الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشروعية الخطاب السردي

مشروعية الخطاب السردي
23 أغسطس 2012
يحاول الناقد زيد الشهيد في كتابه الجديد “من الأدب الروائي” دراسة وتحليل بيان اكتساب الخطاب الروائي لمشروعيته لكونه إيجاداً خلقياً تضافرت في بنائه وتواشجت عُرى الذاتية بالموضوعية، مثلما تكرست فيه التفاصيل اليومية مع الانعطافات التاريخية اعتماداً على لغة يُستخلص من ثنايا أدواتها الفاعلة فيوظف السرد؛ ويستحث الوصف؛ ويُستعان بالبلاغة عبر الجناس والطباق والتشبيه والاستعارة.. تناول المؤلف في “الخطاب الروائي ومشروعيته” أن الدخول إلى مملكة الرواية والتجول في دروبها ومنعطفاتها والتحرّي عن أصولها يرسينا على معرفة أنها جنس أدبي لم ينبثق من فراغ وليس تداولها هو مَن خلق المُخيلّة الغربية، إنما جاءت من رَحِم الملحمة. وأضاف زيد قائلاً: لقد نحا الروائيون بفعل اتساع رقعة الرواية وتأثيرها صوب مناح متفاوتة في الاستخدام والتوجّه، حتّمتها الحاجة إلى التعبير تارة، وتارة أخرى الخروج عن المألوف. ويؤكد ذلك قائلاً: فبعد أن كانت الرواية حتى القرن الثامن عشر تعتبر جنساً أدبياً وضيعاً، أي “مقروءات” مُسليّة، وهذه النظرة إلى الرواية ـ عدا دون كيخوتة بالطبع ـ كانت في جملتها على صواب؛ ذلك أن مشكلات الوجود السامية كانت تُعالج في الشعر الغنائي والملحمة الشعرية، والتراجيديا، بل في الكوميديا. قدّم الشهيد ضمن القسم الأول ستة مباحث هي على التوالي: بيدرو بارامو، سيليا أو موت في ريعان الشباب، حبّة قمح، بحر ساركاسو، زَبَد الحديد، وكل شيء هادئ في الميدان الغربي. فعرض أولاً “زمن الرواية الصعب.. شبكة السرد المُعقّد” بيدرو بارامو للكاتب المكسيكي خوان رولفو”، الذي درس الرواية من كل زوايا التقنية والفنية، التي يرى فيها أنها تستوقفه هذه الرؤية وهو ينتقل شغيفاً من مرفأ نثري إرهاصي لمرفأ آخر قادم أو ماضٍ تحتشد ما وراء سوره بوادر وبواكير نهوض رؤيوي يُؤرّخ هموماً إنسانية تقدّم جزئياتها مشهداً بانورامياً مؤثثة له هدفاً وحافرة تاريخاً على صفحات المسار الصاعد لتخوم اللا انتهاء الإنساني. ثم تناول رواية “نوبل والرسو الجميل.. الحنين إلى الرومانسية، الوقوف عند المنعطفات” للفنلندي سيلانا” سيلينا أو موت في ريعان الشباب”، حيث ذكر أن مترجم الرواية صرف عامين من القراءة المتأنية حتى شعر أنه بات قادراً على التفاعل مع هذه الرواية والتعاطف مع مؤلفها، مع تركيزه فيها على سردية الأحداث وفحوى الخطاب، وللطبيعة ومثار البُعد الرومانسي لهذه الرواية. أما رواية “حبة قمح.. التعبير الأفريقي للرفض” لجيمس نغوفي، والتي هي رواية أفريقية بالصميم، من حيث الشخوص والأماكن والأحداث، متوقفاً عند الثورة والرمز، ولثيمة الخطاب.. كوميديا الألم، ومرارة السخرية، والاستقلال.. خسارة مَن وقفوا مناهضين، واختتم الشهيد نظرته النقدية إلى بناء الهندسة الروائية.. التكنيك. إثر