الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وقائع سنة 1911

وقائع سنة 1911
23 أغسطس 2012
تأخر صدور هذا الكتاب عدة شهور، فقد كان من المفترض ان يصدر في العام المئوي لمولد نجيب محفوظ 11 ديسمبر 2011، وذلك انه في عام 2010 قررت وزارة الثقافة المصرية ان يكون عام 2011، عام نجيب محفوظ، احتفالا بمرور قرن على مولده.. لكن حالت ظروف ثورة يناير 2011 من دون الاحتفال، فتعطلت أشياء كثيرة وتوقفت خطط كانت موضوعة ومن بينها افتتاح متحف نجيب محفوظ في حي الحسين، حيث ولد. لكن تحققت بعض الأشياء ومن بينها صدور هذا الكتاب “مصر في عام مولده” وهو صغير الحجم، لكنه مليء بالوثائق والصور المهمة لأحداث مصر عام 1911. عام المقاومة عام 1911 كانت مصر خديوية، يحكمها الخديو عباس حلمي وحاول عباس حلمي مقاومة الاحتلال البريطاني في السنوات الأولى من حكمه، لكنه في عام 1911 كان الانجليز قد تمكنوا من تطويعه وانهاكه، وكانت الحركة الوطنية تسعى للتخلص من الاحتلال، بقيادة الحزب الوطني، وكان الزعيم محمد فريد هو الذي يتولى رئاسته آنذاك خلفا لمصطفى كامل الزعيم المؤسس للحزب، وفي ذلك العام حكم على محمد فريد بالسجن 6 شهور قضاها كاملة، كان فريد قد وضع مقدمة لديوان الشيخ علي الغاياتي “وطنيتي” الذي امتلأ هجوما على الانجليز المحتلين لمصر، وعلى من يساندهم من المصريين، كان الغاياتي عضوا في الحزب الوطني، وفي مقدمته اشاد محمد فريد بالديوان وصاحبه، داعيا القراء للتأثر بما جاء فيه، فقدم الى المحاكمة وكانت التهمة “تحسين كتاب وطنيتي” وكان الإنجليز والخديو يتربصون بالحزب وزعيمه وانتهى الأمر بنفي فريد خارج مصر. وفي العام نفسه انتقل الى العالم الآخر الزعيم احمد عرابي، وكانت صورته سلبية تماما حين وفاته، ذلك ان الحزب الوطني منذ ان تأسس اتهم عرابي بانه كان السبب في احتلال بريطانيا لمصر، وهوجم عرابي بضراوة، حتى يوم وفاته، فقد نعته جريدة “الأهرام” بانه “جر على مصر الاحتلال وعلى السودان الشراكة الانجليزية، وجعل شرق أفريقيا ووسطها نهبا بين الدول والأمم بعد ان كان خالصا لمصر”. وقالت الأهرام كذلك “ذهب العرابيون وذهب اليوم عرابي تاركين لأمتهم الحسرة ولجميع الأمم عامة ولأمتهم أيضا العظة والعبرة”. وفي العام نفسه وعلى ظهر بارجة انجليزية وصل في سبتمبر الى الاسكندرية المعتمد البريطاني الجديد لورد كيتشنر، وعندما وصل حيته المدفعية الانجليزية باطلاق 21 طلقة، وردت عليها الطوابي المصرية بعدد مماثل من الطلقات احتفاء بالتعاون الجديد، نفس الطوابي التي بناها عرابي والتي قاومت الانجليز ببسالة في عام 1882 وتمكنت من عرقلة دخول الانجليز الاسكندرية فترة. وفي عام 1911 كان سعد زغلول ناظرا للحقانية ـ وزير العدل ـ وكان بطرس غالي ناظر النظار وقام ابراهيم الورداني باغتياله بسبب تحمس غالي لمشروع مد امتياز قناة السويس اربعين سنة اضافية وحدث بعدها المؤتمر القبطي الأول. شيخ العروبة ومن الناحية الثقافية خلا منصب مدير دار الكتب الخديوية باستقالة مديرها الالماني د. موريتز، وكان هذا المنصب يتولاه دائما احد المستشرقين الالمان، وكان الانجليز يسعون للاطاحة بهم، وان يشغله انجليزي، لكن الصحف المصرية كانت تطالب بأن يتولاه مصري، ورشحت الصحف المصرية د.احمد زكي باشا “شيخ العروبة” لهذا المنصب، وظلت المناورات مستمرة بين الالمان والانجليز، وفي النهاية اتفقت الحكومة المصرية مع الانجليز على تحديد اختصاصات صاحب المنصب بأن يشكل مجلسا أعلى لدار الكتب يضع سياسة عملها ويكون رئيس الدار ملزما بتطبيق هذه السياسية ويخضع لرقابة المجلس وتم تشكيل مجلس ضم في عضويته د.احمد زكي باشا وبعدها تم تعيين المستشرق الالماني د. شان مديرا للدار ومن خلال المجلس الأعلى تم بقرار من مجلس الوزراء تعيين شاعر النيل حافظ ابراهيم مديرا بالدار في السنة نفسها، حيث شغل موقع رئيس القسم الأدبي بالدار. نشر التعليم وفي ذلك العام قررت وزارة المعارف كتاب كليلة ودمنة على طلاب المدارس، وكانت الحالة الثقافية في ازدهار واصدر محمد كامل البتانوني بك كتابه المهم عن رحلته الحجازية لأداء فريضة الحج مرافقا للخديو عباس حلمي، واصدر جورجي زيدان الجزء الثاني من كتابه “تاريخ مشاهير الشرق” وكانت المدارس في ازدهار والتعليم ينتشر، رغم ان الاحتلال الانجليزي ألغى مجانية التعليم، وكانت الجامعة المصرية تستعد لافتتاح المزيد من الكليات. ولعب محمد فريد والحزب الوطني دورا مهما في نشر التعليم فقد أسس المدارس الليلية لأبناء البلد ممن لم يتمكنوا من دخول المدارس أو فاتتهم السن وكان طلاب الجامعة المصرية يقومون بالتدريس في هذه المدارس، وقد اتسعت ونجحت نجاحا كبيرا. واهم ما في هذا العام ان الجامعة المصرية أعلنت عن بعثة تعليمية لأوروبا، ايطاليا تحديدا تضم ثلاثة أطفال، اشترط ان يكونوا من المصريين وان لا تقل السن عن 8 سنوات ولا تتجاوز عشر سنوات وان يظلوا في أوروبا الى ان يكتمل تعليمهم ويعودوا للتدريس بالجامعة، وكان المطلوب من ولي أمر الطفل ان يدفع مبلغا قيمته خمسة قروش. وكان المسرح يتجه الى الازدهار وكذلك افلام السينما، فضلا عن عروض دار الاوبرا الخديوية، وبينما كانت عروض الاوبرا مثالا للرصانة الفنية، اخذت عروض المسرح مثل مسرح سلامة حجازي تشهد بعض التجاوزات لذا فرضت الرقابة في ذلك العام، حيث أصدرت وزارة الداخلية لائحة التياترات وارسل هارف باشا ـ انجليزي ـ مسؤول الأمن منشورا دوريا الى مأموري الأقسام يطالبهم فيه الأشراف بدقة على ما يعرض في صالات “السينما توغراف” وضرورة الإبلاغ عن أي عرض يتجاوز الأخلاق والآداب العامة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©