن الإعلان يعمل على تكوين الاحتكارات ويمنع المنافسة بين الأسعار ويضع العراقيل أمام دخول منافسين جدد إلى الأسواق، كما يرفع التكلفة وقد يدعي فروقا كاذبة بين السلع بإبراز الاختلافات الطفيفة أو الخيالية بينها ويعمل على تضخيمها. حول مشكلة البحث ومنهجيته، قال الحمادي إنه يمكن معرفة ذلك من خلال مدى تأثير درجة زيادة الطلب على السلعة بتكرار الرسالة الإعلانية، ويعتبر التلفزيون من أهم وسائل الإعلام، والدليل على ذلك ارتفاع نسبة الإنفاق على الإعلان التلفزيوني مقارنة بالإنفاق على الوسائل الإعلانية والترويجية الأخرى، وإن زيادة فشل بيع أو استهلاك المنتجات الجديدة يؤدي إلى زيادة الرسالة الإعلانية وذلك لجذب انتباه المستهلك إليها والتحايل عليه. ومن خلال بحث الحمادي تبين أن بعض الباحثون وجدوا أن تكرار الرسالة الإعلانية يعمل على نقل المستهلك عبر المراحل المختلفة لهيكل التأثير المتدرج للرسالة، بينما يرى آخرون أن تكرار الرسالة الإعلانية يؤدي إلى الملل، وأن كثرة عدد مرات التعرض للإعلان يؤدي إلى حدوث ما يعرف بظاهرة الإهلاك، التي تعني انخفاض فاعلية الإعلان نتيجة لكثرة عدد مرات التعرض للإعلان الواحد، كما أن الأساليب والوسائل التي يستخدمها الإعلان لزيادة الطلب على الاستهلاك كان لابد من البحث عنها، وقد اتضح أن السلوك الاستهلاكي للفرد يتأثر بالعديد من المتغيرات، ومنها رغباته ودوافعه وحاجته إلى الإشباع وكذلك القيم والمعايير الاجتماعية السائدة، وأيضا يتأثر الاستهلاك لدى الفرد بمستوى الدخل والأسعار، وخصائص السلعة التي يحتاج إليها وأيضا اللحظة التي يتم فيها اتخاذ القرار بشراء السلعة. وأوضح الحمادي أن كل تلك المتغيرات تجعل المستهلك في حركة دائبة وسعي مستمر لتحقيق التوازن بين مستوى الإشباع المطلوب والمستوى الفعلي للإشباع، وفي هذه المنطقة الممتدة بين هذين المستويين يقوم الإعلان بدوره في التأثير على طلب السلعة أو زيادة الطلب عليها، حيث تختلف الجهود الإعلانية التي يبذلها المعلن لزيادة الطلب على الاستهلاك. ومن خلال الدراسة على عينة عشوائية، ذكر الحمادي أن أفراد العينة تتراوح أعمارهم من 18 إلى 50 سنة باختلاف مستوياتهم التعليمية، وقد أوضح جدول الإجابة على سؤال: ما رأيك بالإعلانات التي تعرض على شاشات التلفزيون اليوم؟ أن نسبة اثنين في المائة من أفراد العينة يرون أن الإعلانات التي تعرض مناسبة، وعشرون في المائة يرونها غير مناسبة، و77 في المائة يرونها مناسبة في بعض الأحيان. وبالنسبة للسؤال الثاني وهو: هل تتأثر درجة زيادة السلعة بتكرار الرسالة الإعلانية؟ وافقت نسبة ثلاثون في المائة من أفراد العينة على أن الإعلانات تؤثر على درجة زيادة السلعة بتكرار الرسالة الإعلانية، وستون في المائة يوافقون على ذلك على حد ما، وعشرة في المائة لا توافق على تأثير الإعلانات على درجة زيادة طلب السلعة بتكرار الرسالة الإعلانية. ويرى 57 في المائة إن الإعلان يختلف باختلاف المستوى الاقتصادي لأفراد المجتمع، بينما يرى البعض الآخر ونسبتهم 32 في المائة أن الاختلاف ليس في كل الأوقات وإنما يكون إلى حد ما، بينما ترى النسبة الأخيرة أن الإعلان يختلف باختلاف المستوى الاقتصادي للمجتمع، وبالنسبة لأكثر فئات المجتمع اهتماماً بالإعلان كشفت الاستبانة، عن أن النساء هن أكثر فئات المجتمع اهتماما بالإعلان، فقد جاء أن نسبة الأطفال والشباب هما الأقل حيث تبلغ 10 في المائة للشباب، و10 في المائة للأطفال، بينما الرجال 5 في المائة والنساء 75 في المائة من أفراد العينة. قال الحمادي إن النتائج بالنسبة لما يتعلق بسؤال: هل توافق على الفكرة القائلة إن الإعلان يقدم رسالة اجتماعية وثقافية وفكرية؟ جاءت إجابة 50 في المائة بلا أوافق و45 أوافق على حد ما وخمسة في المائة وافقوا، كما طالب 52 في المائة بوضع رقابة على الإعلانات، وبالنسبة لسؤال حول الطرق التي تحد من مخاطر الإعلان في مجتمعاتنا العربية، فإن 25 في المائة طالبوا بالتمسك بالدين والعادات والتقاليد العربية، و10 في المائة طالبت بإبعاد الأطفال والنساء عن الإعلانات، و10 في المائة يرون أن الابتعاد عن النظرة المادية والإسراف هو وسيلة للحد من مخاطر الإعلانات، ويرى 2.5 في المائة أن وعي الجمهور هو الفيصل. وعند سؤاله عما إذا كان للمؤسسة الإعلانية أدوار إيجابية؟ قال الحمادي إن سوء استخدام تقنيات الإعلان، كان السبب في النقد الموجه للإعلان كما إن هناك قصور فعلي لفهم طبيعة الإعلان كجهاز من شأنه أن ينظم أكثر نمط الاتصال التكنولوجي الحديث، إذ إن الإعلان فضلاً عن كونه جيداً أو غير جيد، فهو وسيلة لتوحيد نسق السلعة والاستعراض، فهو ينتج السلعة كما ينتج العمل المخصص للعرض وينتج العمل المخصص للعرض كما ينتج السلعة. وأضاف «كلنا يعرف أن الإعلان ضروري للمستهلكين حتى يتمكنوا من تحديد ما يناسبهم من الاختيارات المعروضة عليهم، فضلاً عن أن ذلك يساعد الإعلان من خلال ترويجه للسلع على استقرار العمل والعمالة، وهو يمثل القاعدة التي تتم على أساسها المنافسة في الأسواق، ناهيك على أنه يدفع إلى التطور والتجديد ويسهل مسألة التزود بالسلع والخدمات بأسعار منخفضة، كما تعتبر الإعلانات المساهمة الرئيسية في تمويل وسائل الإعلام». وأوضح الحمادي أن هناك الكثير من البحوث والدراسات التي تم طرحها في الساحة لمعرفة أثر الإعلان على المستهلك والاستهلاك في الاتجاهين السلبي والإيجابي، وتلك الدراسات ترى أن بعض القيم التي تعكسها الإعلانات التلفزيونية خاصة في العالم العربي أصبحت إحدى مظاهر التلوث السمعي والبصري والثقافي وتؤثر على القيم، حيث يغلب على الرواج الإعلاني العشوائية وإشاعة روح المقامرة وحب التواكل على حساب قيم العمل والاجتهاد خصوصا البرامج الإعلانية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©