ذلك قدم مؤلف الكتاب وقفة عند رواية “بحر ساركاسو الواسع” للكاتبة الدومنيكية جين ريز تحت عنوان “الخطاب الروائي المحلي في مختبر الهمّ الإنساني”، موضحاً فيها للمنحى والاتجاه في الرواية، حيث اتخذ الجانب النفسي في الرحيل السردي لهذه الرواية منحاً لاتجاهها وإن هي استعانت بجوانب القصّ والتفصيل اليومي للحياة، استعراضاً للشخوص وتدويراً للأحداث. وعرض زيد الشهيد لرواية الروسي إيفان أوخانوف “زبد الحديد” في “التحليق الشعري.. وضوع الواقعية في الخطاب الروائي”، مفككاً لبنية الرواية، وللحدث.. المعادل الموضوعي، والمواطنة وفعل السلوك الإنساني. أما رواية “كل شيء هادئ في الميدان الغربي” للألماني أريش ريماك” فجاء تحت عنوان تحت أعقاب الوهم والخديعة” حيث ينقلنا الروائي الألماني على جناح الكلمات إلى زمن الحرب العالمية الأولى، وإلى واحدة من الجبهات التي فتحتها الأطماع الألمانية للتوسع، كي يصور لنا بشاعة الحرب، وهوس تجارها في إطالة وتوسيع أمدها. وفي القسم الثاني درس المؤلف ثلاث عشرة رواية، بدأها برواية “دابادا” للعراقي حسن مطلك، حيث قدم فيها سيرة قرائية.. والرحيل على كف الدهشة، متناولاً التعطّر بالشِّعرية، والعنوان تفكيك بنيوي، والرواية الفحول، والشِّعرية والمرتكزات، وهندسة الاشتغال، والرواية الموضوع. ولرواية الليبي أحمد إبراهيم الفقيه الموسومة “حقول الرماد”، فقدّم لحيثيات الاشتغال في مألوفية الأجواء، وحقول الرماد اشتغال روائي أول، وصانع الخطاب والصراع الجمعي، والفقيه التجربة الروائية الأولى، أعقبها بتناول رواية “الغور في مرارة السخرية” للفلسطيني إميل حبيبي، عارضاً للمتسائل... هندسة البناء، والرمز... الشفرة، وحين يكون السرد عالياً والموضوع مألوفاً. وتناول رواية “عابر سرير” للجزائرية أحلام مستغانمي عبر “التداعيات وفصول العشق، ثم لرواية “مستعمرة المياه” للعراقي جاسم عاصي في توظيف الأسطورة في خدمة السرد وتبعيث صدق الرؤيا، ولمكان ومدلولات هذه الرواية. كما توقف الشهيد عند رواية السورية كلاديس مطر”ثورة المخمل” ضمن السرد النسوي المعالجات والأمل، التواري خلف الرمز لصياغة التاريخ، رواية القضم، أما رواية “الضوء الأزرق” فجاءت بعنوان “السيرة الذاتية وفعل الضياع” للفلسطيني حسين البرغوثي، وللعُماني حسن اللواتي في روايته “رحلة البحث عن الذات” الشذوذ الجنسي.. دخول في نسيج الرواية العربية، ولرواية العُماني محمّد العريمي “حزّ القيد” حين يكون السرد عالياً والموضع مألوفاً، أعقب ذلك بتناوله لرواية العراقي أحمد محمّد امين “وطن السُنبلة” سيرة ذاتية أم رواية تقريرية، وحول “اختزال السرد... وتبئير القصّ جاءت دراسة المؤلف لرواية “تفاح المجانين” للفلسطيني يحيى يخلف، وختم المؤلف هذا القسم والكتاب برواية ثانية للعراقي حسن مطلك “قوة الضحك في أورا” العمى في النصّ والبصيرة في القراءة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©