الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكراهية والبغضاء والتقنيات الحديثة

3 سبتمبر 2011 23:17
كما كل شيء، ليس كل استخدام لوسائل الاتصال الحديثة والإعلام الاجتماعي مفيدا، خاصة عندما تكون النفوس مشحونة ببغضاء أو كراهية مكنونة، و«محرومة» من قنوات مناسبة لتصريف ما يُخبّأ وراءها من أطر تسهل معالجتها في مهدها وإصلاح ما تخفى من أسباب عامة. وبالعكس؛ يمكن في حالات معينة أن تنقلب البغضاء أو الكراهية وهي عند درجات غير خطرة إلى فوائد تقي المجتمعات الشرور وتمنع انتقالها إلى عنف. ويمكن ذلك إذا تم التصدي لها عبر فرصة لتعويض إصلاح فات، أو إحداث تطوير آن أوانه. معنى هذا أن إمكانية تحويل السلبي إلى الإيجابي هي رهن توقف التعبير عن الكراهية أو البغضاء عند مستواه السلمي، وبحيث يمكن معالجتها بمبادرات خلاقة تدريجياً عبر سياسات وإجراءات متكاملة قبل أن تنمو إلى أمراض مستعصية. ولا شك في أن ثمن المواكبة المتأخرة باهظ للغاية، حتى في الدول الأكثر ديمقراطية، وهي تزيد الطين بلة وتشعر أنصار الكراهية بالقوة والسلطة وبالسعي للحصول على مزيد من «المكتسبات». ولأنها على هذا القدر من الخطورة فإن تقنيات التعبير المتطورة جدا والإعلام الاجتماعي الحديث بمختلف قنواته، باتت تتطلب رؤية متماسكة تُبنى عليها استراتيجيات واضحة ومتعددة الجوانب (التربوية والاجتماعية والاقتصادية) والمراحل. فما حصل ويحصل في العالم في هذه الفترة من ظواهر مستجدة من الكراهية البغضاء، وتأكد من خلاله أن تقنيات التواصل «الشعبية» المتطورة كانت أدوات فاعلة يحتم على المعنيين من مختلف المستويات، الرسمية والمدنية والثقافية، الانتقال من النظرة الجزئية والإجراءات العشوائية والتوجه سريعا نحو البحث عن معالجات كلية وأطر واضحة تتشارك فيها مختلف قطاعات المسؤولية في الدولة والمجتمع. الكلام هنا يتصل بحالتين حديثتين ذات علاقة أكثر بأحداث كراهية أو عنصرية مفاجئة للعالم مثل مجزرة النرويج والخلفيات العنصرية لمرتكبها، وتستدعيان التوقف عندهما والانتباه لهما كتجارب والاستفادة منهما بما يناسب حالة كل مجتمع وبلد. الحالة الأولى تتمثل بسحب إحدى ماركات مواد التجميل العالمية (نيفيا) إعلانا من الأسواق الأميركية إثر حملة احتجاجات على موقع تويتر وموقع الشركة نفسها لأن الإعلان أُعتبر عنصريا وهو يصوّر شابا رياضيا وسيما أسود البشرة وقد خلع عن وجهه قناعا بلون بشرته السمراء الأفريقية ليبين فعالية مسحوق جديد يُبيّض البشرة مع شعار استفزازي يدعو إلى «التحضر مجددا». والحالة الثانية تتعلق بتكاثر مواقع وصفحات ومدونات الكراهية والعنصرية في السويد، وفق تقرير أعدته جهة مختصة بناء على طلب حكومتها إلى نحو الضعفين (من ثمانية آلاف عام 2009 إلى نحو 15 ألفا اليوم). ربط الحالتين يشير إلى أن «العنصرية» الناعمة كان يمكن أن تتفاعل وتنتشر كالنار في الهشيم لو لم تسحب «نيفيا» إعلانها سريعا في حين أن عدم الانتباه لمنسوب الكراهية العنصرية في الإنترنت قبل سنتين أدى إلى ارتفاعه بشكل حاد ومقلق حتى في دولة معروفة بالتسامح والرخاء. Barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©